[التل]

تحت جنح الظلام الدامس..وفي ردهات زمهرير البرد القارس..اجتمع الشبان حول بعضهم البعض .. والكل قد جمع نفسه عليه ..واتقى البرد بما لديه ..ومن بينهم تلميذ ترتعش يداه ..وتصطك ..رجلاه ..ويضطرب فكاه .. لم يشعر به أحد وهو يقاسي ..ويعاني ..والكل في حاجته سادر......وبعدها ، انقلب الجميع إلى فرشهم .. ينعمون بوثير الفراش...ووفير اللباس..ويعود صاحبنا يقاسي ، ألم الحرمان ، وحرمان الأمل ، ويضطجع ببعض لفائفه..البسيطة....فتارة ينام ..وتارات يبقى مصغياً لأزيز الرياح الذي ملأ أرجاء مخيمه..
وبينما هو في أحد غفواته..إذا هي تطول به حتى الفجر.....قام للصلاة ..وإذا عليه من سرابيل الشتاء الشئ الكثير....ولم يزل حتى كتابة هذه الأحرف..لايعلم مالأمر ؟!!
والأمر في الحقيقة ..من خلال مشهد آخر....ذلك الشهم النادر من الرجال..(مدرس الحلقة )
لحظ تلاميذه ..من خلال الظلام ..كما يلحظ الأب أبناءه.. وحين قام الجميع إلى النوم..قام الشهم إلى السيارات ..والشباب .. يبحث وينشد عن فضلة من غطاء ..أولباس..فلايجد..ياألله !!! مالعمل ؟!!
امتطى الشهم مركبته ..وانطلق إلى بيته..وحمل مايحمله مثله كرماً ووفاءً ..ثم قفل راجعاً مسرعاً إلى المخيم ..وفي طريقه إلى المخيم ..لاحظ أن في طريقه رجال الأمن ولم يكن معه مايثبت ..نسبة السيارة له..فنكص مسرعاً إلى بيته ..واتصل بفلان وفلان..علهم يحملونه نحو ذلك..البائس ..
وللأسف لاأحد..- وكل ذلك ليلاً – فاضطر إلى الاتصال بسيارة الأجرة..وأوصله إلى المخيم ..
وبهدوء لايفعله إلا المخلصون ..غشّى ذلك الغلام ..بحاجته ..وأدفأه ..ورجع إلى بيته...دون علم مخلوق ..وفي الصباح ..يحمد القوم السرى..
أقول :
كنا ولازلنا نتحدث عن حفظ أعراض أهل الحسبة ..أوليس أولئك منهم..إنهم حين يعملون ويعملون .. ولايريدون من الناس جزاءً ولاشكوراً..ثم تطالعنا كثير من المجالس العامة والخاصة وقّافة عند هنات لاتذكر في بحار معروفهم ..علينا وعلى أولادنا..ويتصدر النيل منهم ..أقوام من الملوثين بالفكر المتعلمن..أو أولئك الذين صاغ فكرهم ..وثقافتهم ..إعلام تابع رقيع..وربما جاء النيل منهم ..من خلال مأمنهم..فيسلم الروم والبربر..من جهادالكثيرين منا
ولاتحفظ تلك الثلة الطاهرة المصلحة..على حد قول الأول:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
منقول من منتدى الفجر