" الأكـلات الحـارة " !
الأكلات الحارة !
لا أعلم سر ولعي بالأكلات الحارة الملتهبة، حتى أني لا أستطيع تحديد الأنواع الكثيرة من الشطات التي جلبتها إلى البيت، لتكون بجانبي أثناء تناول طعام الغداء، بل إني وصلتُ إلى مرحلة أن الكبسة لا تحلو لي إلا حينما أمزجها بشيء من الشطة الحارة المتوقدة .
حينما كنا صغاراً – أنا وإخوتي – كانت جدتي رحمها الله تتناول "الأندومي" كوجبة رئيسية يوميّة، وكان الأندومي آنذاك قبل خمسة عشر سنة على حد التقريب غير معروفٍ عند الناس كما الآن، وكنا نُسميه "كاري" ولا أعلم حتى الآن مصدر هذا الاسم ولا سبب التسمية، بيدَ أن الذي يهمني هنا أن وجبة الأندومي تلك؛ كانت تأتي برفقتها علبة بلاستيكية صغيرة تحتوي على مادة لا أدري كيف أصفها غير أنها كانت أشبه بالطين اليابس المتفتت، وكانت شديدة الحرارة، وكنا نتقاتلُ – أنا وإخوتي - من أجلها، كما لو كنت تشاهد عدد من القطط تتقاتل بشراسة من أجل قطعة دجاج .
وكنا نتناولها بشراهة بالغة، وأحياناً نتباهى بذلك أمام أبناء الجيران .. انظر انظر إنني أقوم بلحس الحبحر باستمتاع بالغ دونَ أن أتألم! أترى؟ فترتسم على مُحياه علامات الاستغراب والاندهاش، وكم كنتُ أشعر بالبطولة والشجاعة حينها .
لا أدري عما إذا كان مَصدرُ هذا الأمر وراثياً، فوالديّ وعَمّاتي وربما عماني أيضاً اكتشفتُ فيهم شغفاً وهياماً بالغاً "بالفلفل" أو ما يُسمى "بالحبحر"، حتى أنهم ليرمون ما كان منها "ضعيف الحرارة" في طرف السُفرة، بينما يتنافسون على ما كان شديد الحرارة، مُلتهب المذاق، لاسع الطعم، في مقابل أن هناك الكثير من الناس يهربون من الطعام ويأنفون أكله بمجرد رؤية مُجسم الفلفل متبختراً فوق المائدة كما لو كان ملكاً فوق عرشه يزهو بملكه أما خدمه .
أدمنت لفترة طويلة على الشطة الشهيرة الأندنوسية " سومطرة "، وعشقتها حتى أني أصبحتُ أحدو بها عند إخوتي كثيراً .. سومطرا .. ألي على البال تطرا .. صحيح حارة .. وبعض الأحيان خطرا .. لكن عشقها من القلب ما يبرا .. غير استغنيتُ عنها في فترة قريبة، بعد أن أنتجت أمي شطة منزليّة تناهز السومطرة لذة ومُتعة، لأدخر بذلك شيئاً من نقودي التي طارت في سبيل اللهيب الحارق .
لا شيء يُغضيني أكثر من ذلك اليوم الذي أدخلُ فيه مطعماً ما، فأحصل على المنيو لأقلب بصري في الأكلات المعروضة، مُحاولاً الوصول إلى أكثر أكلة حارة، وحينما أطلب واحدة منها؛ أتفاجأ بأن الحرارة بوادٍ والأكلة الكريمة بوادٍ آخر، وإنما كانت مصبوغة باللون الأحمر لا أكثر .
قمتُ بإجراء بحث عبر محرك قوقل الشهير عن فوائد الأكلات الحارة فوجدت الكثير منها، إذ نقلت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية عن فريق طبى فى جامعة بكين بقيادة البروفسور يانج هو قوله " إن الأكل الذى يدخل فيه الشطة والبهارات الحارة؛ ساعد بالفعل العديد من الذين يعانون من الأرق أو النوم المتقطع على النوم العميق".
وهناك الكثير الكثير من الفوائد التي وجدتها للقلب وللدم وللمش عارف إيه، وبالطبع فيما لو بحثت عن أضرار الأكلات الحارة؛ سأجدُ الكثير كذلك، وهذا شأن كل طعام وشراب، لهُ فوائدهُ ومضاره، وربما سمعنا أطباءً يُحذرون منه، بينما يقوم أطباء آخرون بذكر فوائده ومزاياه، وقد قرأتُ مؤخراً؛ أن القهوة العربية مَعشوقة الكثيرين لها فوائد قيمة للغاية، في ظل كثرة التحذير منها، والإسهاب في ذكر أضرارها والتي غالباً ما تجدُ من الناس تجاهلاً ولا مبالاة، وحق لهم فعل ذلك، لأنها ببساطة " القهوة العربية " !
دعني أطرح عليك بعض الأسئلة :
- هل تحب الأكلات الحارة ؟ وهل أنتَ ممن يستلذ بالحبحر أو الفلفل ؟ وهل تتحمل لذع السومطرا ؟! حدثني عن كل ذلك !
وقانا الله وإيّاكم حرّ الجحيم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون .
،
الـنـهـيـم !
المقالة في المدونة / http://www.dobyan.com/tt/?p=79
__________________
[POEM="type=0 color=#000000 font="bold medium 'Simplified Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]لمتابعتي عبر التويتر أو الانستغرام: @ibradob[/POEM]
|