[صلاح الدين]

بسم الله الرحمن الرحيم

الخطوة الأولى : البس العقال والكبك ، ثم اذهب إلى الخياط وارخي إزارك إن شئت أن تجعله موازياً للكعبين ، أو ينزل قليلاً فلا بأس ، وإذا أنكر عليك مُنكر فبادر إلى الأثر الصحيح عن أبي بكر أنه كان يرخي إزاره ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم له : إنك لست ممن يفعله خيلاء ) ، وربما يحتج عليك ويقول إن هذا الأثر ليس فيه دلالة على جواز الاسبال ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما اسفل من الكعبين من الأزار ففي النار )) ويقول لك هذا نصٌ مطلقٌ صريح لا يعدل عنه إلا بيقين ,وأثر أبي بكر غير صريح لأنه ربما كان يسترخي ليس لطوله وإنما لأن عقده تنحل إذ المعلوم وذلك أن لباسهم في ذلك الوقت كان شبيهاً إلى حدٍ كبير بالإحرام . ، ولكن ـ رغم وضوح الحجة ـ لا تعبأ بكل هذا .
الخطوة الثانية : احفظ عني هذه المسائل الثلاث جيداً :
الأولى : مسألة صلاة الجماعة في المسجد ، وعليك أن تستكثر من حجج القائلين بسنيتها ، وخاصة حديث : فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ، وأن التفضيل يقتضي الاستحباب في أغلب أحواله ، ولا تعبأ بقول المخالف ولو قال لك : إن صلاة الجماعة أوجبها الله حتى في حال الوغى يوم يلتحم الصفان !! فكيف في حال السلم ؟!
وهذه المسالة إن انهزمت فيها فستُحرم من لذة الفراش في ايام الشتاء ، وخاصة صلاة الفجر !
( وقفه : جاء في المسند من حديث ابن مسعود : عجب ربك من رجلٍ ثار من فراشه ووطائه إلى الصلاة ) فبشراكم يا أهل الفجر ‍. )
المسألة الثانية : كشف المرأة لوجهها ، واستدِل عليهم بقول الله تعالى : ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) وقول ابن عباس : ما ظهر منا إي الوجه والكفان .
وربما يحتج عليك البعض من المطاوعة ويقولون لك إن هذا رأي لا بن عباس وقد خالفه جماعة من الصحابة كابن مسعود وغيره ، فإذا اختلف الصحابة رجعنا إلى القرآن ، وحتما ستتفقون معنا أن الحجاب واجبٌ على أمهات المؤمنين وهن أطهر نساء الدنيا ، فكيف الحال في غيرهن ؟! ، وربما يقولون لك ـ أيضاً ـ إن الزينة في هذا الآية تحددها لغة العرب ، وفي لغة العرب لا تطلق الزينة إلا على ما كان خارج الجسم ، كما قرره أهلها العارفون بها . ولكن كل هذا لا تعبأ به !!
المسالة الثالثة : مسألة الغناء ! وهنا عليك أن تستميت في الدفاع عنها لأنك إن سلمت بحرمتها فستحرم من محمد عبده يوم يشدو : كل المواعيد وهم !! ، ومن طلال صوت الأرض يوم يغني : أسمر حليوة !! ، ومن ميادة ومن أحلام ، ومن باسكال ، ومن فيروز ... ومن .. إلى آخر القائمة ، وهنا عليك أن تضرب بفهوم السلف عرض الحائط ، لأن المتزمتين سيقولون لك : ابن مسعود حرم الغناء ولا يعرف له مخالف فكان إجماعاً ، وهنا ـ بكل قوة ـ اصرخ في وجوههم : للسلف فهوم ولنا فهوم !! ولكن قد يكون من بينهم أحد الأذكياء ، ويحتج عليك بالتناقض ! ويقول لك : كيف تلغي فهم السلف هنا ، وتأخذ به في مسألة كشف الوجه ؟ وحينها ما عليك إلا أن تقطع الحوار وتتهم المخالف بالجمود والتقوقع ومما رسة الآحادية والإقصائية !!
هذه أهم المسائل التي يكثر الجدل حولها فاحفظها حفظاً جيداً !
الخطوة الثالثة :
عليك أن تكثر التردد إلى مجالس بعض النخبة من المفكرين الأحرار ، وتستفيد من أرائهم وافكارهم ، وسلم بكل ما يقولونه ما دام يخدم الهوى .
الخطوة الرابعة :
غرِّد خارج السرب !! كيف تصل إلى هذه المرحلة ؟ بعد أن تجاوزت المراحل السابقة بنجاح ابدأ بنقد رموز الصحوة ، وأنهم وصوليون انتهازيون يريدون من خلال محاضراتهم بناء كاريزما شخصية لهم ! ثم أتبع ذلك بنقد الفترة السابقة وأنها وجهٌ كالح لهذا الصحوة الموهومة ! وقد يحتج عليك البعض منهم أن هؤلاء الرموز بشرٌ عرضة للخطأ والصواب ! وأن للصحوة ثمرات كثيرة لو لم يكن منها إلا حفظ الكثير من الشباب من الانحرافات السلوكية ، وغرس الفضائل في المجتمع من إشاعة روح الفضيلة وإقامة صرحها ،وبعث الوعي بين أفراد المجتمع ، ونحو ذلك لو لم يكن إلا ذلك لكفى ! ولكن كل هذا لا تعبأ به !!
الخطوة الخامسة :
لمن تقرأ ؟ ما هي الكتب المفضلة لديك ؟
هذه مسألة سهلة يسيرة فأرعني سمعك حيداً !
أولاً : تخلص من تلك الكتب الصفراء في مكتبتك ! كفتح الباري وشرح النووي ، وغيرها .
ثانياً : أما مسألة ماهي الكتب التي تصلح لك ؟
فأنت هنا تحيرني لأنه قد يكون فهمك دون المستوى المطلوب ! لكن نستطيع أن نتجاوز هذه المشكلة إذا فهمنا أن المسالة ليست وعي لهذه الكتب وإنما جمع عناوين متفرقة منها وبعض النتف من اليمين أو اليسار ! ولذا إليك تلك الكتب :
ـ تهافت التهافت لابن رشد . وهذا ضعه فوق طبلون السيارة ! واصحبه في أسفارك ! وأنا أعلم أنه قد يعسر عليك فهم المآخذ التي أخذها ابن رشد على الغزالي في كتابه : تهافت الفلاسفة ! ولكن لا يهمنا هذا !
ـ نشاة الفكر الفلسفي في الإسلام للنشار .
ـ موسوعة الفلسفة لعبد الرحمن بدوي .
ـ كتب محمد عابد الجابري ، وخاصة ما يتعلق بمشروعه : نقد العقل العربي .
ـ كتب محمد أركون ، وخاصة ما يتعلق بمشروعه نقد العقل الإسلامي .
ـ مؤلفات جودت سعيد مثل كن كابن آدم ، واقرأ باسم ربك ، ومقالات تلميذه خالص جلبي.
وأنا أعلم أنك لن تفهم منها حرفاً واحداً ، ولكن المهم أن يعرف من حولك أنك تقرأ لهؤلاء كلهم ! أو بالأصح تعرف كتب هؤلاء كلهم‍ .
أما عن المطبوعات اليومية فاشترك بجريدة الوطن ، والشرق الأوسط ، ومجلة سيدتي وكل الناس ، والرجل ، والمرأة ، , .. ,و ...وكحل عيونك برؤية المومسات ! ولا تقلق فأنت تغرد خارج السرب ، وتقرأ لكل الأطياف!

