|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2007
المشاركات: 839
|
طــلـّقــني ..!
بسم الله الرحمن الرحيم
طلّقني..! مجرد التفوّه بهذه الكلمة السهلة بنطقها الصعبة بأبعادها تنهد أسر وتتحطم أسس, وتخور آمال , وتـُفضُ أقدسُ شراكة . بها يموت الحوار ويحترق عقد القِران . الشارع الحكيم حينما جعل زمام الأمور المهمة في الحياة الزوجية موكلة بالرجل فهذا لما يتمتع به الرجل من تركيبة نفسية وعضوية وعقلية وقدرة التحكم والسيطرة على أعصابه باستثناء ( الشواذ ) فلا يقاس عليهم . حينما كثرت الدورات والبرامج التوعوية للمقبلين على الزواج أو المتزوجين حديثاً لم أتفاءل بهذه الخطوة بقدر ما حزنت أشد الحزن وهذا راجع إلى السبب الذي جعل التربويين يفكرون بمثل هذه الدورات . إذاً يوجد خلل. وتوجد مشكلة قائمة لابد من حلها فحالات الطلاق في المحاكم تفوق بشكل رهيب أعداد الملتحقين بالدورات . لن نتكلم عن أسباب الطلاق التي تعتبر أكثرها أتفه من أن تــُذكر . ولا عن التبعات السلبية بعد الطلاق , إلا ما ندر ففي بعض الحالات قد يكون الطلاق حلا ناجعاً لكلي الطرفين وهذا شذرٌ قليل ليس هذا مكانه . ولكن سأتكلم عن كلمة ( طلقني ) المتعلقة على شفاه الزوجة في النقاشات والحوارات الزوجية , فلوتخيلنا أن العصمة بيدها فاحكم على كل الزيجات الحديثة والقديمة بالطلاق . هنا نستشعر حكمة الشرع في هذه المسألة .وأن البتَ الأخير في هذه المسألة راجع للزوج لا إلى الزوجة . قد يكون لبعض الزوجات مبررات مقنعة كخيانة الرجل لها أو البخل الشديد أو حرمانها من حقها الشرعي أو أخلاقه السيئة جدا كالضرب والشتم الجارح لها ولأهلها فلها الحق حينئذ بالتفوّه بكلمة ( طلقني ) ولا تثريب عليها . لكن المشاهد الآن من قصص وقضايا الطلاق يجد جُل أسباب الطلاق نتيجة التسرع بطلب الطلاق من قِبل الزوجة فيصادف هذا الطلب دعوة مستجابة من الزوج الذي يرمي عليها الطلاق على مضض , وحينها لاينفع الندم ولا تعود الساعات . الزوجة في حالة تفوهها بهذه الكلمة هي في الواقع تعيش حالة انفعالية مضطربة ممتزجة بمحاولة قياس حجم حب الزوج لها ومتطلعة إلى ردة فعل تصب في صالحها ولكن سرعان مايخيب أملها وتفشل مقاييسها حينما تجد هذه الكلمة بابا مفتوحا عند الزوج ! وتساهم مسألة الكرامة فيه بأن يلبي طلبها . الزوج حينما يخطيء أو يُتخيل للزوجة بأنه أخطأ تهب الزوجة لمحاسبته وفتح ملفا كاملا تستعرض فيه شريط حياتهما بداية من النظرة الشرعية إلى أن تصل لإنهاء الملف بكلمة ( طلقني ) . فهي عالجت الخطأ بخطأ أكبر وأفدح . من الخطورة بمكان أن تضع الزوجة زوجها في قفص الإتهام دائماً وتريده أن يكون طيرا وديعا كل ماعليه أن يجيب على تحقيقاتها بدون معارضة وتنسى أن هذا الطير قد يضيق ذرعاً وتأتي لحظة لم يعمل لها حسابا ينتفخ فيها هذا الطير ويكسر قضبان القفص ويهرب ليبحث عن عشا آمنا يكفل له هدوءه . من الجهل أن تظن الزوجة أن طلبها للطلاق قد يرغم الزوج للامتثال والانصياع لكل وجهات نظرها وأن يقبل بكل أحكامها ويصبح خاتما بأصبعها . قد ينجح هذا التصور مع نوعية قليلة جدا من الرجال بيد أن معظم الرجال يستفزهم طلب الطلاق خصوصا إذا تكرر مع كل نقاش , فهو لايمتلك كشفا للغيبيات يتعرف من خلاله هل هي صادقة بطلبها أم مجرد حالة هائجة غاب فيها عقلها , لذا فهو ليس على استعداد بوضع نفسه في دائرة الاحتمالات التي تعصف به يمينا وشمالا فليس أمامه إلا الظاهر والحكم على الظاهر أعم من الحكم على الباطن . فلتدرك الزوجة خطورة طلب الطلاق. تلعب المسلسلات دورا في هذا الجانب بحيث أن أصبحت كلمة ( طلقني ) عبارة مستهلكة تتردد في سيناريو الحوار بين ممثلي دور الزوج والزوجة سواء في المسلسلات المحلية أو الخليجية والعربية لتندمج هذه الكلمة الدخيلة بفكر الشابة وتتشربها وتصبح ركنا ومحورا أساسيا من محاور النقاش . ومع افتقار الوعي وغياب دور المرشد الحقيقي وهو ( الأب . الأم ) تشعر الفتاة المقبلة على الزواج وحتى المتزوجة بأن ماتسمعه وتراه صحيحا ً خصوصا إذا لاقت تأييدا من أطراف أخرى كالقريبات والصديقات اللاتي لاينقصنّ عنها تأثراً واندماجا بضرورة اصطحاب كلمة ( طلقني ) في كل حوار . يجب أن تدرك الزوجة أن رفض الزوج لها واعتراضه عن أمر من الأمور لا يعني أنه لايحبها لتطلب الطلاق , أو إن عدم موافقته بفكرة من أفكارها وتأييدها بوجهة نظرها يستوجب خروج هذه الكلمة من شفتيها , يجب أن تضرب الزوجة ألف حساب قبل أن تتفوه بأي كلمة قد تنهي مسيرتهما الزوجية وتهدم كل ممابنيــاه بلمحة بصر . الاختلاف وارد والخلاف وارد وكل بيت لايخلو من هذين الأمرين الذين يبعثان التجدد والحيوية في البيوت بشرط أن يقصيا عن خارطة الحوار مستنقع ( طلقني ) أو مايوحي بطلب الطلاق . |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|