بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » رسالة الى العلماء .... الشيخ سفر الحوالي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 17-06-2003, 02:49 PM   #1
أبوعمر السحيم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Dec 2003
البلد: :: المملكة العربية السعودية ::
المشاركات: 1,017
رسالة الى العلماء .... الشيخ سفر الحوالي


الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله ‏وصحبه أجمعين، وبعد فقد سبق لي الحديث – شفهياً وكتابياً – عن مسؤولية المتطرفين في ‏الإدارة الأمريكية عما يحدث في بلاد الإسلام من ردود فعل غير محسوبة. وهنا أوجه ‏حديثي إلى بعض المشايخ الفضلاء، الذين كان لهم قبل الأحداث الأخيرة وبعدها موقف ‏متميز عن سائر العلماء، ذلك الموقف الذي جعل بعض الشباب لايأخذون العبرة مما حدث ‏وأوقعهم في حيرة من أمرهم.

‏إن هؤلاء الشباب أمانة في أعناق الجميع، والصراحة ‏والصدق معهم واجب على كل من يريد وجه الله ويحرص على قطع الطريق على من يتربص ‏بالدين وأهله ويشوِّه سمعة الإسلام ويستر محاسنه.

إن مراعاة المصالح والمفاسد من ‏أهم مايجب على الدعاة والمربين نشره وتأصيله في منهج الدعوة إلى الله والعمل لنصر ‏دينه. بناء على القاعدة العظيمة التي ذكرها الله في كتابه كما في قوله تعالى ( ‏ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم )، وانتهجها النبي – ‏صلى الله عليه وسلم – في سيرته الزكية، ومن ذلك إبقاؤه بناء الكعبة على قواعد ‏الجاهليين بدلاً من نقضها وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام، ومثل تركه قتل ‏المنافقين الذين أنزل الله تعالى فيهم قوله : ( لاتعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) ، ‏وقوله : ( يحلفون بالله ماقالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا ‏بما لم ينالوا)، وكان مما هموا به ارتكاب أكبر جريمة في الدنيا وهي اغتياله – صلى ‏الله عليه وسلم – . وهؤلاء وغيرهم من المنافقين لم يجر عليهم من أحكام الكفر شيئاً، ‏بل عاشوا وماتوا مشمولين بأحكام أهل القبلة ظاهراً. ‏مع استمراره – صلى الله ‏عليه وسلم – في جهادهم بالحجة والموعظة، والتحذير منهم والإعراض عنهم وغير ذلك.

‏وإن مخالفة سنته واتخاذ غيره أسوة لايورث إلا الفتنة والعذاب ( فليحذر الذين ‏يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )، وهذا إبراهيم عليه السلام ‏الذي أوحى الله تعالى إلى سيد الخلق أجمعين باتباع ملته، كما في قوله تعالى : ( ثم ‏أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً ) تعلّل بأنه سقيم ولم يقل إني أريد أن ‏أخلفكم في أصنامكم بما تكرهون، ولم يقر بأنه الذي حطم الأصنام بل أوقع أعداءه في ‏الإيهام فقال : ( بل فعله كبيرهم هذا ) ، هذا وهو إمام الموحدين وهو القدوة في ‏البراءة من المشركين، وقد خاطب أباه بألين خطاب وألطفه كما في سورة مريم، ولما يئس ‏منه وعد بالاستغفار له حتى نهاه ربه.

‏كما أن السياسة الشرعية من أعظم أنواع ‏الحكمة التي يهبها الله لأوليائه وجنده قبل أن يمكن لهم في الأرض وبعده، فهذا رسول ‏الله – صلى الله عليه وسلم - يهادن قبائل اليهود، ويصالح قريشاً، وينصرف عن ثقيف، ‏ويستميل زعماء غطفان وغيرها بالعطاء، وكان إذا أراد أن يغزو قوماً ورّى بغيرهم، ‏وإذا عاداه قوم حرص على مصالحة الآخرين ليتفرغ لهم، وإذا حالفته قبيلة مثل خزاعة، ‏وهب مشركها لمسلمها ولم يستعْدِه، إذ لو فعل فربما خسر القبيلة كلها، وكان – صلى ‏الله عليه وسلم – يفرق بين من نصره وحماه من المشركين، وبين من عاداه وآذاه وآذى ‏أصحابه، كما أن المشركين كان منهم من تقاسموا على الكفر وعلّقوا صحيفة الجور ‏والحصار في الشعب، ومنهم من أنكره ومزَّقها.


