|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عبدالله
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
|
[ نَظريَّةُ المُؤامَرَة ] بَينَ الإغرَاقِ فِي الإثْبَاتِ أو التَكْذِيبِ و التَنَكُر .
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الأحداث الكبرى التي يتعرض لها العالم بين الفينة و الأخرى تفرز مجموعة من الأصداء عبر وسائلَ و سبل ، و من الأحداث ما يكون للبشر شأن في تكوينه ، و منها ما يكون بأمر من الله لا شأن للمخلوق فيه البتة . و في هذا العصر أصبحت وسائل الإعلام مسلِطةً للأضواء في كافة أقطار العالم ، فما إن تقع واقعة ، أو تنزل نازلة ، إلا تناقلتها وسائل الإعلام بتنوعها ، و جاءت التحليلات و التفسيرات و تفواتت النظرات على هذا الموضوع الذي استجد مؤخراً ، حتى أديرت بشأنه الأحاديث في المجالس ، و المنتديات و المواقع و الصحف . و هنا الكل ينثر ما حوته كنانتُه ، و يُملي ما قرأه عقله باجتهادِه ، و منهم من يستند إلى مستنداتٍ ، سواءً كانت شرعية أو علمية نظرية بحتة . و هناك من يكتفي عند كل حدث بتكرار الإثبات المتأصل لديه ليُسمى بنظرية المؤامرة وهي خلاصة ما أود الحديث عنه هاهنا ، و للتعريف فنظرية المؤامرة باختصار تعني : محاولة لشرح السبب النهائى لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو أحداث تاريخية)على إنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متآمرة بشكل منظم هي وراء الأحداث، كثير من منظمي نظريات المؤامرة يدّعون أن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها المتآمرون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس. ثم ينسل من الأسباب الأخرى و يستسلم لنظرية المؤامرة التي رست في عقله فاستولت و استحكمت و طغت على جل تفكيره ، فلم يعد يقيم للاعتبارات الأخرى التي سعت إلى تكوين هذا الحدث النازل أو الواقعة المستجدة ، فأصبحت نظرته قاصرة أو ناقصة إزاء النازلة . لا أريد أن أبلور الحديث عن قضايا يقصر الموضوع عن التعدي إلى غيرها من خلال الأمثلة ، و لكن في رأيي - بشكل عام - أن نظرية المؤامرة أمر صحيح لا يُشك فيه وهو طبيعة في كل أمة و موجود في كل حضارة ، و لكن الخطأ كل الخطأ حينما نجعله المنطلق الوحيد الذي نبين فيه آراءنا تجاه الظروف و الأحداث التي تصيبنا أو تصيب العالم بين الفينة و الأخرى ، كما أنني أيضا لا أوافق المناقضين للطرف الأول ، وهم الذين لا يعترفون بنظرية المؤامرة أصلاً ، و لا يُعيرونها كبير اهتمام . بل إن الصوابَ في ذلك هو التوسط في الأمر ، فلا مانع أن نذكر عدة أسباب وراء الحدث النازل ، و نذكر ضمن ذلك نظرية المؤامرة ، و لكي يتضح الأمر بصورة أظهر ، فإن غزوة أحد التي قادها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - و هزم فيها المسلمون أمام كفار قريش ، كانت حافلة بالأسباب التي أدت إلى تخلف المسلمين في هذه الغزوة ، و من هذه الأسباب ( تآمر ) المشركين على الصحابة .. فمن كان مغرقاً في إثبات نظرية المؤامرة فإنه سيعزو هذا التخلف إلى المشركين فقط و كأنهم هم السبب الأوحد وراء تكوين هذا الحدث ، و يبرئ الصف المسلم من أسباب الهزيمة مع أن الله تعالى قال : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } ، و هذا الذي أعني به ( الإغراق في إثبات نظرية المؤامرة ) ، حتى أنه عطل الأسباب الأخرى . و من كان مكذبا لنظرية المؤامرة ، شرع في جلد الذات ، مع تبرئة الخصوم حتى كأنهم خارج بيئة الهزيمة وهم الذين يكيدون و يمكرون ، فأصبح يعزو ما يقع إلى ذاته أو مجموعته في النطاق الضيق ، و هذه نظرة جزئية . و خلاصة الأمر أن السبيل إلى الفرار من الوقوع في الإغراق في نظرية المؤامرة ، أو تكذيبها كليَّةً ، يكمن في التوسع في دراسة الحدث ، و الوقوف الشامل على معطياته ، و الفحص الدقيق لمجرياته ، لكي نفسر هذه الأحداث التي تجري برؤى علمية عاقلة ، و شمولية عادلة . و هؤلاء المعتدلون غالباً هم الذين يعملون لإحياء حضاراتهم بنظرتهم الصحيحة ، و بالسعي للتغير في ظروف الأحداث السلبية ، بدء من أنفسهم و مجتمعاتهم و أوطانهم ، ثم إلى العالم كله ، و هذه هي الشمولية في تفسير الأحداث و الوقائع وهي التي نريد . أخوكم / عبدالله .
__________________
ياربي ..افتح على قلبي .. و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك .. [عبدالله] من مواضيعي : آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات ) ::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة) آخر من قام بالتعديل الـصـمـصـام; بتاريخ 30-10-2008 الساعة 05:33 PM. |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|