[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

إن المجتمعات مهما كبرت أو صغرت في تعدادها ، فإنها لا بد و أن تتخذ قائداً أو زعيما أو رجلا يكون فيهم ذا رأي أصيل ، و عقل مدرك ، فيُزعم لذلك .

[poem="font="simplified arabic,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم = و لا سراة إذا جُهّالهم سادوا[/poem]

و المراد بالمجتمعات هنا كل ما كان من شأنه تكوين مجموعة ، فالمدرسة مثلاً مجتمع مدرسي ، و الحيّ مجتمع ، و العائلة مجتمع ، و هكذا .

و حتى لو لم يتخذ الناس هؤلاء و يتم إعلانهم بشكل رسمي فإن الشدائد تجعل الناس يهرعون إليهم لأنهم يمتلكون ميزات أكثر من غيرهم ثبت من خلال الزمن أنهم قد يُقدمون ما يفيد في الشدائد و المضائق .و هؤلاء في الحقيقة قواد تجدهم يأمرون و ينهون و يتقيد الناس بتعليماتهم ووصاياهم ، و ينتفعوا بتوجيهاتهم و إشاراتهم و هذه قيادة لكنها غير إدارية ، و إنما اجتماعية فحسب .

و يأتي صنف آخر وهي القيادة الإدارية الرسمية التي تأتي بتعيين شخص قائداً أو مديراً أو مسئولاً عن مجموعة لم تكن تعرفه في سابق العهد و لذا كانت هذه القيادة محفوفة بشيء من المتاعب و المصاعب ( إذا كانت رسمية ) فإنه قد وضع قائداً على مجموعة لم يكونوا يعرفوهـ ، و لم يجربوا معه مواقف معينة ، و هنا تقل نسبة التأثير ، و تكون الثقة أضعف مما إذا كانت قيادة اجتماعية .

فالناس لديهم اعتبارات للحكم على الشخص و تقييمه ، و هذه الاعتبارات لا يمكن أن يُحكم من خلالها على القائد الرسمي الجديد لأنه لم يُعرف بالنسبة إليهم أو أنه معروف في نطاق ضيق وهو نطاق العمل. هنا كان لزاما على القواد أن يحرصوا على التودد لمن تحت إمرتهم ، و اكتساب قلوبهم ، لأن السلطة العنجهية القائمة على التعامل الإداري الجاف لا يمكن أن تسير العمل من دون محاولات الاستغفال و الخيانات ، و التضجر من العمل ، و العكس بالعكس ، فكلما كان القائد محبوباً لبقاً جميل المنطق و العمل ، سار العمل على ما يُريده ، و خرج بثمرة تقيم مسيرته و مسيرة من هم تحت قيادته ، و لعلك تلحظ أن أصحاب بعض الشركات يؤدون هذا الدور حفاظاً على ممتلكاتهم من هذه الشركة ، و أذكر أن أحد الموضفين في شركة أعرفها و أعرف صاحبها ، قد تهيأت له إجازة فلم يأخذها ، و حينما عاتبه أحد أقاربي قال هذا الموظف ( بالعامية ) : هذا حلالنا .كناية عن حرصه و إخلاصه في العمل حبا لمديره .

و هذه هي النتيجة التي يخرج بها القائد حينما يكون محبوباً من الذين دونه ، هذا الأمر نحتاجه في الميادين العامة بكافة أنواعها ، فالتربوي يحتاج إلى أن يكون محبوباً حتى يقود طلابه و المتربين عنده ، و كذلك المعلم في مدرسته ، و كذلك الإداري في الشركة ، أو في جهة حكومية ، أو حتى المشرف في الشبكة الإلكترونية ( كحال المنتديات ) .

إنه لمن العجب أن ترى من يستطيع تقديم الكلمة الطيبة ثم يعرض عنها ، و يستطيع بذل الابتسامة الجذابة للقلوب ثم يقصر عنها ، و يستطيع التعامل بلين و هدوء ثم يختار الذي هو شر ، فمثل هذا لن يُقيم عملاً و لن يسد خللاً إن تولى مهمة معينة ، بل سيجد الخيانات ، و محاولات الاستغفال ، و التقصير من قبل العاملين معه ، و على ذلك فإن لامهم فهو الجنون بحق .