إنه لمن المؤسف أن تغيب هذه الحقائق عن بعض الدعاة وطلبة ‏العلم، أو يستجرهم حماس بعض الشباب إلى إهماله، فنجدهم يستسلمون لأمواج الأحداث، ‏ويدفعون بأنفسهم إلى موقع التهمة المباشرة في كل حادث، ويظهرون خلجـات صدورهم على ‏الأوراق، ولايميزون بين ثبات مبدأ العداوة في الدين، وبين سعة أساليب التعامل مع ‏المخالفين، مع صراحة النصوص في أن المخالفين لنا في الدين ليسوا على حكم واحد، بل ‏منهم المحارب المعتدي، ومنهم المسالم العادل، ومنهم النائي بداره عنا فلا تربطنا به ‏علاقة حرب ولاسلم ، بل منهم من تقتضي المصلحة أن نتركه ما تركنا ولانهيجه علينا. ‏وقد جاء هذا الأخير منصوصاً عليه وهو مذهب بعض فقهاء الأمة (1) ، هذا عدا من يربطه ‏بالمسلمين عهد ذمة أوصلح أوهدنة أو أمان، والأمة الواحدة أو القبيلة الواحدة يكون ‏فيها نوعان من هؤلاء أو أكثر، والتفريق بينهم في التعامل ثابت بصريح القرآن، وصحيح ‏السنة، وسيرة الخلفاء الراشدين، وإجماع العلماء. ‏إنني أذكّر هؤلاء الأفاضل بأن ‏العلماء يجب أن يقودوا لا أن يقادوا، وبأن الشجاعة في مواجهة الحماس غير المحسوب ‏لاتقل أهمية عن الشجاعة في مواجهة العدوان.


إنه لمن المؤسف أن تغيب هذه الحقائق عن بعض الدعاة وطلبة العلم، أو ‏يستجرهم حماس بعض الشباب إلى إهماله، فنجدهم يستسلمون لأمواج الأحداث،

وإن اتهاماً يوجه إليك أيها ‏الشيخ أو الداعية بأنك مخذِّل أو متخاذل- مع درء فتنة عظيمة عن الأمة والدعوة – خير ‏لك وللإسلام من أن يكال لك الثناء ثم تلقى الله وفي عنقك أنفس مسلمة معصومة، وأموال ‏مسلمة معصومة، أو أسرى من المسلمين بيد العدو أخذهم غنيمة باردة، وذرائع لأهل الكفر ‏يتسلطون بها على أهل الإسلام، وأسباب لأهل النفاق يحاربون بها الدعوة، ولاشيء يقابل ‏هذا إلا موت عدد من الناس قد يموتون في حادث سيارة، وقد يكونون ضد حكومتهم في ‏عدوانها، بل قد يكون فيهم مسلمون كما رأينا في تفجيرات الرياض، فلو كان قتلهم ‏جائزاً من كل الوجوه لكانت النتيجة خاسرة بميزان المصلحة والمفسدة.



