[ادونيس]

بين تعريف الله سبحانه وتعالى للإسلام .. في القرآن العظيم .. وهو :

مطرد ..( بإسلام الإنسان لله ) وشواهده :

(( إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ))

((فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ))

(( قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ))

وبين تعريف الفقه الحنبلي للاسلام .. وهو قولهم :

الإسلام هو : (الإستسلام )لله بالتوحيد و (الإنقياد ) له بالطاعة ...

الفرق بين التعريفين .. ومساحة الحرية الانسانية .. وكرامة الانسان .. والاختيار والاجبار فيهما .. كالفرق بين العلم.. والجهل....

فتعريف الله للاسلام ... يعطي فضاء وإيحاءً .. ويولد شعورًا .. ويعكس إنطباعاً .. أن الاسلام دين رحمة وعدل وحرية واختيار رشيد ..

أما تعريف الفقهاء للاسلام .. فيعكس صورة السلطة البشرية .. سواءًا السياسية او الدينية .. ويفضي إلى الإستكراه .. والجبرية .. ويولد احساساً بالقيود المصطنعة .. ويجلي إحتشاد القهر والغلبة .. على قيمة الانسان ..

فكأن تعريف الفقهاء للاسلام .. يوحي بأن الله انتصر في معركة سابقة على مخلوقة الانسان .. ولذلك املى شروطه ( بالإستسلام والانقياد ) اما تعريف الله للاسلام , فهو يوحي بنفحة ربانية للرحمة والسلام ( أسلمت وجهي ) .


واضح مؤثرات السطوة في تعريف الفقهاء للاسلام ...


***

الاسلام الذي بُني على هذا التعريف الفقهي .. وتجذر في حواف الذهنيات .. وطّد .. للذهنية الاستلابية الاستسلامية .. لكل قول بشري .. ( بالاستسلام له ) وليس نقده والبحث في خطئه او صوابه ..

هذا التعريف الفقهي .. برغم اختصاره .. الا أنه أسس لسيطرة فقة غابر .. يدير الحاضر والمستقبل .. وكأننا ننتقل يومياً .. بآلة الزمن .. إلى عصور اموية وعباسية .. فنحتكم لها بكل شؤون حياتنا ومستجداتها .. إلى اراء وقراءات ذينك العصرين ..

فالكافر المعاصر .. مالذي يغرية اليوم .. بإسلام فقهي .. علّم المسلمين المعاصرين الذل والتخلف والفقر .. وصبغ حياتهم بالرتابة والحشو البياني والبلاغي .. ورسم مسار نظرتهم للواقع بالقول دون الفعل .. وحشد فيهم الاستغراق في مظاهر تعبدية .. لم تصنع منهم أمة ذات انجاز حضاري ..

مالذي يستهوي الكافر في العصر الحديث .. في الاسلام الفقهي .. وهو يرى ويسمع أتباع هذا النوع من الاسلام .. مداركهم مشرئبة للماضي ..إما رجاء عودته ليصلح الحاضر .. او احضاره .. لينقذهم .. واكتفوا عموما .. بالانتظار .. بالدعوة للعودة للماضي .. او بإسترجاع ذلك الماضي ..

مالذي يجعل الكافر في القرن العشرين .. يفكّر بالاسلام الفقهي .. وهو يرى المسلمين .. فشلوا ليس من تجربة واحده . ولا من نازلة واحده .. ولا من فاجعة واحده .. ولامن حرب واحده . ولا من حكومة طاغية واحده .. بل من عشرات المحن وعشرات الحروب .. وعشرات الانظمة الظالمة .. ومئات المحاولات الاصلاحية .. فشلوا أن يتقدموا خطوة واحدة إلى الامام .

مالذي يرجوه.. كافر معاصر , من دخول إسلام فقهي .. لم ينتج الا مئات الجوعى والقتلى والمشردين واللاجئين .. وملايين الخاملين والعاطلين .. وملايين الصور والواقعات .. لإقتصاد وتنمية وتعليم .. لم ينتج الا طوابير من الفقراء والمتسولين والأميين ..

كيف سيدور بخلد الكافر المعاصر .. أن يسلم .. وهو يعلم إنتهاكات المسلمين دولاً وافراداً ومجتمعات .. لكرامة الانسان .. وحرية الانسان .. وحقوق الانسان ..


كيف يسلم .. كافر .. قوي .. ومعزز ومكرم في بلده الكافر .. يجد الحياة الكريمة .. ويجد بعضاً من حقوقه .. ويجد إسلام الله .. يتجسد في بعض دساتير وقوانين وأنظمة بلاده ..

هل يعقل أن ينتقل هذا الكافر .. من واقع يعيشه .. على مافيه من قصور إنساني . هو افضل من شعارات ودوي وجعجعات . يسمعها . من مسلمين .. ( موهومين ) بأنهم .. بأسلام فقهي . قادرين على الانتصار على هزائمهم وفقهرهم .. او محاولة دخول مضمار الحياة .. للمنافسة على قيادتها . أو على الاقل المشاركة في إدارتها ..

ترى ... هل يسلم . كافر . يرى ويسمع كل يوم .. عبر وسائل القرية الكونية الاعلامية .... فشل المسلمين الذريع . في أن يثبتوا .. (الإسلام الصحيح ) وأثبتوا أن إسلام الفقهاء .. لم ينجح احد .. وأن إسلام الله .. لم نكتشفه بعد .