[Ali Ezzat Begovich]

قبل أكثر من أربعة عشر سنة وقبلها وبعدها كنتُ طفلاً لايجاوز باب بيته يطل برأسه صوب الشارع ليرى مايدور فيه .

رجاء من الأخوة الذين عندهم حساسية من نقد الهيئة أو وصفها أو التعليق على بعض المواقف ألا يقرأ موضوعي ولا يرد عليه، لأني أصور لكم لقطة معينة، مع أني احترم الهيئة وإن كنتُ أختلف مع بعض تصرفاتها .

حين تَطرُقُ مخيلتي تلك الأيام التي فُتحت فيها الأبواب على مصرعيها لأفراد الهيئة في العقد الماضي والذي يسبقه فإني لا أستطيع أن أكتم ابتساماتي وضحكاتي ليس استهزاءً بل تعجباً ، تذكرون في الأعوام التي بين 1412 و 1419 تقريباً كان للهيئة التصرف التام في البلد والسلطة الواضحة، حتى يقول البعض أنه لترتعد فرائصه وهو يمر من عند رجل الهيئة، وهذه السلطة واللاقيود جعلت بعض شبان الهيئة يتمادون وتحضر لديهم الذات البشرية وتتداخل مع عمل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيكون الأمر ذاتياً .

أذكر أنني كنتُ في الحي الذي أقطن فيه أشاهد كثير من الشباب والصبية المتمردين (بحسب وصف الهيئة) والذين هم في حرب شعواء مع الهيئة كانت الهيئة في حينا وكأنكِ تشاهد أحد أفلام الأكشن الإمريكية، بل أبدع وأروع من ذلك ، حيث الترصد والترقب والتخفي والتهيئ ومحاولة الصيد لبعض الشباب لأنهم فقط خرجوا من بيوتهم , أقول لكم كانت السلطة لهم على مصرعيها , عموما ذات مرة رأيت موقف لم أراه حتى في تلك الأفلام كانت الهيئة تلاحق شاب ب(جُمسها ) وهو يجري بقدميه وحين جاء التقاطع اتجه إلى اليمين وأراد أن يرجع بتجاه السيارة حين تلف باتجاه اليمين ولما جاء بعكسها بشكل سريع وبديهي فتح رجل الهيئة الذي يركب في المقعد الأيمن الباب ليصيد هذا الشباب المسكين مع وجهه فيخر ساقطاً على الأرض وينالوا منه وربما اقتادوه، كان جرمه فقط أنه خرج من بيتهم الساعة العاشرة مساءً .

ذات مرة كنا اطفالاً نلهو في حديقة الملك خالد الحضاري ، وإذا بشاب متحمس يبدو أنه قارب العشرين سنة يجوب هذه الحديقة باحثاً عن الشبان الذين يعاكسون الفتيات كما يتضح من ترقبه ، وقفَ عند شاباً ، أخذا يتحاوران ونحن نرمقهما من بعيد وعلى حين غرة فرّ الشاب من هذا المتدين وأخذَ يلاحقه وقد رمى بشماغه على الأرض وطقيته سقطت أثناء لاحاقه به وهما يقفزان الحواجز وكأنكَ بسباق مثير ، أخذنا نشاهد تلك المواقف التي أدخلت السرور على انفسنا حيث السرعة واللهاث وقفز الحواجز ، ياله من موقف مضحكٌ جداً .


كنت قبل ثلاث سنوات أجلس مع أطفال أخواتي أداعبهم وألعب معهم ، وإذا بشابين ملتحيين قد عكفا مسارهما باتجاهي ، كنتُ ألبس البنطال والتي شريت ( لقد أصبحتُ مشبوهاً ياللهول ) قدما إليّ وأنا ممتعضٌ من تصرفهما الأرعن ، قالا ماذا تفعل هنا ( ياسلام على حسن الظن والاتهام المباشر )، قلت ماشئنكما قالا أهلكَ معك قلت وهؤلاء الأطفال من يكونون ، بعدها صمتا، ثم ذهبا وعادا بعد دقيقة قالوا هل جوالكَ يحمل برنامج ( البلوتوث ) قلتُ وما شأنكما قالا يمنع البلوتوث قلت هل رأيتموني استخدمه قالوا لا ، قلت لاجواب إذن لدي، ونهرتهما بعدة كلامات جزاءً لسوء ظنهما، اكتشفت أنهما ليسا رجال هيئة وتدخلا في عمل خُصص للهيئة ولو كنتُ طويل بال لرفعت عليهما قضية !! .
مخرج / الإنسان بطبيعته حين يعطى سلطة مطلقة فإنه يستبد ويستعبد أخيه الإنسان، حتى لو كان بدافع ديني ، والمتدين حينما يبرر استبداده وتشدده فإنه يبرر ذلك بالدين دون أن يدرك بوعي أو دون وعي، إنه الفعل التسلطي نتيجة الذات التي منحت سلطات مطلقة وبررت ذلك بدوافع دينية .

[GLOW="CCCC00"]وللنقاش بقية [/GLOW]