إخواني :-

إنه يجب إعادة النظر في مفهوم النصر ‏والهزيمة، والربح والخسارة، وفقاً لطبيعة المرحلة وأهداف الدعوة على منهاج النبوة، ‏وقد مرّ المسلمون في أول الإسلام بثلاث مراحل ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية؛ قال : " ‏كانوا قبل بدر يسمعون الأذى الظاهر ويؤمرون بالصبر عليه، وبعد بدر يؤذون في السر من ‏جهة المنافقين وغيرهم فيؤمرون بالصبر عليه، وفي تبوك أمروا بالإغلاظ للكفار ‏والمنافقين فلم يتمكن بعدها كافر ومنافق من أذاهم في مجلس خاص ولاعام" (2) ، وإذا ‏قمنا في كل مرحلة بواجب الوقت، وراعينا واجب المكان أيضاً فذاك مقتضى الحكمة ‏والمصلحة الدينية، فمثلاً قبل أيام من وقوع التفجيرات الأخيرة حدث في السفارة ‏الأمريكية في الرياض حادث كان مصلحة للدين، ونصراً للمؤمنين، وغيظاً لليمين المتطرف ‏والأصوليين الإنجيليين، وكان بطل هذا الفتح هو الداعية الإسلامي (ذاكر نايق) الذي ‏ألقى محاضرة عن الإسلام هزت قلوب الحاضرين وأسلم بعدها اثنان من الموظفين حالاً. ‏وهنا نسأل : أليس الأجدر بالدعاة إلى الله أن يقتحموا ميدان الدعوة لفتح القلوب وأن ‏لايخلطوا بين ميادين الجهاد هناك على الثغور، وبين ميادين الدعوة هنا في الرياض ؟ ‏وأن يقاوموا العدوان متساندين لامتخالفين، وبذلك تتوازى أعمال الأمة ولاتتعارض، ‏ويلقى المعتدون المحتلون جزاءهم العادل، وفي الوقت نفسه يجد المنصفون منهم ‏والراغبون في الخير طريقهم إلى الإسلام،ويرون تقديرنا لرفضهم العدوان، عملاً بما ‏أخبرنا به ربنا وما نراه بأعيننا من أنهم ليسو سواءً، وقد اعتقلت حكومتهم الطاغية ‏أكثر من ألف منهم في يوم واحد بسبب رفضهم العدوان علينا، واحتجاجهم على ذلك بإقامة ‏الحواجز على الطرق الرئيسية!


ومن جهة مراعاة واجب المكان نقول: هذه الحملة الظالمة ‏التي قامت على الإسلام بسبب الحادث في أمريكا وغيرها، وهذه الضجة من الاستنكار له ‏في العالم الإسلامي عامة، والمملكة خاصة، هل كانتا ستقعان لو وقع هذا الهجوم على ‏قاعدة أمريكية في أفغانستان أو العراق؟ ‏إذا كنا متفقين على الجواب بالنفي، ‏فلماذا لانتفق على وضع كل شيء في موضعه الصحيح؟ إن حجم الاستنكار هنا في الداخل ‏فاق كل التصورات، ولو قال قائل إنه إجماع لصدق، وهذا أمر عادي بل مطلوب، ولكن له ‏جانب سيء هو أن مثل هذه التفجيرات التي تقع هنا وهناك من بلاد الإسلام تلحق ضرراً ‏مباشراً بالمجاهدين المرابطين على الثغور، وبقضاياهم العادلة، وحقهم المشروع في ‏مقاومة المحتلين، وهم أكثر الناس معرفة بحجم الضرر أو هكذا ينبغي أن يكونوا، فالقول ‏قولهم لاقول الأدعياء الذين لايعرف من هم ! ومن هنا أدعوا الإخوة المشايخ إلى ‏مراجعة موقفهم ومصارحة الشباب بذلك، كما أدعوا الأخوة المجاهدين جميعاً إلى استنكار ‏هذه الأعمال، ودعوة الأمة إلى توحيد صفها لنصرتهم وتسديدهم، وأدعوهم إلى توجيه ‏الشباب من أتباعهم إلى ترك هذه الأعمال ولاسيما في دار الإسلام، وتوجيه جهودهم إلى ‏جبهات القتال، وثغور الرباط وحدها، والحرص على كسب تأييد الشعوب، وقبل نشر هذه ‏السطور اطلعت على إعلان إخواننا المجاهدين في الأرض المقدسة واستنكارهم لما حدث ‏فنعم مافعلوا.


