أمــا آنَ لـنــا أن نـنــزِلَ عـلــى شـــواطـئِ أنـــهــــــارِ دمــوعـِــنـــا .. ؟!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده .... وبعد :
فلقد كان أبو أيوب السختياني ربما حدث بالحديث ، فيرق فيتمخـط ويقــول : ما أشـدَّ الزُكـام . يظهر أنهُ مزكـوم لإخفـاءِ البُـكــاء ، رجــــاءَ أن يكـــونَ من السـبـعــةِ الذيـن يظـلهـم الله فـي ظلـه يـوم لا ظـل إلا ظـلــه .
وقـام محمد بن المنكدر ذات ليلــةٍ فبكى ، ثم اجتـمــع عليه أهـلــه ، ليـســتعلمــوا عن سبب بكــائـه ، فاستـعــجم لســانـُه ، فـدعــوا أبـا حازم ، فلمــا دخل هـدأ بعض الشـيء ، فسأله عن سـبـب بكائــهِ فقـــال : تلوت قول الله : (( وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ))الزمر47
فبكى ابو حازم ، وعاد محمد بن المنكدر إلى البكــاء ، فقـالــوا : أتينـا بـك لتخـفـف عـنــه فزدته بكاءً .
فاعلموا يا رعاكمُ الله أنه لا بـد من الخـوفِ والبـكــاء ، إمـا فـي زاويـة التـعـبــد والـطـاعــة ، أو في هـاويـة الطـرد والإبـعــاد ، فـإمــا أن تـحــرقَ قلبك أيهـا الأخ بنــارِ الـدمــع على التقـصـيـــر ، و إلا فاعـلــم أن نـارَ جـهـنــم أشـد حــرا .
[c]انـظــروا إلـى البكـائـيــنَ فـي الخلـوات قـد نـزلوا علـى شـواطـئ أنهـارِ دمـوعِـهـِم [/c]
أفلم يــأنِ لنـا أن نمــلأ أوديـتـــنـــــا الجــافـة بــدمـوعِـنــا .. ؟! .. ثم ننزلُ إليـهـــا ؟
ألا ما أسعدها من لحظات يجـلسُـهــا المـرءُ خالـيــاً مـعَ نفسِـهِ ، يـنــاجـي ربـَّـه و خالـقــه ، فيهـتــنُ دمعـه عـذبـاً صافيــاً ، خالياً من لوثـة الريـــــاء .
قد قلتُ ما قُلت إن صواباً فمن الله وإن خطأ فمن نفسي والشيطان
|