أخيراً ، وبعد أن تطبق كل هذه الخطوات بنجاح فأنت حينها تحجز لك مقعداً متميزاً في الأماكن الأولى من طابور المشوهين فكرياً ! ، وهم ممن يسمون العقلانيين !!
ولكي تتأكد بنفسك تماماً أنك أصبحت في هذه القائمة السوداء فتش في نفسك التي بين جنبيك عن الآثار التالية :
ـ التهاون بالفرائض .
ـ هجران النوافل .
ـ ذهاب حلاوة العبادة التي كنت تجدها لما كنت من أهل الصلاح .
ـ فقدان الهدف ، وضياع بوصلة الطريق ! فأنت تعيش الحياة بلا طعم !
ـ بعد الصالحين عنك ، والتفاف رِقاق الدين حولك .
ـ القطيعة الموحشة بينك وبين القرآن .
فإذا وجدت هذه الآثار في نفسك ـ كلها أو بعضها ـ فأعلم أنك تسير على ما تريد!! وبنجاح!!
ختاماً :أعلم أنك ربما تجد نفسك منعزلا وحيداً في يوم من الأيام ! وقد قلاك الناس ومقتوك، وربما يكون هذا ـ والله أعلم ـ أثرٌ من آثار مقت الله لك ،، ولكن لا تقلق !! فأنت الذي كتبت مصيرك بيدك .
وربما ـ بعد زمن ـ تتبصر في الذين سلفوا على طريقك وسترى أن التاريخ لم يرحمهم ، وألقى بهم في مزبلته !! ولكن ـ ايضاً لا تقلق !!



أسأل الله الثبات على الحق حتى نلقاه .

همسة : قال الذهبي : قاتل الله الذكاء بلا إيمان ، ورضي الله عن البلادة مع التقوى !

دمتم بخير

صلاح الدين