[ابوعيسى2007]

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الطفلة زهرة ....... ( بائعــة الــورد )

قبل أيام قليله ذهبت إلى منطقة مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة وتحديداً يوم الجمعة مع بعض الزملاء من العمل ، وكنا بمهمة رسمية بعد ذلك بمجال عملنا ، وبعد انتهائنا من مناسك العمرة ومهمة عملنا بمكة المكرمة ، توجهنا إلى محافظة جدة ، وفي احد الليالي عزمنا أن نتناول وجبة العشاء على البحر مع تلك الأجواء التي لا توصف ...

ولم نلبث من انتهائنا لوجبة العشاء إلا وتلك الطفلة التي تلامس برقتها رقة مويجات البحر الهادئه ، وكان في جعبتها بعضاً من الورود المتفتحة ، ولا تعلم هذه الطفلة بأنها الوردة حقا ولكن هي الوردة المنكسرة ..!!!

أتت ألينا باستحياء حتى توقفت على بعد أمتار قليله جداً فقالت ( ورد بخمسة ريالات ) فقلت لها ( أعطيني وردتان ) ، فسلمتها مبلغ عشرون ريال بورقه واحدة فقالت ( ليس معي فكه ) فقلت ( ثمن الوردتان عشرة ريالات والعشرة الأخرى اشتري فيها أكل لكي ) فتبسمت وذهبت فرحه .

كان هذا في تمام الساعة العاشرة ليلاً ، فاستمرت جلستنا على كورنيش البحر وأجوائه الرائعة إلى ما بعد صلاة الفجر ، فتفاجئنا بتلك الطفلة تسابق الوقت لبيع تلك الورود ولا زالت تسير على طول كورنيش جدة ، ورغم تقلص المتواجدون على الكورنيش فلا تزال تريد بيع اكبر عدد من الورد ، فنادينها ولما اقتربت قلت لها ( ما اسمك ) قالت ( زهرة ) قلت ( من متى وأنتي هنا ) قالت ( من بعد صلاة العصر ) فصدمت حيث لها أكثر من ( 12 ساعة ) ثم سألتها ( كم عمرك يا زهرة ) قالت ( سبع سنوات ) !!!
فسألتها عن جنسيتها فقالت ( سعودية ) فكانت فعلاً سعودية ويتضح هذا من ملامحها ولهجتها .

قلت للطفلة ( زهرة ) نحن الان بعد صلاة الفجر وقليل نجد العوائل ، بل ان أكثر المتواجدين هنا من الشباب ( لماذا لا تذهبين للبيت فالوضع هنا خطير عليكي ) قالت ( لا استطيع ) فقلت ( لماذا ) فصمتت للحظات قصيرة وقالت ( إن أبي يطلب مني أن لا أعود للبيت حتى أبيع جميع هذه الورود ، وإذا رجعت للبيت وتبقي شي من الورد سوف يضربني كما فعل أكثر من مره ، وهو نائم الان بالبيت ولا يعمل ) قالت ( أين أمك ) قالت ( أمي لا تعلم عني شي ، ولا تعلم أين أنا كما إني لا اعلم أين هي ) ...فذرفت تلك الدموع على وجنتيها وقالت ( أمي لا اعلم هل هي على قيد الحياة ام ميته ) فقام احد أصدقائي بشراء ما تبقى من ورود معها وقال لها ( اذهبي يا زهرة الى بيتك ولا تبقي هنا وحدك ) فتبسمت فرحه ليس لأنها كسبت المال ، بل لأنها ستعود للبيت .


أخواني ... أخواتي
أني اذكر لكم ما جرى هناك لنتذكر امراً واحداً وهو إننا مسئولين عن الفقراء بحائل ، وجميعنا يجب ان نتعاون على التخلص من هذا الشبح لو بالشي القليل بمنحنا لهم .


ما الذي جعل ( زهرة ) الطفلة المسكينة بان تقوم ببيع الورد ؟؟ ( إنها الحاجة للمال ) فهذه الطفلة محرومة من كل شي ، بل إنها محرومة من اقل حقوقها وهو ما يتمتع به أطفالنا وهو المرح واللعب والحب والاحتواء والاهتمام بهم ، وحيث إنني لم اذكر لكم بعض التفاصيل التي ذكرتها لي لأنها تحطم الفؤاد وتحرق القلب ، بل ان احد أصدقائي ( قام يبكي على حال قصة زهرة )
م ن ق و ل


ان بي مدينة بريدة الكثير من الفقراء والمحتاجين ولديهم أطفال أمثال ( زهرة ) ولكن لم يخرجوا للشارع للتسول ولم يجعلوا أطفالهم يبيعون عند الإشارات والشوارع لخوفهم على أطفالهم ، بل إن الكثير من العوائل الفقيرة بشماسية ( متعففه ) تخجل من مد اليد وتخجل من البوح بحاجتها .

لذا كلي أمل ان يتلمس كل شخص ما حال جاره وظروفه المعيشية ، فقد قمت بوقت سابق ولا زلت اكتب عن الكثير من الأسر الفقيرة التي لا تجد قوت يومها . فتعجبت عن حال الكثير منهم بغياب الكثير من الجهات الحكومية والجمعيات الخيرية .

قبل ان اختم موضوعي هذا ، هناك نقطه مهمه جداً وهي :

إننا مقبلين على فصل الشتاء ( فهل لهؤلاء الفقراء والمساكين ) نصيب من الأكل والملابس التي تقيهم برودة الجو .



تخبل أخي .. وتخيلي أختي

أن تناموا في تلك الليلة الباردة في ذلك الفراش اللين الدافئ بعد وجبة عشاء دسمه ، وجارك وأبنائه لم يجدوا شي يأكلوه ولم يجدوا ما يقي جلودهم من ذلك البرد .

معاً نفعل المستحيل ...


ولكم فائق تقديري واحترامي