|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
20-12-2008, 11:06 AM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 4
|
وا أماه ( نزف قلم : محمد سنجر )
صعدت الجسر رغما عني ، خوف سيطر على أوصالي ، تذكرت عندها ما قالوه عن خطر السقوط نتيجة التدافع فوق الجسر ، وجدتني أسير غصبا وسط الجموع ، تتدافع أمواج الآلاف من البشر من خلفي ، مجرد التفكير في التوقف درب من دروب الخيال ، أحسست و كأنني محمولا ، قدماي بالكاد تلامس الأرض ، أنقلهما بسرعة مخافة اعتراض هذه الحركة التوافقية للجموع من ورائي ، فجأة علق نعلي ، عندها سقط قلبي بين قدماي ، تذكرت لحظتها نصيحة أخي الأكبر ، إذا حدث هذا لا قدر الله فانزع قدمك بسرعة و إلا وقعت بين الأقدام ، و ساعتها قل على نفسك يا رحمن يا رحيم ، أفلت قدمي كالصاروخ من بين فكي الموت ، نجوت بحمد الله من الكارثة حافيا ، حاولت السيطرة على نفسي و التماسك مرة أخرى ، عندما اقتربنا من منتصف الجسر ازداد التدافع قوة ، وجدت الناس تتقاتل للهرب بعيدا عن حافة الجسر مخافة التردي ، كلما لفظ التدافع أحدهم ناحية أسوار الجسر يستميت للهرب من مجرد تخيل السقوط ، عدوى هلع استشرت بين الجموع ، حاولت جاهدا التخفيف من روعهم ، حاولت تذكيرهم بهذه الروحانيات التي تعبق المكان من حولنا ، حاولت تذكيرهم بنبي الرحمة ( صلى الله عليه و سلم ) ، حاولت تذكيرهم بوصيته بتوادهم و تراحمهم ، حاولت و حاولت و لا فائدة ، ازداد التدافع شراسة ، فجأة وجدتني مدفوعا تجاه هوة بين الناس ، فراغ من البشر يحاول الجميع الهرب بعيدا عنه ، تخيلت للوهلة الأولى أنه ناتج عن حجر أو صندوق تحكم كهربي يعترض الطريق ، أو ربما هوة حدثت بالجسر ، فجأة بدأت الغشاوة تزول أمام عيني ، يا للهول ، امرأة ؟؟؟؟؟ لا لا لا غير معقول ، إنما هو كابوس ، نعم كابوس ، تضرعت إلى الله أن يكون كابوسا ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، هل هي حقيقة ؟ امرأة سقطت بين الأقدام ؟ يبدو أنها بالفعل حقيقة ، نعم أرى امرأة هناك ، فركت عيني جيدا ، و الله إنها الحقيقة المخزية ، امرأة في عقدها السابع سقطت تدوسها الأقدام ، يا للهول ، ممددة المسكينة أرضا ، عبثا تحاول النهوض و لا فائدة ، حاولت إحداهن مساعدتها ، و إذا بها تسقط هي الأخرى ، صرخت بأعلى صوتي ) : رحمتك يا الله ، يا لطيف ، يا لطيف . ( حاولت جاهدا الابتعاد عنهما ، حاولت و حاولت و لا فائدة ، وجدتني مشدودا إليهما رغما عني ، وقعت عيني بعينيها ، وجدتهما عينا أمي عليها رحمة الله ، أخذت تستعطفني بنظراتها ، أنقذني يا بني ، فاضت الدموع من عيني ، أغرقت الكون من حولي ، لا أستطيع يا أمي ، و الله الذي لا إله إلا هو لا أستطيع ، إنما تدفعني الجموع من خلفي رغما عني ، لو حاولت مجرد المحاولة لسقطت معها كهذه المسكينة بجوارك ، أخذت لأخرى تصرخ تحاول النهوض و لكن لا فائدة ، وجدتهما تختفيان تحت الأقدام ، حاولت أن أهرب بعيني من نظراتهما ، دفعتني الجموع تجاههما ، حاولت و حاولت و لا فائدة ، أحسست بأقدامهن الرخوة تحت أقدامي ، أخذت أبكي و أصرخ ) : سامحيني يا أمااااااااااااه ، أرجوك سامحيني يااااااااااااا أمي . ( صم أذني صوت تتكسر عظامهما الهشة تحت أقدامي الحافية القذرة ، دارت الدنيا من حولي ، كلما حاولت تذكر ما حدث بعدها ، ترتد أبواب الذاكرة ، تعتصرني بين مصراعيها بقوة ، أجدني أجهش بالبكاء حتى أفقد الوعي ثانية ) |
الإشارات المرجعية |
|
|