[شُرُوق المَسَاء]

(( والله ياهو شيييييييييييييين .. أغدين أشري غيره )) هكذا قلت وأنا أنظر إلى جوالي القديم ..

قررت أن أشتري جوّال آخر جديد ..

انتهى وقت العمل .. وإذا بجوالي يصدر نغمة .. نظرت إليه .. وإذا (( أختي العزيزة .. تتصل بك )) عندها رددت عليها ..


أختي : (( السلام عليكم .. هلا بالقطوع )) ..

أنا : (( وعليكم السلام .. معقوله لاق صياح بصياح تسلم .. منهو القطوع أنا وإلا أنتي )) ..

أختي : (( هههه .. أنت .. ماعمرك طبيت بيتي يالله لك الحمد .. تسني غريبه )) ..

أنا : (( يابنت الناس .. خليه على الله .. قسم بالله إني مشغول إلى راسي بالدوام .. الله يعين )) ..

أختي : (( طيب تعال اليوم للبيت .. مسوية لك مكرونه بالباشميل .. اللي تحبه )) ..

أنا : (( وشووووووووو .. هلا بالعيال .. طيب أنا أباصل غرض وأجي .. لا تاكلون عن .. أفقع وجيهكم )) ..

أختي : (( لا لاتخاف محنب آكلين عنك .. بس أسرع .. لا تتأخر )) ..

أنا : (( طيب إن شاء الله )) ..

أختي : (( مع السلامه )) ..

أنا : (( هلا والله )) ..


عندها جلست أفكر قبل الخروج من العمل ..
كيف لي أن أسعد أختي مثلما أسعدتني .. هي تعلم جيداً أني أحب المعكرونة بالباشميل .. وعملتها من أجلي .. لماذا لا أعمل شيء من أجلها .. ولو مرة ..

لماذا هي تقدم وتبذل .. وأنا عديم إحساس .. أستقبل بالشكر فقط .. دون المبادلة ..

لطالما ساعدتني في أشياء كثيرة ..
كانت تضحي بكل ماتملك ..
كانت هي المعلم الأول لي في البيت .. لم أحتج إلى مدرس خصوصي قطّ ..
لماذا أنسى كل مافعلت في السابق ..
لماذا هذا الجحود ..


تذكرت أن جوالها والذي مضى عليه 4 سنوات !! .. أصبح قديماً جدا ..
منذ أن أشتراه لها زوجها أول الزواج .. وهو لم يتغير ..
إذا كان زوجها .. عديم الإحساس .. أو أنها لم تخبره بأنها ترغب بجوال آخر لحيائها .. لماذا لا أكون أنا الذي أهديها ..

لم أعلم فتاةً متواضعة مثلها .. لاتحب التصنع أبدا ..
أختي الأخرى .. أرهقت زوجها بالطلبات .. ولا يكاد يمر شهرين أو ثلاثة إلا وتطلب جوال آخر ..



عندها عزمت الأمر وتوكلت على الله ..
وذهبت إلى (( أسواق النافورة )) .. ودخلت أحد المحلات .. وأخذت أبحث عن جوّال لها ..
لأني أنا أعلم ما سأشتري لي .. لكني احترت ماذا سأشتري لها ..

ما الجوال الذي ترغب فيه .. عندها .. تذكرت أنها رأت جوال أختي الأخرى .. فقالت مداعبة (( تبيعينه علي )) ..

علمت من نغمة صوتها .. أنها تريد مثله ..
كان nokia E66 ..
عندها سألت صاحب المحل ..
هل عندك نوكيا 66 .. قال نعم ..
قلت : أعطني إياه ..
رأيته .. كان رائعاً جدا .. أو هكذا تخيلته .. ربما لأني سأهديه لشخص رائع .. رأيته رائعاً .. لا أدري ..

أخذت الجوال الذي أرغب أنا ..

وأخذت لها كذلك التي ترغب به أيضاً ..

حاسبت .. وخرجت من المحل ..

قبل يومين تقريباً .. كتبت موضوع عن أختي الصغيرة .. والتي أردت إهدائها هدية ..
فاقترحت علي إحدى الأخوات الفاضلات .. أن أجمع إكسسوارات للأطفال .. وأجعلها في باقة ورد .. وأغلفها عند أحد المحلات .. في النخيل بلازا ..

وبحكم أن النخيل بلازا قريب .. أردت أن أذهب وأغلف الجوالات التي معي .. كي يزداد جمال الهدية ..

ذهبت إلى النخيل .. وأردت الدخول .. فأمسك بي أحد الحراس قائلاً .. ممنوع ..
حاولت أن أشرح له .. لكنه كان لا يعرف إلا ممنووووووع .. وكأنه قد لُقّن هذه الكلمة ..

