بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » مُـرَافـق ، بين أسِـرَّة المرضى ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 20-07-2009, 02:11 AM   #1
د / ماسنجر
طائر .. أتعبته الهجرة
 
صورة د / ماسنجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2008
البلد: مَع حِبر الأحـرُف
المشاركات: 822
مُـرَافـق ، بين أسِـرَّة المرضى ..

* *





ـ عفواً أخوي الزيارة ممنوعة ..
ـ السلام عليكم ..
ـ وعليكم السلام ..
ـ أنا مرافق لمريض ومعي ورقة المرافقة ..
ـ عطني أشوف ..! ،، طيب تفضل ..


وقفت عند المصعد بعد أن ضغطت زر الطلب .. انفتح بابه بعد أجزاء الثواني ، أشبه مايكون بقلبي عندما ينفتح للأحباب .. تقدمت حتى توسطته وضغطت زر الدور الثاني .. نظرت إلى الساعة : آووه لقد تأخرت على عبدالله ... خَرجت نغمة هادئة منبعثة من ثغر المصعد .. تقدمت خارجاً .. وفي الممرات يسيرون بعض الأطباء والممرضين .. أما المرضى فيسيرون وتتبعهم آلامهم وأوجاعهم .. تأوهاتهم وصرخاتهم .. تسير خلفهم ، مشيت بخطوات سريعة .. حتى وصلت إلى القسم المراد .. ولا أسمع إلى خشخشة حذائي ، وخشخشة مشاعري التي تؤلمها تلك المناظر في هذه الأماكن الأليمة ..

دخلت الغرفة الجماعية التي تتكون من خمسة أسرّة للمرضى .. يمكث عبد الله في ركنها ، وأمامه عجوز من أرض البادية .. أوقفتني صرخة حزينة أطلقها بها آلاف الأوجاع .. فتحت الستار فإذا بهِ نائم ، وضعت حقيبة جهازي المحمول جانباً .. وقمت بترتيب سَرير المرافق وإعادة قوارير الماء والعصير إلى الثلاجة ، تنبه عبدالله على صوتي ثم قال :
ـ جيت .. !
ـ هلا هلا .. إيه عسى ما تأخرت عليك ؟
ـ شوي تأخرت لكن عساك تعشيت ؟
ـ الحمد لله تعشيت قبل أجي ..
ـ هَنيْ وعافية ..
ـ الله يعافيك ، ها وش لونك وش لون صحتك اليوم ؟
ـ الحمد لله أشوى شوي .. يقولون إحتمال بكرى أطلع أو بعده ..
ـ ماشاء الله يبدو أن صحتك أحسن من أول دامك تبي تطلع .. !
ـ إيه أبشرك أخف من أول .. عطني الماء أبي آكل علاجي حطته الممرضة وغفيت ونسيت آكله ..
ـ سَم ..


يَـااه .. يبدو أن الألم يعصر جسده ، رجل عجوز .. جاوز عمره الستين عاماً .. بغترته الحمراء التي لفها على عنقه .. وبثوبه الأزرق .. وال"مغذي" فوق رأسه عله يعيد إليه نشاطه بعد إذن الله سبحانه ، شرب الماء بعد أن أخذ جرعته من الأدوية .. هدأ قليلاً حتى دخل النوم إلى عينيه متسللاً .. تأملت بمحياه الحزين ، المُتعب .. نظرت إليهِ وكأني أقرأ ما يدور في داخله على وجهه وما يؤلمه في جسده ..

جلست على حافة سرير المرافق .. أفكر قليلاً .. حتى ذهبت بي نفسي وسافر بي عقلي فأصبحت في جولة يقودانها إلى أمكنة لا يفضل أن أكون بها إلا كما أنا ، تجولت في داخلي فلم يكن مني إلا أن تسائلت حول عافيتي التي أنا بها .. أملكها ولا يملكها غيري .. ولا أشعر بها ويشعر بها غيري ، أيكون للحياة طعم و جسدي تبتعد عنه العافية بإبتلاء من الله سبحانه أو عقوبة ؟! ، أيكون للحياة لون غير اللون الأسود الذي يراه المريض متلوناً بها فيكرهها ويغبط المعافى الذي مازال يعيش بها ؟! ، لماذا نشعر بثمنها عند فقدها فقط ؟ .. ولا نشعر به وهي تحتوينا ؟ .. وبينما أنا كذلك .. إذ بعبدالله يلتفت إلي :
ـ مانمت .. !
ـ لا والله شوفة عينك ..
ـ وراه فيك شيء ؟
ـ لا أبداً .. بس كنت جالس أرتب المكان وجلست أريح ظهري شوي ..
ـ الله يريح قلبك .. أجل خلك قريب لا تبعد لا بغيت شي أناديك ..
ـ أبشر ماني رايح بأكون هنا ..


تربّعت في وسط السرير .. وفتحت الجهاز أقلب مابه يميناً وشمالاً ..
حتى وصلت إلى هُنا .. كتبتُ ماكتبته و جعلت آخر كلماتي :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( نِعْمَتَانٌ مَغْبُونٌ فِيهمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : الصِّحَةُ وَالفَرَاغُ ) ..



كَان هنا ..
د / ماسنجر




__________________
[POEM="type=1 font="bold large 'Traditional Arabic', Arial, Helvetica, sans-serif""]على مهلك .. ترى ذكراك ماتت = وأغصان الفراق اليوم حيّه
عيوني .. عن لقاك اليوم صامت = وحبّك زال عن دنياي ضيّه[/POEM]

سَلمان

آخر من قام بالتعديل د / ماسنجر; بتاريخ 20-07-2009 الساعة 02:21 AM.
د / ماسنجر غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:44 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)