[العند ليب]

ذهب مع بعض أبنائه للعمرة في شهر رمضان المبارك ، وقد كان أبناؤه يريدون تأجيل العمرة بعض الوقت ، ولكنه أصر عليهم إلا أن يذهبوا وقال لا بد أن نصلي الجمعة في الحرم .

ما كان من أبنائه البررة إلا أن لبوا طلب والدهم .

خرجوا من بلدهم ميممين وجوههم شطر المسجد الحرام ... أحرموا من الميقات ،وأخذوا في التلبية والذكر ، وكان أكثرهم في ذلك والدهم الذي قد تجاوز عمره الثمانين ، والذي هو في أشد الشوق لرؤية البيت العتيق .

دخلوا مكة تم اتجهوا إلى أفضل بقعة فيها ( المسجد الحرام ) وكان ذلك صبيحة جمعة .

دخلوا المسجد الحرام : بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ...

توجهوا إلى الكعبه ليطوفوا ...

ولكن حصل ما لم يكن يتوقعوه !!!

فبعد عدة أمتار من دخولهم الحرم : سقط هذا الشيخ الكبير ميتاً في لحظات ، وبدون مقدمات ،في أطهر بقعة.. وأفضل شهر.. وصبيحة جمعة ، وكان صائماُ محرماً ،فما أروعها من خاتمة :!!!

كان أبناؤه حوله ، وفاجأتهم المصيبة ، وخيم عليهم الحزن !!!

حتى أتى إليهم رجل مسرعاً وقال أنا لا أعزيكم ولكن أهنئكم بهذه الخاتمة الحسنة لوالدكم ، وقال : اللهم اجعل خاتمتي كخاتمته ...

كان لتلك التهنئة وهذا الدعاء من هذا الرجل الموفق ، أثر حسن على أبنائه في تخفيف مصابهم .

سارعوا في تجهيزه للصلاة عليه بعد صلاة الجمعة
ثم بعد الصلاة ، قدموا ذلك الرجل الصالح مكفن بلباس إحرامه ..

صلوا عليه صلاة الجنازة ، ثم وارو جثمانه الثرى .

عاد أبنائه إلى بلدهم بعد إكمال عمرتهم ، وقد تركوه لوحده ، وعادوا لوحدهم ..
ولا زلت أذكر إمام الجامع حين قال بعد صلاة التراويح ( إن فلان يطلبكم الحل ) ثم دعا له وأجهش بالبكاء .

وما أن علم الناس بوفاته حتى توافدوا إلى بيته معزين ومهنئين .
فما أحسنها من خاتمة اجتمع فيها شرف الزمان وشرف المكان وشرف العبادة وفي يوم من أفضل الأيام ...............
هذه القصة حدثت قبل سنوات وكنت أعرف ذاك الرجل ، وكان معروفاً بالخير والصلاح والبذل وكفالة الأيتام وملازمة قراءة القرآن والزهد في الدنيا وغيرها من الأعمال الصالحة التي قد لا يعلمها إلا الله .
نسأل الله أن يتغمده برحمته ،ويعلي درجته ، وينزله منازل النبيين و الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولائك رفيقا .منقول