[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيراً ما نسمع كلمة : [ القلم السيّال ] فيتبادر إلى أذهاننا صورة ذلك القلم الذي يخط بشكل مستمر لا يتوقف ولا يمل ، يستنزف حبره حتى العُصارة ، و يُفرغ وقوده حتى آخر رمق ..

ظللت أتأمل في تصور البعض عن القلم السيال ، فرأيت أننا قد لا ندرك حقيقة القلم السيال ، أو ننظر إلى القلم السيال نظرة ظاهرية يشوبها شيء من الاستعجال و السطحية ؛ إذ أن كثيراً من الأقلام سطّرت آلاف الأسفار ، و سوّدت كمّا ضخمًا من الصفحات ، لكنها لم تقدم شيئا سوى تفريغ الحبر من جوف القلم أو المحبرة إلى سطوح الصفحات ..!

فكانت بذلك مُبذرةً غيرَ سيّالة ، بل هي آفة و عالة ، لأنها لم تقدم إلا إهداراً للفكر ، و إضاعة للوقت ، و لم تُبدي إلا الجعجعة ، و هكذا تُشغل العقول ، و تبدد الطاقات في غير موضعها ، على خواء و فراغ ، حتى ظهرت أقلام تسطر فراغًا فكريًا لا يبني و إنما يشغل حيزاً من العقول و الصفحات .!

ظهرت أقلامٌ هدّامة لها إنتاجها الضخم في كَمّه ، و الضئيل في كيفه ، و من الحيف و الإجحاف أن تُسمى هذه الأقلامُ أقلامًا سيّالة ! إن الأقلام السيّالة هي الأقلام التي تنبض بالحبر المدرار ممزوجًا بأروع الأفكار ، و أغزر المعلومات . هذه هي الأقلام السيّالة التي تستحق الاحترام ، هي التي تضخ العلم قبل الحِبر على صفحاتها ، و هي التي تُشيد البناء لتجعل من حِبرها لبَنِاتٍ تؤسس للحضارة ، لتُحيي في أفئدة قرائها كل المعالم السامية و الأشياء الرائعة التي تكون مفخرة .

إن القلم الذي لا يُنتج إلا الحبر هو قلمٌ يُكلف الأمة عناء جلب الأحبار ، و الأوراق ، و أما القلم الذي يمزُج الفكر بالحِبر هو القلم الذي يُنشئ الرجال و الأمم و المصانع هو القلم الذي يجلب الأموال و الخيرات ، بل إنه السلاح المُشهَر و السيفِ المُصلتِ في وجوه الأعداء ، فحبره ينسكب ثم تجد له ثورةً كثورانِ دماء الشهداء ، فليس من المنطقي أبداً أن نسمي غيره قلمًا سيّالاً !! و إنما نسمي غيره داءً عُضالاً وهو كذلك..

شكراً لكم

أخوكم / عبدالله