[أبو سليمان الحامد]

استاء كثيرٌ من الناس من أجل تكرار انقطاع الكهرباء عن منازلهم ومدارسهم خلال أوقات الذروة واشتداد حر الظهيرة الملتهب , وهو استياء في محله , وغضب في مكانه ولا شك , ولكن مع قليل من الهدوء والروية نجد أن لشركة الكهرباء أهدافاً نبيلة في تكرار هذا الانقطاع عن بعض الأحياء , ولعلي ألتمس شيئاً من هذه الأهداف التي لم تصرح بها الشركة , ولكنه من لحن قول مسؤوليها وفقهم الله :
الهدف الأول : هدف إيماني نبيل .
وذلك أن الشركة تريد من انقطاع الكهرباء في شدة الحر أن يتذكر الناس حرارة جهنم , فهم يعيشون هذه الحرارة الحقيقة كل ظهيرة حين يضربهم وهج الشمس , ويتوقفُ التبريدُ معلناً عن حرارة فوق حرارة وكأني بمسؤول الشركة يتلو على المتذمرين من المواطنين قوله تعالى : " قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أشَدُّ حَرّاً " , ويذكرهم بالحديث الشريف : " فإن شدة الحر من فيح جهنم " .
ونحن بدورنا نشكر المسؤول الذي جعلنا نعيش هذه الإيمانيات العظيمة , ولكن نتمنى أنه عاشها مثلنا ليكون ممن يُتْبِعونَ القولَ العملَ !!
ومن الإيمانيات في هذا العمل الذي تهدف من ورائه شركة الكهرباء تذكر ظلمة القبر حين يتوقف النور فجأة في ظلام الليل الدامس فتعيش في بيتك ظلمة مع حر شديد .
الهدف الثاني : هدف إنساني :
وذلك أن الشركة تريد منا أن نتذكر إخواننا الضعفاء في أفريقيا الذين يمسهم اللهب , وتحرقهم الشمس ولا يجدون كهرباء يبرد عليهم حياتهم , فعليك أخي العزيز أن تتذكر تلك الأمم الفقيرة البائسة , وأن تعيش حياتهم الصعبة كي تحمد الله على النعمة , في حين أن المسؤول وفقه الله خَطَّطَ ( لصيف هذا العام ) أن يعيشَ حياة البؤساء في جبال النمسا وحدائق سويسرا وشواطئ فرنسا !!
الهدف الثالث : هدف اجتماعي .
وذلك أن الكهرباء وزعت على الأحياء بالتناوب ,
كي تخرج من بيتك إلى بيت أحد أقربائك الذين لم يصلهم بعدُ إغلاق الكهرباء فتمكث عندهم وقت الظهيرة , فتكون بهذا قد وصلت رحمك بارك الله فيك .
الهدف الرابع : هدف سياحي .
وذلك أن الشركة تريد أن تدعم السياحة في هذا البلد المبارك , كي تعجل بالناس الخروج من منازلهم حيث مصايف المملكة الجميلة , بحثاً عن الجو البارد , والمتعة الحقيقية , ولكن المشكلة أن الشركة بكَّرَتْ قليلاً في هذا الإجراء فغالبية الناس في أجواء الامتحانات , ولا يستطيعون مغادرة منازلهم !!
الهدف الخامس : هدف اقتصادي .
لما رأت الشركة وفقها الله أن الناس قد أثكلت كاهلهم المصارف الاقتصادية أرادت أن توفر عليهم شيئا من فواتير الكهرباء , بإغلاق التيار فترات متقطعة من اليوم تنخفض من خلالها فاتورة العداد الكهربائي , ولا بأس حينئذ أن تتعرض بعض أجهزتك أو أطعمتك للفساد , فإن ذلك ليس من اختصاص الشركة , بل لأنك اشتريت أجهزة رخيصة الثمن تقليدية الصنع تفسد مع أول انقطاع للتيار !! .


فشكراً أيها الشركة العملاقة على هذه الأهداف العظيمة التي عشناها وما زلنا نعيشها , وسنعيشها إلى أجل غير مسمى .
ولكننا نأمل من الشركة الموقرة أن توزعَ أهدافها على المدن والأحياء الأرستقراطية دون الاكتفاء بأحياء الغلابة والكادحين .