[قانون السيطرة]

بسم الله الرحمن الرحيم .


لم يولد هكذا


ولا يريد أن يصبح هكذا



رأيته يجر أذيال اليأس , غطت ملامحه أنقاض الحطام


كان قبل سنين في أيام الدراسة المتوسطة شعلة نشاط


كان دائما صاحب نكته وتعليقات مضحكة يحبه جميع الطلاب بينهم أنا .

فارقته عند منعطف الثانوية ولم أعد أراه ولم يرني .

حتى أذن الله أن أقابله قبل أسبوع عند عتبة إحدى البقالات يقرأ الجريدة .
ثوبه بالٍ في عينيه نظرات الانكسار . خلعت نطارتي الشمسية وبصوت هامس قلت له : أأنت فلان ؟ أومأ برأسه أي نعم .
مددت يدي بحرارة الشوق أصافحه وهو كذلك عندما تعرّف على ملامحي واحتضنني بقسوة ( هلا والله ,, وينك ياخي ,, عاش من شافك ,, أعرست؟ عندك عيال ؟ وين ساكن ؟ وشلون الوالدة وشلون الوالد وشلون فلان وفلان وفلان )
سلسلة من الترحيـبات الهستيرية عرفت بسرعة البديهة أنه غير طبيعي .

حركاته منتفضة يلتفت كل جزء من الثانية يمين يسار وكأنه يعاني من تكلسات في الرقبة . قلت له الحمدلله أموري تمام ولكن بودي أن أراك بعد التراويح . الآن أنا مشغول جداً .
واعدته بنفس المكان ,, أركبته معي ,, ذهبت به إلى الاستراحة .
كانت كل حركة في الطريق توحي بأنه يعاني من مرض نفسي ولأني أحبه حرصت أن أعرف عنه كل شيء .

جلسنا على المسطح الأخضر ندير القهوة ونتجاذب الحديث حتى أجهش بالبكاء عندما سألته : وين تشتغل الحين ؟ هل تزوجت ؟

فتح قلبه وحشرجة البكاء تخنقه اختزلت رده في هذه الكلمات بتصرف )

أنا خرّيـج سجون . أربع مرات أدخل وأطلع .

أخرج من السجن الصغير لأدخل في سجن الحياة الكبير سجن العادات والتقاليد سجن المجتمع الذي يكره السجين يتوجس منه خيفة ينظر إليه بعين الوجل والترصد ينبذه لايقدم إليه المساعدة يركله بكلتا قدميه ,, حتى تتولد روح الانتقام فيه من هذا المجتمع المنافق الذي يدعي المثالية وهو أبعد مايكون عنها ويتنطع بالتكافل الاجتماعي وهو لايمارسه .

أنا أخطأت وأعرف أنني أخطأت وأخذت جزائي كامل مستوفى . فلماذا تتبعني لعنة السجن .


أخوتي لقد اختصرت كلامه بهذه الجزئية وإلا وهو طويل جدا وفيه تفاصيل كثيرة .

أحبتي أريد المصارحة حقا وبعيدا عن التنظير الروتيني :


لو كنت مكانه ماذا تريد من الناس ؟

ولو قابلك سجين سابق كان في ذات يوم صديقا أو زميلا أو قريباً
ماهو شعورك تجاهه ؟


دمتم بكل خير