نُموُّ الحَيَاءِ والمُروءَةِ في أَرضِ الفَسَادِ والدَّعاَرة ؟!!
.
.
نُموُّ الحَيَاءِ والمُروءَةِ في أَرضِ الفَسَادِ والدَّعاَرة ؟!!
كُلٌّ شَيءٍ يُغَرَّبُ عَنْ الوَاقِعِ يَجْعَلُ المَرْءَ مُتَعَطِّشٌ لَهُ بَاحِثَاً عَنْهُ مُحَافِظَاً عَليْهِ في حَالِ وُجودهِـ ..!!
سُبْحَانَ الله الفَضِيلَةُ والكَرَامَةُ سُمُوٌّ رُوحيٌّ يَنْبِضُ دَاخِلَ النُّفوسِ التيْ تَعيشُ مِنْ أجلِ دِينِهَا وَإنْسَانيَّتِهَا ، وَمَنْبوذَةٌ مِمن يَعيشُونَ مِنْ أجلِ أَهْوَائِهمْ وَشَهَواتِهمْ وَنَجِدُهم يَنْصِبونَ المَشَانِقَ لِمَنْ يُحَاوِلُ الحِفَاظَ على هَذهـِ الفَضِيلَة ..!
مَنْ يَعيشُ بِشَرَفٍ مَحْفوظٍ وَكَرَامَةِ نَفْسٍ نَزيهةٍ سَيَبْقَى يَعُضُّ على حَيَاءِهِـ وَمُروءَته مِنْ أجْلِ نَفْسِه ، حَتَّى وَلو كَانَ يَعيشُ لِنَفْسِهِ لا مِنْ أجْلِ مَنْ حَوْلِه ، والحَيَاةُ بِلا حَيَاءٍ وَفَضِيلَةٍ كَالقِطْعَةِ البَيْضَاءِ تُلَطِّخُهَا القَذَارَةْ ، وَالفَضِيلَةُ هِيَ زَهْرَةٌ تَفُوحُ مِنْهَا رَائِحَةٌ طَيِّبَة ، وَحَيَاةٌ يَلُفُّهَا غِشَاءُ العِفَّةِ والأخْلاقِ الكَريمَة .
إِنَّ نَزَاهَةَ البَشَرِ عَنْ حَيَاةِ البَهَائِمِ هِيَ مَا تَجْعَل الدُّنيَا عَلى طَوْقِ نَجَاةٍ مِنْ عَقْلٍ يُحِيطُ بِهَا ، لِيُميز الطَّيبَ مِنْ الخَبيثُ في كُلِّ مَا يُواجِهُه ، إلا إنْ انْحَرَفتْ بَعْضُ وُجوهـُ البَشَريَّةِ وَشَذَّتْ للرُّكونِ لِحَيَاةِ الدَّنَاءَةِ و الانْحَطاطِ فَإنَّهُم في عِدَادِ مَنْ تَبِعُوا مِنْ بَهاَئِمَ تَسُوقُهم شَهَواتُهم وَأهوَائُهم .
