[أبو محمد السعودي]

الحمد لله ، والصلاة و السلام على رسول الله ، أما بعد


أنا رجل وهبني الله عز وجل سبحانه دهاءً و حنكة بها أعرف (النصاب) و قد كثروا هذا الأيام و استفحلت طرق و أساليب (نصبهم) على العامة ، فقد جاءني رجل يقول أنا منقطع و كنت أبحث عن عمل و لم أجد و أنا الآن أريد منك مساعدة مبلغاً مالياً يوصلوني إلى ( البطحا ) ثم يقول لي فليس من المعقول أن أسير هذه المسافة الطويلة و كنا وقتها في شمال منطقة الرياض ، الرجل الأحمق كان شاباً يافعاً تدور معه الحيوية و كذا النشاط كان يدور معه حيثما دار أو تحرك أو سكن .

الشاهد هو أنّ حنكتي و دهائي و ما منّ الله عز وجل به عليّ خانني عندما رن هاتفي مرة ثم مرة ثم لا رنين بعد تلك المرة ، فقلت في نفسي من هذا المتصل و كان من خارج المملكة العربية السعودية ، اتصلت مسرعاً بالرقم وقلت لربما كان من أولئك النصابين السحرة المشعوذين المنتشرين في هذا الوقت كفانا الله وإياكم شرهم و خزيهم .

اتصلت به و هكذا كانت المكالمة على هذا النحو ، السلام عليكم ، وعليكم السلام ، فقلتُ له بنبرة حادة يعلوها ما كان يشوبها من شوائب اتصلتم بي قبل دقائق قليلة يا هذا ، قال نعم ، قلتُ له وما حاجتك ، قال أن من فلسطين ، قلتُ أنت من تلك البلاد الطاهرة المباركة ، قال نعم ، قلت وما تريد فقال على استحياء وقد استحضر قوله عليه السلام (المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعض ) واستحضر أيضاً قوله عليه السلام ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) و كذا استحضر قوله تعالى (المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) و استحضر أيضاً غير هذا الكثير الكثير ثم قال يا أخي أنا فلسطيني قد جعتُ و قد جاع معي أبنائي و لم أجد ما أسد به جوعهم و أخفف به عليهم و نريد منك مساعدة لا حرمك الله الأجر و المثوبة .

هنا أنا صمت كثيراً و تذكرت أموراً أخرى لا علاقة لها بالاتصال أبدا ، فقد تذكرت تلك الاجتماعات الطارئة و غير الطارئة المنعقدة بين الفينة و الأخرى ، و تذكرت الصلح مع اليهود و المؤتمرات و التصريحات التي تتلوا الحروب على فلسطين في كل مرة ، و أتذكر كل ما كنا نستطيع فعله من شجب و استنكار وأتذكر المساعدات تخرج من البلاد فلا تصل إلى لحدود الدول والمعابر و من ثم تقف حتى تفسد أو تُنهب أو نحوِ من هذا ، أتذكر المواقف المخزية من البعض و المشرفة من البعض الأخر و أتذكر غير هذا الكثير الكثير .

ثم بعد هذا قلت على استحياء كل ما استطيع فعله لك يا أبن تلك البلاد المباركة الدعاء و والله ما أرى أن بيدي أكثر من ذلك ، و أخبرته أنّي والله لا اتمنى أن يشاك مسلم فلسطيني أو غير فلسطيني بشوكة و والله أن قلوبنا هنا تتفطر أسئ لم نرى و نسمع و نشاهد كل لحظة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ثم أغلقت سماعة هاتفي و أنا أرىء أنّي أتفه رجلٍ مر على مر التاريخ .

اللهم أنصر إخواننا في كل مكان ، اللهم أنصرهم بنصرك ، و أيدهم بجندٍ من عندك ، اللهم وكن لنا ولهم عوناً و معينا ، و ناصراً و نصيرا ، اللهم و أصلح أحوالنا و أحوالهم ، و لا تسلط علينا و عليهم بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا ، وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


بحفظ الله ورعايته