بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ::: [ عُلَمَاءُ المُعْتَقَدِ و الفِتَنُ الفِكْرِيَّة .. حَيَوِيَّةٌ وجُمُودٌ ] :::

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 17-10-2009, 05:19 PM   #1
الـصـمـصـام
عبدالله
 
تاريخ التسجيل: Jun 2004
البلد: .
المشاركات: 9,705
::: [ عُلَمَاءُ المُعْتَقَدِ و الفِتَنُ الفِكْرِيَّة .. حَيَوِيَّةٌ وجُمُودٌ ] :::

بسم الله الرحمن الرحيم

عُلَمَاءُ المُعْتَقَدِ و الفِتَنُ الفِكْرِيَّة .. حَيَوِيَّةٌ وجُمُودٌ
بقلم : عبدالله بن عبدالعزيز العزاز
نُشر في صحيفة ( أنباؤكم ) الإلكترونية


إن الله سبحانه و تعالى وهب هذه الأمة دينًا حيويًا متفاعلاً ، و كتب له البقاء مع تباين الأعصار و الأمصار و تقلبات الأحوال المتسارعة ، و هذه الخاصية جعلته يحتل المزية الأسمى و التأثير القوي على أتباعه ، فهو دين ينسلخ من الجمود ليتفاعل من أجل الصمود و البقاء ..

و لهذا كان على رواد هذا الدين من العلماء الذي يعتنون بحراسة الثوابت ، و الحيلولة بينها و بين من يريد إفسادها أو زعزعتها ، كان على هؤلاء العلماء أن يفقهوا قضايا عصرهم كفقههم لقضايا دينهم ، و أن يعرفوا ما يحتف بزمانهم من الفتن المحيطة و ينبروا لها برد مغبّتها ، و إعادة تأسيس الثوابت في نفوس الناس .

و لهذا كان جمع من الذين برزوا من علماء المسلمين على هذه المنهج المعايش للواقع ، المُلبي لاحتياجات الناس ( الثقافية ) ، فتجد الغالب على جهودهم هو التفاعل مع فتن العصر ، كما هو الحال مع شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – الذي عاش مُقارعة لأصحاب التوجهات السائدة في عصره ، و قبله الإمام أحمد ، و على مدرستهما سار الشيخ المُجدد محمد بن عبدالوهاب ، و غيرهم من العلماء الذين أحدثوا دعواتٍ راج صيتها يوم أن كانت تلامس الواقع و تناقش قضايا الواقع .

و هذا ليس بمستغرب على من عاش مُصلحًا على طريقة الأنبياء عليهم الصلاة و السلام ، و كأننا نجد هذا المعنى عند النظر في الحكمة الربانية التي قضت أن يكون للأنبياء معجزات تتواءم مع حال أقوامهم ، و تُجاري الواقع السائد الذي يسير عليه أقوام الأنبياء عليهم الصلاة و السلام .

فتجد مثلاً أن بني إسرائيل في زمن عيسى عليه السلام كانوا يولون الطب الاهتمام و العناية ، حتى بلغ ذروته في ذلك الزمن ، فامتن الله على نبيه عيسى عليه السلام بمعجزة تحاكي ما عليه قومه ، فكان يُبرئ الأكمه و الأبرص و يحيي الموتى بإذن الله ، و كذلك كليم الله موسى عليه السلام كانت معجزته قريبة من واقع القوم آنذاك في التبحر في فن السحر ، فآتاه الله تلك المعجزة التي فاقت السحر ، و أخيراً نبي الله محمد عليه الصلاة و السلام ، الذي عاش في قوم آلوا اللغة العربية الاهتمام الفائق ، و كان اللسان هو السيد في محافلهم و مجامعهم ، فآتاه الله هذه المعجزة البلاغية البيانية التي حيرتهم و أذهلتهم إنها ( القرآن الكريم ) .

إن كل هذه الأمور و غيرها تؤكد لنا أن الدعوات لا تحيى إلا إذا كانت قريبة من واقع الناس ، واعية بحالهم التي هم عليها ، لتكون هناك أراضٍ مشتركة ، و منطلقات واقعية قد عايشها الناس و فقهوها و أدركوا حاجتهم إلى المزيد من الآراء الشرعية فيها ، و بالتالي فإنهم يتشربونها .

و بكل صراحة أن كثيراً من العلماء الذين يعتنون بعلم العقيدة - و هي الركيزة الأساسية في هذا الدين – إن كثيراً من هؤلاء يعيشون عزلة بينهم و بين واقعهم ، فهم يبذلون كثيراً من الأوقات و الجهود و يُترفون المؤسسات بالبحوث العلمية التي تتحدث عن الفتن السائدة في العصور الأولى و القرون الخالية كالفتن الطارئة في أبواب الأسماء و الصفات أو القدر أو غيرهما ، بينما تجد المذاهب الفكرية المعاصرة تنخر في صميم العقيدة و تدك الأسس و تقوَّض الأركان ، و لا نجد ذلك الاهتمام الذي رأيناه في أبواب العقيدة الأخرى ، مع أن الفتن في هذا العصر قد أصبحت في المذاهب و الأفكار .

و لست أكتب هنا لأقلل من شأن أبواب العقيدة و مباحثها الأخرى ، و لكنني أعتقد أنها ليست فتنة زماننا ، كما أن العلماء السابقين قد كفونا مؤونة التنقيب و البحث للرد على الطوائف المخالفة فيها . لقد أصبحنا نعرف و نفقه في قضايا عصر شيخ الإسلام أكثر من فقهنا لقضايا عصرنا الذي نعيش فيه ، و هذه الكلمة نطق بها أحد العلماء .

إننا بحاجة اليوم إلى علماء متبحرين في المعتقد يُناقشون الانحرافات الفكرية التي تتجدد كل يوم ، كالعصرانية ، و العلمانية ، و الليبرالية ، و الحديث عن الحريات و حريات الأديان ، و النظرية النسبية ، و حوار الأديان و ضوابطه ، إلى غير ذلك من القضايا التي هام الناس فيها و لم يعرفوا فيها الحق من الباطل .

قضايا مهمة ، و في صميم العقيدة ، تنتظر من علماء العقيدة نقدها و تقويمها و بيان ما يرد فيها ، مع ضرورة ربطها بالأصول الكلية التي ظلت ثابتة على مدى أربعة عشر قرنًا من الزمان ، هذا هو التجديد الحقيقي الذي يُبقي هوية الدين و جوهره ثابتًا مع تقلب الأحوال .. يجب أن نتغير من أجل أن نظل ثابتين .
نشر بتاريخ 17-10-2009
__________________




ياربي ..افتح على قلبي ..
و طمئنه بالإيمان و الثبات و السلوة بقربك ..
[عبدالله]

من مواضيعي :
آية الحجاب من سورة الأحزاب ( أحكام و إشراقات )
::: كيف نقاوم التشويه ضد الإسلام و ضد بلادنا:::(مداخلتي في ساعة حوار مكتوبة و مشاهدة)

الـصـمـصـام غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)