|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
20-06-2003, 03:18 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
|
اقرأ ، واقرأ ، واقرأ ؛ وعقلك الحَكَمُ !
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً ما نسمع من بعض المحاضرين في الجامعات ، والمثقفين في شتى الميادين ؛ كلمات تشجيعٍ يدعون بها الشبابَ إلى اقتحام دائرة الثقافة من أوسع أبوابها ! . « فالعلم ليس حكراً على أحد ! ومن حقِّ كلِّ عقلٍ أن يفكر ! ، وكلِّ مثقَّفٍ أن يجتهد !. والعقولُ التي وقفت أمام معضلات الثقافة ، وقذائف الأفكار ؛ عقول بشر ! وأنتم ـ يا معشر الشباب ـ بشر ! ..». قلتُ : حين يسمع بعضُ شبابنا مثل هذه الكلمات يعترضُ ـ وبدافع الفطرة السليمة ـ ولله الحمد ـ على قائلها محتجاً بضرورة أن يحفظ الإنسان عقله من التشويش وسموم الأفكار ، ليصفوا له دينه ، وتبقى له عقيدته . ولأن المعضلات من شأن أهل الاجتهاد ، والاجتهاد من اختصاص أهل العلم الراسخين . ولسنا على قدر كافٍ من الحصانة العلميَّة ؛ فنخوض في تلك البحار !. ثمَّ يكرُّ عليهم أهلُ المكر بدعاوى منها : « المثقف العاقل ! صاحبُ المبدأ ! ابن التوحيد ! لاتؤثِّر به تلك السموم لأنَّ لديه مناعة ! فهو حين يقرأ يفكر ، فلا يقتنص إلا جيِّد الأفكار ، فالحكمة ضالة المؤمن !! . ثم ! ليس كل ما وُصف من الآراء بالضرر والسمية فهو كذلك ، فإن أصحاب العقول المتحجرة ، والأحكام المتزمتة ؛ لا حقَّ عندهم إلا ما رأوا وقرروا . ونحن لا نريد أن نقف عند أقوالهم ، ونحجر عقولنا على آرائهم .. أليس لنا عقول ؟!! ألسنا نفكر ؟! ألسنا رجالاً وهم رجال ؟! » . قلتُ : يسمع الشاب المسكين هذا الكلام البرَّاق ، ويخفى عليه ما به من توهم وإيهام ، ودجلٍ وسخف أحلام . فتستهويه كتب التنظير والتقعير ، ويشده ما بها من أمثال تلك العبارات : « إنَّ ذلك لا يكون إلا ـ الحقُّ أنَّ .. ـ فليس إلا .. ـ يجب علينا أن نعلم .. ـ يقول المستشرق الكبير ... ـ يقول شكسبير ـ يقول فيثاغورس ـ يقول مارك توين ـ يقول لين بوتانغ ـ يقول ول ديرويت .. ـ استراتيجية التفكير ـ منظومة الفكر ـ حرية الرأي ـ أحادية الرأي ـ ليس المهم أن نتفق ...». فيدخل المسكين في الدوَّامة ، ويجمع من خليط الأفكار ، ومتناقض الأقوال ؛ ما يضيُّع عليه دينه ، ويصرفه عن الثقافة الرصينة ، والعلم المؤصَّل . لكنه قد يحصل على لسان طليق ، وأشتات من المعارف ؛ تعطيه القدرة على التحليل والتنظير حتى ليخيل للسامع أنه على علم، وما هو إلا متعالم مغرور ، جريء على القول على الله بغير علم ؛ فيقع في مهالك عظيمة . نسأل الله السلامة . ورحم الله من قال « يأتي عليكم زمان يكثر فيه الخطباء ، ويقل العلماء ». قال العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى : « فيجب أن يُعتقد أنه ليس كل من كثُر بسطه للقول ، وكلامه في العلم ؛ كان أعلم ممن ليس كذلك ، وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسَّع في القول من المتأخِّرين أنه أعلم ممن تقدَّم ! ». [بيان فضل السلف على علم الخلف]. ومما سمعنا من مقالات أهل الغبن : قول أحدهم وهو يهوِّن