ويل للشاب مما ينشر على حبل غسيل , فكيف بدمية يراها مقاسًا لجسم الفتاة الرشيق ؟ يراها في تلك المحلات فيزيغ منه البصر , وتثور فيه غريزته , فإذا ارتدَّ إليه طرفه علم أنه أمام الجمال المتخيَّل دون أن يجد في قبضة يده منه شيئًا .
قلما يكون للمانيكان كثير اهتمام عند كبيرات السن لعلمهن بالمقاسات , أما الفتاة فهي أحوج إلى هذه الدمية , إنها لا تطمئن لما تشتريه حتى يكون مكسيًّا على المانيكان , إنها ترى فيه جسمها , والشاب يرى الروح ستبعث فيه إن أطال فيه النظر .
المشاغل النسائية تعج بالمانيكان , وتعكف على أخذ المقاسات عنه , وتحرص على أن تكون مقاسات الفتيات عليه , والشاب يعلم أن المانيكان مثير تفكيره , ومحفز فضوله , فإن دخل إلى سوق نراه يلتفت يمنة ويسرة علَّة يجد تلك الدمية .
لقد أصبح المانيكان مقاسًا للفتيات ليس بذات المقاس من حيث طوله وعرضه , وإنما نجد الفتاة تقصر عنه قليلاً وغالبًا ما تكون أكبر منه , فمقاسها ليس كمثله , وإنما أطول منه بكذا , أو أقصر منه بكذا , ولم نجد حتى اليوم فتاة من فتيات القصيم من يكون المانيكان كمثل جسمها طبق الأصل .
كثير من الشباب يحسبون أن مقاس المانيكان هو مقاس كل الفتيات , وما علم أن فتياتنا لا يصلن إلى ذلك المقاس الجمالي , وإنما هنَّ يحمن حوله من غير تشبيه من قريب ولا من بعيد , بل إن الغيرة تشتعل في قلوبهن على تلك الدمية ومقاسها الأخاذ , ولو كان فيها روحًا لقطعنها إربًا إربًا , والشاب لا يُدرك أنه مخدوع بالمانيكان حين ظنَّ أنه صورة طبق الأصل لفتياتنا .