|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
29-09-2009, 04:41 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 712
|
.:: ( لا أعطي يدي لأي أحد ) ::.
بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الشيخ محمد العريفي في كتابه " استمتع بحياتك " أنه كان في مجلس فيه عدد من الوجهاء و أصحاب المكانه فتحدث أحد من رآه استغنى ـ كما وصف الشيخ ـ و قال : ومررت بأحد العمال .. فمدّ يده ليصافحني .. فترددت ثم مددت يدي وصافحته .. ثم قال : مع أني لا أعطي يدي لأي أحد . هذا المرض القبيح و الداء البغيض داء الكبر إذا دب في قلب العبد أسقطه في مراتع الإزدراء و أورثه مقت القلوب و هو ربما يعيش نشوة وهمية و يظن أنه سيزداد له الناس هيبة و إجلالاً و إعجاباً و أن الناس سيتقاتلون على مصافحة تلك اليد و التقرب منه حيث أن يده من ذهب لا يعطيها لأي أحد و ما علم أن البشر طبعوا على بغض من يتعالى عليهم و يزدريهم و أنهم يزدادون له مقتاً وكرهاً وهم ربما أظهروا له الإبتسامات و أشبعوه مدحاً و ثناءاً . هذه عينه من المجتمع تمكن منه هذا الداء حتى تكلم بلسانه و عرّف بنفسه و لكن العجب أنك ترى من يؤمن بمبدأ صاحبنا ( لا أعطي يدي لأي أحد ) و لكنه يرعد و يزبد حينما تتهمه بالتكبّر و التعالي فهو في ظنه أنه مضرب المثل في التواضع فهو ذات يوم كان يمشي في إحدى الطرق فوجد عاملاً فلاطفه و مازحه و ربما أثقل عليه أو التقى بمسكين فدعاه و آكله , بينما إذا جلس في مجلسه و بين أقرانه و جلسائه ترى أعراض الداء البغيض تظهر عليه في حديثه أو حركاته فالتواضع صار عنده مظهراً و حصره في أمثال تلك المواقف و غيرها . فللأسف اختل عند البعض مفهوم التواضع فجعله أفعالاً و مظاهراً و حصره في مواقف معدودة بينما لو بحثت في قلبه و نظرت في نفسه لم تجد له عليها أثراً و لم يتواضع قلبه و تمطئن له نفسه . فأن من طرد الكبر من قلبه و أسكن التواضع مكانه تجد أن جوارحه و أفكاره و أقواله كلها تكون له تابعة فتعجب و تنبهر بأقواله و أفعاله و تتأثر به و خير مثال لذلك هو الرسول صلى الله عليه وسلم حينما أتاه رجل فكلمه فجعل ترعد فرائصه فقال له ( هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة تأكل القديد ) . وعمر ـ رضي الله عنه ـ حين قال له أحد الرجال : ( لو زللت لقومناك بسيوفنا ) فكان الرد من عمر ـ رضي الله عنه ـ ( الحمد لله الذي جعل من يقوم عمر بسيفه ) و هو إمام المسلمين ومن فتحت على عهده الروم و فارس . و ابن القيم وهو يتحدث عن شيخه ـ رحمهما الله ـ ولقد شاهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية ـ قدس الله روحه ـ من ذلك أمراً لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيراً: ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا فيّ شيء. وكان كثيراً ما يتمثل بهذا البيت: أنا المُكدِّي وابنُ المكدي وهكذا كان أبي وجدي وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجددُ إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعدُ إسلاماً جيداً . انظر لنفسك في منابت الكِبر و أوقات شعورك بالتواضع , انظر إليها حين تكون أعلى ممن حولك علماً أو أكثر ثقافة أو في مجلس صُدرت فيه أو كنت قائداً أو إداري ... إلخ انظر إليها حين ترى أنك تجلس مجلس تواضع . وقد تجد من بعض أقرانك و مجالسيك ثناء و إعجاب لكنك قد لا تجد من يخبرك بعيوبك و يكشف لك ما لا تراه عينك . و اعلم أن " من تواضع لله رفعه الله " كما أنه " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر .. الحديث " كما أخبر بذلك رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ و أسأل الله أن يصلح قلوبنا و يزينها يحلل الإيمان و الله يحفظكم و يرعاكم
__________________
جاهدتَ نفسكَ والنفوسُ جهادها ** إن لا يهون بعزمها الأصرارُ
. . قال السماء كـئيبة و تجهمـــا ** قلت : ابتسم يكفي التجهم في السماء |
الإشارات المرجعية |
|
|