من قراءة بعض كتب المجون حيثُ يقول : « أترون أن من يقرأ رواية ماجنة ـ مثلا ـ سينطلق من فوره إلى السوق ليبحث عمن تُشبع شهوته ؟! ». ! وقد غفل هذا أو تغافل عما تتركه هذه الكتب من أمراض في القلب ، وتهييج للنفس ، وضيق في الصدر !. وآخر يدعو لقراءة كتب الفلسفة ويزعم أن بعض الفلاسفة نهجوا نهجاً سليماً ! في الفلسفة ، حيثُ لم يقعوا بما وقع به الفارابي ـ مثلاً ـ ، ولذا فأنا أنصحكم بها لما فيها من فائدة . !! وهل خطر الفلسفة ينحصر فيما يتعلق بالكلام في الذات الإلهية ـ تعالى الله ـ ؟! لا ؛ والله ! قال الفخر الرازي ـ الذي لم يترك طريقاً ولا فناً من فنون علم الكلام إلا وطرقه ، رجع عنه وبين حقيقته فقال : ـ « لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلا ...» إلى أن قال : « ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي ».[مقدمة تحقيق " تحريم النظر في كتب أهل الكلام" ؛ لدمشقية. وأحال على: سير أعلام النبلاء: (21/501) فراجعه ففي تجربة الرازي وأمثاله ـ كالجويني ، والغزالي ، والشهرستاني ـ عبرة !]. فخذوا العبرة يا عشاق الإبداع ! وآخر قرر لطلابه عمل دراسة لبعض أسفار أهل الكتاب .!! ضارباً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك عرض الحائط . وسمعنا أن بعضاً من هؤلاء قد حُوسبوا من قِبل المسؤولين في بعض الجامعات فجزاهم الله خيراً ، لكن نريد مزيداً من اليقظة ؛ لأمثال هؤلاء الذين فتكوا وما زالوا يفتكون بعقول شباب الإسلام . وأهدي إخواني الشباب هذه الوصايا الربانيَّة : « لا تجعل قلبك كالسفنجه تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه وإيرادها على نفسك أو غيرك، فالشبه خطافة، والقلوب ضعيفة، وأكثر م يلقيها حمالة الحطب – المبتدعة – فتوقهم ». [حلية طالب العلم81]. قال محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر ، عن مغيرة قال : « خرج محمد بن السائب ، وما كان له هوى ، فقال : اذهبوا بنا حتى نسمع قولهم ـ أي أهل البدع ـ فما رجع حتى أخذ بها ، وعلقت قلبه ». قال سهل بن عبد الله التستري رحمه الله تعالى : « ما أحدث أحد في العلم شيئاً إلاّ يُسأل عنه يوم القيامة فإن وافق السنة وإلا فهو العطب ». [تحريم النظر في كتب الكلام؛ لابن قدامة: 70]. قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى : « ما ازداد صاحب بدعة اجتهاداً إلا ازداد من الله بعداً ». قال محمد بن سيرين رحمه الله تعالى : « كانوا يقولون : ما دام على الأثر ؛ فهو على الطريق ». قال ابنُ مسعود رضي الله عنه : « إنَّها ستكون أمورٌ مشتبهات ، فعليكم بالتؤدة ، فإنَّ الرجل يكون تابعاً في الخير ، خير من أن يكون رأساً في الضَّلالة » . [ الإبانة لابن بطة : (1/329 ) ]. اللهم اجعلنا من المتبعين ، ولا تجعلنا من المبتدعين الضالين ، اللهم وأرنا الحقَّ حقّا وارزقنا اتباعه ، والباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه . وصلِّ اللهم على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه». [/center] [توضيح الكافية الشافيَة]. [/mark]صفحة ناشر الفصيح |
الإشارات المرجعية |
|
|