قَالَهَا اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَاصِفَاً حَيَاةَ العِفَّةِ والكَرَامَةِ في أَزْمِنَةٍ مَاضَِيَةٍ قَبْلَ زَمَانَ أُمَّتِنَا { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ } وَيَبقَى عَهْدٌ في الحَيَاةِ السَّاميَةِ التيْ تَعيشُ بِنَزَاهَةِ مَنْ بِهَا ، وَحَتَّى في أَزْمَانِ الجَاهِليَّةِ رُغمَ ذَلِكَ كَانَ يَقول أَحَدُهم :
وَ أَغُضُّ طَرْفي مَا بَدَتْ لِيْ جَارَتِيْ *** حَتَّـى يُـوارِيْ جَارَتِـيْ مَأْوَاهَا
إِنِّيْ امْرُؤٌ سَمْحُ الخَلِيقَةِ مَاجِدٌ *** لا أَتَّبِعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ هَوَاهَا
إِنَّ الغَرْبَ لَيَعيشُ بِحَيَاةٍ يُرْثَى لَهَا ، يَمْلئُ بَطْنَهُ بِمَا يُنَسِّيِهِ هَمَّهُ وَمَآسِيِهِ بَعْدَمَا تَربَّينَا أنَّ مَنْ يَمْلئَ هَمَّهُ قَلبْهُ بِأنْ يَفرِشَ سجَّادَته وَيَقِفُ بَيْنَ يَدي رَبِّه ، فَهوَ ضَائِعٌ بَيْنَ عِيشَةٍ تَجْعلُ حَتَّى عَدَّوَهـُ يَرْأفُ بِهِ حِينَمَا يَرَى أنَّ أَحَداً قَدْ اسْتَعْمَرَ عُقولَهُمْ ، وَسَحَبَ بسَاط الفَضِيلَةِ مِنْ تَحْتِهم ، وَتَرَاقَصَ عَلى أَعْرَاضِهِمْ ، وَدَنَّسَ كَرَامَتَهُم ، وَفي آخِرَ ذَلِكَ يُرْضُونَهُم بَلْ يُلهُونَهمْ بِشَيءٍ يُفِقِدُهم عُقولَهَم واللهُ المُسْتَعَان .
مِنْ هُنَا بَدأتِ القِصَّة :
دُعِيتُ لِحَفْلِ زَفَافٍ فِيْ أحَدِ الأيَّامْ ، وَأجْبَرَنيْ عَلى الحُضُورِ كَثْرَةَ اتِّصَالاتِهِمْ لأنيَ لَسْتُ بِذَاكَ الحِريصُ عَلى ذَلِكْ ..
كَاَنَتْ القَاعَةُ مَليئَةٌ بِالحُضورِ ، غَيْرَ أنَّ اسْتِقْبَالَنَا كَمُسْلِمينَ أجْنَبيينَ أَشْعَرَنَا وَكأنَّ الحَفْلُ مَُقامٌ لَنَا ، أَبْكَانيَ مِنْ شُعورٍ أكْسَبونَا إيَّاهـ ، سُرْعَانَ مَا سَادَ الصَّمْتُ القَاعَةِ التيْ نَحْنُ فيِهَا ، كُلٌّ مِنْهُم يَنْظُرُ للآخَرْ ، وَأنَا وَصَاحِبيَّ الذيْنِ رَافَقَانيْ تِهْنَا بَيْنَ نَظَرَاتِ وُجُوهِهِمْ حَتَّى قَامَ أحَدُهم وَكَسَرَ حَاجِزَ الصَّمْت ، فَجاَءَتْ العَائِلَةُ التيْ دَعَتْني لِزَفَافِ ابْنِهِمْ ليُطَمِّئنُونَا على مَا كَانْ ، وَكُل ذَلِكَ لَمْ يَكونوا يَتَوقَّعوا حُضورَنَا ، فَوَضْعنَا كَمُسْلمينَ لا نَشْرَبُ مَا يُقَدِّموهـُ لِبَعْضِهم ..!!
بَعْدَ الحَفل تَقَدَّموا لِيُعَرِّفُونَا على الحَاضِرينَ مِنْ أهْلِ العَروسَيْن ، شَيءٌ لاحَظْتهُ كَمُجْتمَعٍ تَشيعُ فيهِ مَوْضَةُ العُريِّ والخلاعَةِ وَالفَسَادِ والمُجونِ وَهَذا مَا كُنْتُ أخْشَاهـُ ، لا تَجِدُ مِنْ نِسَائِهِمْ مَنْ تُخْرِجُ شَيْئَاً سِوَى نِصْفَ ذِرَاعِهَا ..!! لِيَ عَوْدَةٌ لأُكْمِل إنْ شَاءَ الله
أخيرَاً فَمَا كَانَ مِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ وَمَا كَاَنَ مِنْ خَطأ فَمِنْ نَفسيْ والشَّيطَانْ
عُذرَاً.. فَعُذرَاً .. ثُمَّ عُذرَاً عَلى الإطَالَةِ ورَكَاكَةِ الأسلوبِ
دُمتم بِحفْظِ الرَّحمنِ وَرِعَايتِهِ
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
|