بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » [ بين يَدَي أسمائهم ] - تتبعٌ لمن غدوا أحلاما.

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 31-07-2008, 10:53 PM   #1
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
[ بين يَدَي أسمائهم ] - تتبعٌ لمن غدوا أحلاما.

فتحت برنامج الكتابة ثم جعلت أكتب أسماء من رحلوا إلى الدار الآخرة وقامت قيامتهم، بينهم قريب من أهل بيتي أو عائلتي أو قبيلتي القريبة، ومنهم خلان وأصدقاء، ويتخللهم أساتذة وجيران وزملاء دراسة.

نسيت نفسي فأخذ القلم يسري بي لأجدني أكتب أسماء من استحضر من أجدادي، وأسماء من أذكر ممن ماتوا وعلمت بموتهم في خبر عابر في منتدى أو صحيفة أو حادث عارض حتى احتويت مشاهير وملاحدة وعلماء وقومًا أثاروا الدنيا -يوما ما- بضجيجهم.. فوجدتني مللت حتى قبضت يدي عن الكتابة ثم جعلت أتأملها !

عشرات الأسماء يجمع بينها اليوم السكون والنسيان، أحسست بغصة تجرعت معها ريقي على ظمئ إلى خُلُق الرحمة الذي تقتله اللامبالاة والبلادة والانشغال بهموم الدنيا وملهيات النفس، لله ما أحقر هذه الدنية التي يدفن فيها هؤلاء وينسى ذكرهم فكأنهم أحلامُ، لله كم ننسى أن حياتنا هذه هي عبارة عن فرصة واحدة يتيمة لن تتكرر أبدًا، دنيا حقيرة تسخر من أهلها حتى وجدت من تهدى له الجائزة الثمينة بعد موته.. لماذا لم يصبر حتى يستلم ما سعى أجله؟!

تأمل هذه الأسماء جعلتني أستحضر حمق من يهدف منا إلى شيء يسمى الخلود في هذه الدنيا، أقصد خلود الذكر.. وله يقتل ويضجّ الدنيا ويغضب ويمرض بسببه، والقرآن سيرفع، والأرواح المؤمنة ستذهب بها الريح إلى الخلود الحقيقي، بل سيأتي يوم على هذه الدنية لا تجد فيها من يقول: الله، ثم ترانا نتراكض حول أوهام الخلود، وآخر حالنا عراة حفاة خائفين نجتمع يوم القيامة مع الأولين والآخرين السافلين والعالين نبتغي رحمة من الله تعالى وعفوا، لم تغن عن الأنبياء مكانتهم حتى يقول قائلهم (نفسي.. نفسي).

أسماء كثيرة تجعلني أستحضر حقيقة الموت، وأن المنية قادمة لا محالة، وأنني لا أدري أبدًا متى ستأتي، وأنها قد تكون بعد ساعات أو سنوات.. أو الآن، استحضرت أمكنة موت أصحاب تلك الأسماء فشهدت ألا إله إلا الله واستحضرت قوله تعالى : {وما تدري نفس بأي أرض تموت}، تذكرت آخر من مات من هذه الأسماء، زميل دراسة مات بعيدا عن أهله وحيدا، فهل كان يعلم أنه سيموت هكذا؟! وهل كان يعلم أن الله سيختم له بخاتمة حسنة فيُغسّل ويكفن واصبعه السبابة ثابتة على موضع الشهادة؟!

وللتو خرجت من مدوّنةٍ لأحد الأخوة الذي توفاه الله تعالى في هذا اليوم، وكان قد أنزل موضوعا قبل عدة أيامٍ عن رحلة عمرة قام بها إلى مكة المكرمة، وقيّد لحظاتها بالصور، ولكم أن تتخيلوا ما تشاؤون وتفكروا فيما تشاؤون وأنتم تبصرون تلك الصور وهو بين أحبته يبتسم ويضحك ويداعب وبعد أيام قليلة جدا يوسّد الثرى.. ولم يبلغ رمضان مع من سيبلغه.

وتأمل هذه الأسماء يجعلني أشفق على كل متكبر متعال مغرور بماله أو جماله أو مركزه أو فكره وعلمه، أو كل باحثٍ جعل قضيته الكبرى وأهدافه التي يغضب لها ويكافح من أجلها بعيدة كل البعد عن استحضار الثواب والعقاب، بل ربما يكون من شروط سلوك سبيل هذه الأهداف استسذاج الباقيات الصالحات والتعالي على معاني العبادة وإصلاح القلب، والغربة والجفاء بينه وبين صلاة الضحى وتلاوة القرآن وقيام الليل وصيام الأيام البيض، وإوهام النفس أن واقعه الذي ابتعد فيه عن هذه الأمور ماهي إلا تركا لطريق متشدد أو حماسٍ قديم احتوته مرحلة المراهقة وأوائل الشباب أو مجرد مخالفة رأيٍ طالب علمٍ أو نصيحة لمطوع، حتى أننا وصلنا إلى مرحلة نظن الموت مجرد شيء سيء اعتدنا أن يحصل لغيرنا، دون التفكير أن أبصارنا ستخترق زيف الدنيا إلى عالم الغيب حيث الملائكة ينزلون إلى عباد الله تعالى بحنوط من الجنة وكفن، أو من النار.

اكتبوا أسماء أمواتكم كاملة وتأملوها جيدًا.. ففيها موعظة لمن كان له قلب،
والتفتوا لقلوبكم.. واصدقوا مع أنفسكم؛ ستقيّمون حالها وحالكم، ولعل جانبا صادقا يقول بعد أن يبصر حقيقة أنفسنا الرثة: ليتنا نموت على دين عجائزنا الصائمات المصليات.

اللهم ارحمهم واغفر لهم وأفسح في قبورهم وكفر عنهم سيئاتهم وأعتق رقابنا ورقابهم من النار، اللهم وبلغنا رمضان وأصلح قسوة قلوبنا.

رابط المقال في المدونة:
http://pen2rebel.jeeran.com/archive/2008/7/635589.html

__________________
يا صبر أيوب !

آخر من قام بالتعديل الثائر الأحمر; بتاريخ 31-07-2008 الساعة 11:18 PM.
الثائر الأحمر غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:23 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)