بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » البنية الإيمانية ..... نحو إيمان راسخ

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 25-10-2007, 12:42 PM   #1
ثائر بن ثائر
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
المشاركات: 63
البنية الإيمانية ..... نحو إيمان راسخ

البنية الإيمانية .... نحو إيمان راسخ

إذا نظرنا إلى النفس البشرية نظرة شمولية لجميع مكوناتها ، فاحصة عن دقائقها ومكنوناتها وجدنا أن ثمة جملة من المقامات مستقرة في سائر النفوس هي من قبيل المشترك الإنساني ، وهي ما تقتضيه وتطلبه النفس البشرية بفطرتها التي فطرها خالقها – سبحانه وتعالى – عليها ، فلا يتصور أن تستقر نفس وتحيى سوية بدون إشباع رغبتها وحاجتها من هذه المقامات التي أصبحت جزءا من حياة النفس وعاملا في استقرارها .

ومن أخص مقامات الفطرة الإنسانية ظهورا مقام التعبد والتذلل لله – جل وعلا – وإشباع النفس بحديث روحي ينتج قدر من الاستقرار والطمأنينة والسعادة البشرية ، ووجه خصوص هذا المقام هو ما أخذه الباري – جل جلاله – على عموم البشرية من لدن آدم – عليه السلام – إلى آخرهم موتا من ميثاق الاعتراف الفطري بربوبية المولى – جل وعلا – فأصبح هذا الاعتراف جزءا من حياة النفس ومكوناتها ، بل أنت ترى أن هذا المقام قد استوت فيه سائر المخلوقات حيوانها وجمادها ، وبرهان ذلك قوله سبحانه ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ).

من هذه المقدمة التي هي من قبيل القدر المشترك نخلص إلى نتيجة مفادها : أن بناء الذات بناءا إيمانيا هو من صميم ما تطلبه الفطرة الإنسانية وتشبع به رغباتها ، ، فكيف إذا كانت هذه الشريعة الخاتمة قد راعت هذا المقام من البناء في جملة من السياقات والموارد ، فتجد ذلك ظاهرا في جملة من العبادات العملية والقلبية ، وسياق ما مضى من سير الأنبياء مع أممهم ، وسياق الترغيب برحمة الله – جل جلاله – وما أعده لعباده الصلحين من الجنات والنعيم ، وسياق الترهيب من سخطه وعذابه ، مما يتحصل من ذلك أن بناء الذات بناءا إيمانيا يأتي في مقدمة ما يقصده الشارع الحكيم تحققه في العباد ، وهو مع ذلك مما لا غنى للنفس عنه في حياتها فمن رحمة الله – سبحانه – بعباده أن جعل التزود منه وارتقاء النفس به أمرا سهلا ميسورا للإنسان في سائر أحواله ، وهذا ظاهر فيما ينتج من عبادة التفكر والخوف والرجاء والحب والرغبة والرهبة والذكر – بجميع أنواعه – وغير ذلك الكثير من رقي إيماني يرسخ في النفس فتسمو بذلك أخلاقها ويزداد يقينها وتحيى طمأنينة ربانية تزيل ركام الهموم والحيرة وتلج منها إلى جنة الدنيا .

وبالنظر إلى واقع أمتنا وما تعايشه من حرب عشواء أتت على مختلف الوسائل قاصدة إحداث الخواء الإيماني الذي بوجوده يكتسب المرء المسلم مجانبة الفتن الأخلاقية واعتزازه بقيم دينه وثوابته ، فما نراه في عالمنا الإسلامي من إشاعة للرذيلة وتسويق لها في مختلف الوسائل سواء كانت في القنوات الفضائية – مرئيها ومسموعها ومقروئها – أو نشر لثقافة الاختلاط ونزع الحجاب من المرأة المسلمة وإخراجها من بيتها بكامل زينتها الفاتنة أو ظهورا لما هو دخيل على الفطرة البشرية من شذوذ جنسي تترفع عنه الحيوانات بأسرها ، وكذلك ما نراه على مستوى مثقفي هذه الأمة ومفكريها من ضعف هيبة الدليل الشرعي بشقيه النصي والعقلي في نفوس بعضهم مما أحدث قدرا من الخلل الفكري في مصداقية ثوابت هذه الأمة ومنطلقاتها الذي يأتي في مقدمها الاستسلام المطلق للنص الشرعي وعدم معارضته بأقيسة وحجج واهية وكذلك إضعاف لمدلول الأمر والنهي الشرعي الذي أتى لتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة فنتج من ذلك تقصير في جملة من المندوبات والمستحبات بله الفرائض من العبادات وتساهل في جملة من المتشبهات ، وكذلك ما نراه من انبهار بحضارة الغرب المادية وانسياق خلف قيمها أضعف اعتزاز المرء بدينه وحضارة أمته وجعل الرقي المادي البحت هو مقياس لتقدم الأمم ونهضتها ولو كان ذلك مقدما على النهوض بدين هذه الأمة في نفوس أفرادها وتحكيم الشريعة على مستوى دولها ، إن هذه الأدواء إنما تتم مواجهتها ابتدءا ببناء حصانة إيمانية في أفراد هذه الأمة كي تسمو أخلاقها عن مقاربة الرذائل وتكسب اعتزاز المرء بدينه وأمته وتسليمه المطلق لأوامر شرع ربه ونهيه .

إن الأمة الإسلامية لتواجه خطرا عظيما ناتج عن قلة الإيمان في أفرادها ، الذي هو وقود التقدم والرقي في سلم الحضارات ، وعلى العكس إذ جميع المصاعب على مستوى الدول والأفراد لسببه الرئيس هو ضعف الإيمان في القلب وتأثيره على الجوارح , ولنظرة سريعة إلى ذلك الجيل الفريد وما تميزوا به من عمق في الإيمان ليرى الفرق الشاسع بين أمة سادة قرونا من الزمن وبين أمة إنما هي غثاء كغثاء السيل .
ثائر بن ثائر غير متصل  


 

الإشارات المرجعية

أدوات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 01:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)