[د. صالح التويجري]

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة ( ذهاب العلماء ) 24/7/1430هـ
د. صالح بن عبد العزيز التويجري
إن الحمد لله ...انا لله وانا إليه راجعون اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيرا.فجعت الأمة بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم بالخلفاء الأربعة ولا زالت الأمة تتلقى مصائبها .وللراقصين على جراحنا نقول امتنا ولود
(إذا سيد مِنّا مضى قام سَيدٌ قَؤول بما قال الكرام فعولُ)
عن ابن مسعود قال قال رسول الله تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الاثنان في الفريضة لا يجدان أحدا يفصل بينهما ([ رواه أبو يعلى والبزار عن ابن مسعود) قال عطاء بن أبي رباح في قول الله عز وجل أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها قال ذهاب فقهائها وخيار أهلها
وَفي البُخَارِي مُسْلِم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا
* وذهاب العلم بذهاب أوعيته حفظا وعملا
فالعلماء هم الذين يبينون للناس معاني الكتاب السنة، ويجمعون بين النصوص،
بخلاف أهل البدع، الذين يضربون النصوص بعضها ببعض، ويؤولونها على غير تأويلها، فيضلون ويضلون، وكفى بهذا حث على طلب العلم، والعناية به، وأخذ العلم من أفواه العلماء. فمن كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه ".
لأنه إذا مات العلماء، لا بد للمناصب من يتولاها إفتاء وقضاء وتدريسا، وغيرها من المناصب، فإذا مات أهل البصيرة والعلم تولاها الأمثل فالأمثل. فإذا انتهى العلماء، تولى هذه المناصب من ليس من أهل العلم.
و لا بد أن يفتي و يقضي و يدرس و يعلم؛ فإذا لم يكن عنده علم ولا بصيرة، أفتى بغير علم، ودرس بغير علم، وقضى بغير علم؛ فضل وأضل، وهلك الناس .
*وسيأتي على الأمة زمان يكثر القراء ويقل الفقهاء ويقبض العلم ويكثر الهرج قال ابو الدرداء مالي أرى علماءكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون تعلموا قبل أن يرفع العلم فإن رفع العلم ذهاب العلماء / وعندها يظهر
فقه التبرير، الذي كثر في هذا الزمان فحين يستحسن إنسان أمرًا أو يرتكب حماقة يبحث لها عن دليل من كتاب أو سنة يبرر به حماقته ويدفع به اللوم عن نفسه، ولن يعدم أحدهم أن يجـد شـبهة مـن دليـل، ولكنه فهمه وحمله على غير مراد الشارع كما قال تعالى «وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا» (الإسراء:82)وفي آية أخري ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله )، وقد كان هذا هو مسلك أهل البدع الذين وصفهم السلف بأنهم ( يعتقدون ثم يستدلون، وأهل السنة يستدلون ثم يعتقدون).فليحذر المسلم من هذا المسلك التبريري المعوج
عباد الله إن لكل شيء اقبالا وإدبارا وإن لهذا الدين اقبالا وادبارا وإن من إقبال هذا الدين أن ترى القبيلة تتفقه بأسرها حتى لا يكون فيها إلا الفاسق أو الفاسقان فهما مقموعان ذليلان إن تكلما أو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا و إن من ادبار هذا الدين أن تجفوا القبيلة كلها حتى لا يبقى إلا الفقيه أو الفقيهان فهما مقموعان ذليلان إن تكلما أو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا
ومن الجفاء والاستهانة بالعلم خطورة الفتوى من صغار السن أوفي الصحف والمجلات والمنتديات التي تنشر كل شيئ وتستقطب ماهب ودب المهم ان تصنع لها شعبية ولو على حساب الدين والعقول وقد رخص الدين عند بعضنا حتى صاروا يأخذون دينهم من كل احد وهذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم
عباد الله من اشد الأمور قياس الرأي العام لاختلاف آلياته وتباين البشر في ميولهم وقناعاتهم وكثيرا ما تطالعنا صحف وإذاعات بنتائج استقراء الرأي العام حول قضية أو ظاهرة وبصرف النظر عن مدى مصداقيتها من حيث الشرائح التي أجريت عليها الاستبيانات وأسلوب الأسئلة وغيرها إلا إننا نقطع بنتائج انتخابات الجنائز فهي معبرة بصدق عن حقيقة ما يعتقده الناس تجاه العلم والعلماء ورجال الفضل والدين فهاهي جنائزهم مشهودة ومصيبتهم على الأمة عظيمة وهذا من جهة أخرى دليل وعي المجتمع فالناس يعرفون من يستحق الحب والولاء بخلاف أهل البدع والفن والطرب ولكل أتباعه وجمهوره في المحيا والممات جعلني الله وإياكم من حزب الله المفلحين وأعاذنا من الغواة انه سميع مجيب
*عباد الله ولئن تقلص أوتاد الأرض وحراس الفضيلة والهداة والدعاة فان الدين لله ولن يضيع دينه فلن يزال لله قائم بحجة في كل زمان ومكان ومن كلام رسولنا ص (أن الله يبعث على رأس كل مئة سنة من يجدد لهذه الأمة دينها )وقد يكون التجديد على يد فرد أو جماعة من الناس يحملون هذا الدين ويبلغونه للناس فهل تحدثك نفسك بأن تكون واحد من هؤلاء المجددين حين تحمل هم الدعوة وتظم نفسك مع المصلحين أو تجتهد في تربية ولدك ليكون مجدد القرن وما ذلك على الله بعزيز ** فإن الله بعث على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وبعث على رأس المأتين محمد بن إدريس الشافعي
اثنان قد مضيا وبورك فيهما /عمر الخليفة ثم خلف السؤدد
الشافعي الأبطحي محمد / إرث النبوة وابن عم محمد
أبشر أبا العباس إنك ثالث /من بعدهم سقيا لتربة أحمد
والرابع المشهور سهل محمد / أضحى إماما عند كل موحد
يأوي إليه المسلمون بأسرهم / في العلم إن خرجوا فنعم مؤيد
لا زال فيما بيننا شيخ الورى / للمذهب المختار خير مجدد