إن أمن بلاد الحرمين أمن لكل مسلم من ساكن ومقيم وحاج ‏ومعتمر، وهو أمن للدعوة وللجهاد في كل مكان،وهذا أصل عظيم يجب أن يكون نصب أعين كل ‏عالم وداعية ومجاهد من المسلمين في أرجاء الأرض كلها، ولنكن جميعاً يداً واحدة في ‏الضرب على يد من يريد مسخ عقيدة الأمة وتبديل شريعتها وتشويه مناهجها، وإفساد ‏أبنائها وبناتها ويحارب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيها كائناً من كان. ‏فهؤلاء هم الذي يريديون أن يخرقوا السفينة، ويهدم الحصن الأخير للإسلام، وليس العدو ‏هو حامل السلاح علينا فقط، بل هؤلاء الذين قال الله فيهم ( هم العدو فاحذرهم قاتلهم ‏الله أنى يؤفكون) وجهادهم نوع آخر مطلوب كجهاد أولئك لكن بغير وسائله قال تعالى : ( ‏ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) ومايسعون إليه هو أكبر من كل ‏تفجير وأعظم من كل تدمير قال تعالى : ( والفتنة أشد من القتل ) وللحديث عن هؤلاء ‏مقامه الذي لاتحتمله هذه الذكرى.


إن من يتأمل حالنا مع الله، وموقعنا من الاعتصام بحبله ‏والتمسك بهديه، لايعجب من وقوع البلاء، بل يعجب من سعة رحمة الله وفضله علينا وعفوه ‏عن كثير مما كسبت أيدينا، فالابتعاد عن هدى الله وشريعته يتزايد، والمنكرات تتكاثر، ‏والغفلة تستحكم، والاغترار بمتاع الدنيا يسلب الألباب، والركون إلى الظالمين ‏وموالاة الكافرين يجاهر بهما الناعقون، وقائلوا كلمة الحق والناصحون المشفقون ‏الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكرتسكتهم قوة الباطل، وتأكل لحومهم وسائل الإعلام، ‏ودعاة الشرك والبدعة يرفعون رؤوسهم بلا حياء ولا وجل، وبعض المحسوبين على الدعوة ‏أعرضوا عن قول الله تعالى: ( أشداء على الكفار رحماء بينهم ) وأمثالها من الآيات، ‏وقوله- صلى الله عليه وسلم - : ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) ‏وأمثالها من الأحاديث، واشتغلوا بالثلب والتجريح لمن يخالف رأيهم من العلماء ‏والدعاة والخطباء، يلتمسون لهم العيوب ويتصيدونها بأبعد التأويلات ويطعنون في سرائر ‏القلوب والنيات، ويطمسون المزايا والحسنات، ويستخفون بهذا من الناس ولايستخفون من ‏الله، وأمة هذا حالها جديرة بأن يلبسها الله شيعاً، ويذيق بعضها بأس بعض، ويسلط ‏عليها عدواً من سوى أنفسها. نسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعاً وألا يؤاخذنا بما ‏فعل السفهاء منا إنه جواد كريم.

---------------------------

‏الهوامش :-

1 ) ‏في مذهب الإمام مالك أنه لايجوز ابتداء الحبشة والترك بالحرب عملاً بحديث ( اتركوا ‏الحبشة ماتركوكم فإنه لايستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة) قال مالك ( ‏لم يزل الناس يتحاشون غزوهم ) وهذا واضح في تاريخ الفتوحات الإسلامية فقد امتدت ‏شرقاً وغرباً إلى أقصى الأرض ولم يحاول المسلمون فتح الحبشة مع قربها ومعرفتهم ‏بأحواله، فلايبعد أن يكون ذلك مقرراً لديهم ومعلوم احتجاج الإمام مالك بعمل أهل ‏المدينة والحديث المذكور رواه الإمام أحمد ( 5/371) وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ‏إلا موسى بن جبير وهو ثقة. وهذا غير مسلم ( انظر التهذيب ) والاستدلال بالمتفق عليه ‏كافٍ في توجيه القول بترك إهاجتهم. ‏وأما حديث النهي عن قتال الترك فمن رواية ‏ابن لهيعة ( انظر مجموع الزوائد ( 5/ 303-413) وتفصيل الكلام عن الروايات ليس هذا ‏مقامه لكن الثابت تاريخيا أن إهاجة المغول على المسلمين بقتل رسل جنكيز خان فتحت ‏على المسلمين شراً وبيلاً.

2 ) ‏الصارم المسلول 227 ط المكتب الإسلامي.

منقول
أبوعمر السحيم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:09 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)