عندها .. لم أرد الإطالة .. فالمعكرونة بانتظاري هناك ..

ركبت السيارة .. متجهاً إلى البيت .. عندها جاءني صوت الجوال ..
نظرت إلى الشاشة .. وإذا بها (( أختي الغالية تتصل بك ..))

أنا : (( نعم )) ..
أختي : (( السلام عليكم .. وينك )) ..
أنا : (( وعليكم السلام .. موجود إكسترا .. قصدي هذاي بالطريق .. دقايق وأنا عندكم .. وعندي مفاجأه .. أجحديه )) ..
أختي : (( بسرعه يالله أبطلع المكرونه من الفرن )) ..
أنا : (( طيب أنا حولكم .. عندي مفاجأه )) ..
أختي : (( طيب .. طوووووووط طووووووط )) صوت القطار ..

عندها أقتلبت ملامح وجهي .. من اليوم وأنا أكرر .. مفاجأة . مفاجأة .. ويبدو أن الأخت حفظها الله .. لم تسمعني جيدا ..
كنت أتوقع أن تقول .. حقاً وما هي المفاجأة .. لكنها لم تقل ..

المهم .. وصلت البيت .. وفتحت الباب .. وإذا هم جالسون في (( الحوش )) ..

مباشرة .. نظروا مابيدي من أكياس ..

قالت أختي الصغيرة : (( وش اللي معك )) ..
قلت أنا : (( هدايا للحلوين فقط )) ..

وجئت عند رأس أختي .. وكنت قد حظرت كلاما حفظته بالطريق ..

قلت (( مهما تعاقبت الأيام .. ومهما طال البعد .. ومهما زاد الجفاء .. إلا أن من نحب .. نبقى نحبهم .. أحببناكم فأهديناكم .. على قولت الشيبان .. حنا إن شاء الله كريمين .. وأنتم تستاهلون )) ..

لا تسألوني عن المشاعر حينما رأوا الهدية ..
أعذروني سأتوقف عند هذا الحد ..

كم نحن غافلون .. مغفلون .. حمقاء .. مجانين .. لا نستحق الحياة ..

أقسم بالله .. لو أني أنفق كل مالي .. لأرى ما رأيت بالأمس من فرحة بالمشاعر أكثر منها فرحة بالهدية نفسها .. لكفى ..


لم أستطع العشاء .. كنت أنظر إليها وهي تقلب الجوال ..
الوالدة لا يزال لسانها يدعي لي ..
وأختي كذلك ..

أخواتي وإخواني أصبحوا ينظرون إلي بفخر ..
مشاعر لا توصف أبدا ..

قالت أختي كلمة .. شقّت قلبي إلى نصفين ..
قالت : (( كل ماجيت أكلم .. راح أتذكرك وأدعيلك )) ..


وأمي حينما دعت لي .. أحسست أني سأدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب .. بل أحسست أني في الجنة الآن ..

كم هو مغفل من يهدي .. أحد أصدقاءه .. دون أن يهدي أحد أفراد أهله قبل ذلك ..

كم هو سقيم .. ذلك الذي أعطى أصدقاءه قدراً أكثر من أهله ..

كم هو ساذج .. ذلك الذي خرج أياما مع أصدقاءه .. بينما يتأفف حينما يخرج بأهله يوما في الأسبوع ..

كم هو غبي وأحمق .. من قدّم حقوق أصحابه .. وأهمل حقوق أهله ..

لكل من قرأ موضوعي هذا .. أستحلفك بالله .. أفعل شيئاً ولو يسيراً اليوم لأهلك .. وأنظر ما تكون ردت فعلهم ..

أخسر ماتخسر من الأموال والوقت والجهد .. لكنك ستعوض كثيراً .. سواء في الدنيا أو في الآخرة .. أو في كلاهما ..

أحسن الله حالنا مع أهلينا .. وجلعنا عوناً لهم .. لا نقمة عليهم .. إنه ولي ذلك والقادر عليه .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد .. وعلى آله وصحبه أجمعين ..


ملاحظة : اتصلت علي قبل قليل من جوالها الجديد .. تكرر شكرها .. وبعد دقائق أرسلت رسالة رائعة جداً .. مثلها تماما ..

ملاحظة أخرى : أجعل لك جدول .. تضع فيه كل أسماء أهلك .. وخصص لكل شهر هدية لأحدهم .. وهكذا حتى تنتهي القائمة .. ثم أبدأ من جديد .. ستعيش الفرق .. وأنتي أيضاً فالكلام للجميع ..

أرجوا أن يغير هذا الموضوع الشيء الكثير بعد قراءته .. وهذا ماطمحت إليه أثناء كتابتي له ..

وكتبه العبد الفقير إلى ربه ..
محمد بن عبدالله .......