|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: May 2002
البلد: البدائع بلد الروائع:)
المشاركات: 1,407
|
كفى بالموت واعظاً ....
بينما كنت جالساً على شاطئ البحر وحان غروب شمس ذلك اليوم وتلاطمت أمواجه نظرت إلى تلك الأمواج وكأنها تريد أن تخبرني عن حديث قد جهلته ، وعن حقيقة غائبة عن عيني ، حين ذاك انتابني شعور غريب لم أحس بمثله أبداً ، فإذا بي أتأمل ذلك البحر أحسست بوعيده الصادق بكتمان الأسرار ، في تلك اللحظات ظللتني سحابة سوداء ارتعدت فرائصي منها هربت فإذا بها تلاحقني نظرت إليَّ وكأنها تعلم أن هذا القلب لا يستطيع أن يحمل المزيد من الأحزان لما به من آلام مدفونة وهموم مكنونة . أشفقت علي وتركتني وأخذت أراقبها فإذا بها قد ظللت ذلك البيت وتلقي عليهم قطرات الأحزان لتأخذ واحداً منهم وتفقدهم عزيزاً فعرفت أن الحياة أحزان وآلام والدنيا دار هموم وأسقام وأقسى ما فيها فراق الأحباب .
ما أقسى قلوبنا ، قلوب كالحجارة لا تلين لواعظ الموت وكأنه شيء عادي ، دعاء للميت واسترجاع من غير دموع ونظر لأحوالنا ومصيرنا بعد الممات ، بل ولم نقابل بالحسنة السيئة بعد هذا الواعظ . أم ماذا عن مواطن العزاء فالذاهب إليها وكأنه ذاهب إلى صالة أفراح أو مقهى ضحكات عالية ومدوية حديث عن أمور الدنيا ، غيبة أو استهزاء بالآخرين . أليس للموت عظة نسترجع ونعيد أنفسنا ونحاسبها قبل أن تحاسب لنتذكر جميعاً أياماً قضيناها في معصيته بل كيف نجيبه إذا وقفنا بين يديه ؟؟. إخواني : ما من يوم يمر علينا إلا ونفقد فيه قريباً طالما ابتهجت لرؤيته العيون وطربت لسماع صوته الآذان وسعدت بلقياه القلوب ، أو عزيزاً لطالما أحبنا وأحببناه ، تكاد أعيننا لا تكف عن الدمع ، فما إن تسكن العيون حتى تنفجر منها الدموع معلنة فقد عزيز أو قريب . كيف تصفو لنا الحياة ! وكل يوم يتوارى عن الأنظار صديق بل كيف طابت أنفسنا أن نحثو عليهم التراب ؟؟. اشتكت رؤوسنا من الشيب وعيوننا من الدمع وأفواهنا من الصراخ والنحيب فما عادت الأيام تسعدنا ولم تعد نفوسنا تقوى على الضحك . فلو أن البكاء يجدي لأحيينا بالدمع أرضاً ميتة ولأجرينا أنهاراً ولكن لسان حالي يقول : هكذا الدنيا لقاء وفراق يعترينا حسبنا أنا على الحق وللحق دعينا قال بعضهم : عجباً لمن يعرف أن الموت حق كيف يفرح وأن النار حق كيف يضحك ؟. قال ثابت البناني : " طوبى لمن ذكر ساعة الموت " سبحان الله ، غفلتنا تناطح السحاب نسينا ساعة الموت وسكراته وشدتها . قال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ : " لم يلق ابن آدم شدة قط منذ خلق الله أشد عليه من الموت " . ماذا أعددنا لهذه السكرات التي لم يسلم منها خير البرية حبيبنا المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ . فقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يدخل يديه في ركوة ماء ويمسح بها وجهه الشريف ويقول : " لا إله إلا الله إن للموت لسكرات لا إله إلا الله إن للموت لسكرات " ولما رأت فاطمة ما برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الكرب الشديد الذي يتغشاه قالت : وا كرب أبتاه وا كرب أبتاه ، فقال لها ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ليس على أبيك كرب بعد اليوم " أخرجه البخاري . ولما احتضر عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ جعل يقول ودمعه يسيل : " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .. اللهم إني أستعين بك على أموري وأسألك الصبر على بلائي " . اللهم أعشنا عيش السعداء وأمتنا موت الشهداء . اللهم أحسن خواتيمنا وأحسن وقوفنا بين يديك . اللهم أمتنا إذا كان الموت راحة لنا . اللهم إنا ظلمنا أنفسنا ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لنا مغفرة من عندك . وأخيراً أقول : رحمك الله يا علي و يا محمد وأسكنكما فسيح جناته ، وجعل الجنة مثوانا ومثواكم وجميع مثوى المسلمين .
__________________
جزى الله خيراً أخي غندر على تصميمه هذا التوقيع الرائع : |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|