[قاهر الروس]

.
.

زُمَـرٌ مِنْ حُ ــطَامِ الذَّ ك ــرَيَاتِ !!

لَم تَكنُ الذكرَياتُ ثَمرَاتٌ نَقطِفُهَا مِنْ شَجَرَةِ الحَيَاة .. بل الذكرَياتُ مَوجٌ مِنْ بَحرٍ نَخوضُ فيهِ .. فإن تَجاوزنَاهـُ وإلتَفتنَا إليهِ وَجدنَاهـُ حُطَاماً مِنْ الأياَّمِ مَضَتْ وولَّت .. لا عِلمَ لَنَا بِهَا سوى أنَّها أيَّامٌ أكلَت مِنْ أعمَارِنَا .

الحَيَاةُ التي مَهَّدت لنَا الطريقَ لِنَسيرَ عَليهَا .. لَم تُكمِلَ إحسَانها وَتزيلَ الأشوَاكـَ عَنَّا .. لَم يأتينَا مِنهَا إلا القَليلَ مِنْ حلو المَذاق .. والآخَرُ حَنظَلاً مِنْ شِدَّة مَرَارَتِهِ .
وَلولا أنَّا تَرَبَّينَا عَلى الأمَلِ بالله وإلا لَمَا أكمَلنَا سَيرَنا في دُروبِ حَياتِنَا .. أعجبنَي كَلامٌ في تَوقيعِ إحدى الأخواتِ للدكتورِ خالد المنيف يُحاكي مَا نَقولُ ونَرى [ لم نأخذ من الدنيا عهدا على أن تصفو لنا ، ولم يكن بيننا وبينها موثقا على دوام الرخاء....
فالهم لايزال ملازما للإنسان ، والأزمات تتراءى لنا بين إقبال وإدبار... ويبقى الأمل بالله شمسا لاتغيب ، ونبعا صافياً لا ينضب... ]

كأننَا في الحَياةِ مَنْ يَصعدُ على السُّلَمِ كُلَّمَا تَخطَّى الإنسَانُ عَتَبَةً وَاحِدةٌ بَعُدَ عن نُقطَةِ بدَايته .

* سَأحكي عَنْ زُمَرٌ وَحطامٍ للذكرَياتِ هُنَا .. سَمعتُهَا أو رأيتُها .. فهي لَيسَتْ حَكرَاً عَلى كَاتِبِهَا .

(1 )

سأحكي عَنْ مَسقط رأسي [ مَدينَةُ برَيدَة ]

كَانتِ الحَيَاةُ بالنَّسبَةِ لَنا أكلٌ وَشُربٌ وَنومٌ ومَدرَسَة كُلُّ هَذا بَعدَ حَياتِنَا الدِّينيَّة التي خَرجنَا عَليها ..
كُنَّا نَضحَكُ في وَقتٍ يبكي فيهِ أهلنَا على مَوقِفٍ مُؤلِمٍ حَلَّ بِهم .. وكُنَّا نَبكي في يومٍ أعلنوا فيهِ أفرَاحَهم .. لا نَرى الحَيَاةَ سوى لأنفُسِنَا ..
بُريدَةُ عَلى كِبَرِ مُسَمَّاها إلا أنَّا لا نَعرِفُهَا إلا بـ [ مَسجد السكيتي ] ، [ أبو ريالين ] ، [ شَارع الصِّنَاعةِ ] ، [ شَارِع الخُبَيب ] .

رُغمَ الدَّلالِ الذي كَانَ يَصنَعهُ بِنَا مَنْ حَولنَا ، والحِرصِ والإهتِمَامِ بِنَا إلا أنَّا كُنًَّا نُحَاولُ الهُروبَ مِنهُ ..
الأيَّامُ نَقضيهَا صَبَاحاً في المَدرسَةِ والعَصرُ في المَسجِدِ والمَغربِ بَينَ جدِّي وَجدَّتي والعشاءُ قد أحكِمَ الحِصَارُ عَلينَا في بيوتِنَا .
حَياتُنا رُغمَ الصِّغَرِ أصبَحت مَحسوبَةٌ عَلينَا كالكِبَار ..

سَارَت مَوازينُ الحَيَاةِ عَلى مَا يُرام .. إلى أن انتَقلتِ جدَّتي إلى جوارِ رَبِّهَا فَسَقطَت أعمِدَةُ مَنَزلَنا .

سأرِجعُ إن كُتِبَ لنَا حَياةٌ

.
.