بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » يوسف اباالخيل يكتب في جريدة الوطن اليوم عن شيوخ التكفير (إقرأ المقال في هذا المنتدى)

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 15-01-2004, 02:53 PM   #1
ابن عساكر
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 47
يوسف اباالخيل يكتب في جريدة الوطن اليوم عن شيوخ التكفير (إقرأ المقال في هذا المنتدى)

الخميس 23 ذو القعدة 1424هـ الموافق 15 يناير 2004م العدد (1203) السنة الرابعة ( جريدة الوطن السعودية)

تفكيك مدخلات الأيديولوجية بالتزامن مع تفكيك مخرجاتها


يوسف أبا الخيل
ثمة سؤال محوري انطلق من عقاله بالتوازي مع التراجعات الأخيرة لبعض منظري التيار التكفيري إن كان مجرد تراجع ثلة من شيوخه عن آرائهم التكفيرية يعني تالياً وبالضرورة المنطقية انفضاض جميع الوالغين في ذاك المستنقع التكفيري عن مسلماتهم التي تشكل مسار منهجهم الذي يقيمون علاقاتهم مع الآخر وفق أدبياته؟
الإجابة على هذا السؤال اتكاء على دال أبستميولوجي/ سوسيولوجي لا تشي بما يمكن أن يعطي المجتمع الحاضن لهذا التيار إجابة متفائلة, خاصة لمن اعتادوا الهيام بادعاء القدرة على حرق المراحل الاجتماعية ذات الصيرورة الكونية (سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا).
إن آليات وجذور التكفير التي انطلق منها الخضير والفهد والخالدي إبان ما قبل التراجع لا تمثل قراءة فردية مجتزأة من سياق نصي توافر عليه كلاهما بحرفنة فكرية فردية, لا بل إن تلك الجذور عميقة عمق المعين الذي ينهل منه رواد ذاك التيار الإقصائي التكفيري الذي يتوافر على آليات صلبة البنى خصبة الدلالة, تتوافر على عموميات توفر خاصية الإدلاء منها بدلو كامل لمن توافر على همة مقصودة نحو تسويق فكرة معينة بقالب أيديولوجي.
إن مجرد النظرة إلى تلك الخطوة باعتبار اجتزائها وبترها من إرثها النصي والقفز بها بعيداً عن معينها الفكري يعني أننا لم نضع بعد يدنا على الجرح النازف بعد, وكل ما نقوم به وفق تلك النظرة إنما ينصب على علاج ظواهر المرض دون النفاذ لسببه الرئيسي الذي لا ينفك يرسل حممه باتجاه النسيج الاجتماعي الحاضن طالما هو نشط وفعال ولم تمسسه بعد آليات فكرية تفكيكية قادرة على سحبه باتجاه الشمس وتسليط عوامل التعرية الفكرية عليه التي تتجه بوصلتها ابتداءً إلى الإرث الفكري الذي تتكئ عليه أيديولوجية التكفير التي انطلق منها الخضير والفهد والخالدي قبل الانتقال إلى الضفة الأخرى للنهر الفكري.
إننا إذ نروم مطارحة التكفيريين فإننا بداءة يجب علينا التحرك نحو خلخلة البنية الفكرية التي تؤصل لمقومات إنتاج مفرداته وتزويده بإطار متكامل محشو بدلالات نصية مبررة ومقنعة سوسيولوجياً, أما مجرد تراجع بضعة أفراد توافروا على زادهم ورواحلهم من معين هذا الفكر فهو بإزاء أهميته في مسيرة العلاج لا يعدو كونه خبواً لنار ظلت باسقة الطول أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها بالاتكاء على الجمرات المشتعلة تحت الرماد والتي تنتظر إزاء مراحل الخبو المؤقتة نفحة هواء في يوم قائظ لتشتعل النار مرة أخرى طاوية بساط خبوها كأن لم يغن بالأمس.
إن هذا التيار التكفيري الذي نصطلي بناره اليوم إنما يأخذ فاعليته الأبستميولوجية ومن ثم السوسيولوجية بالتبع بالاتكاء على تراث ضخم منتج بشكل تراكمي يتوافر على مقومات صلبة لإنتاج معاني التكفير وفق ما يشتهي ويتمنى المريد, إنه تراث يضم بين جنباته توليفة هائلة من نصوص مقدسة تتوافر على قراءات متباينة وتفسيرات مختلفة وتجارب بشرية تاريخية تستنبت في غير أرضها يقرؤها التكفيريون قراءة مجتزأة من سياقها العام وظروفها الزمكانية ومحاضنها النفسية والاجتماعية التي دشنت فيها , ويريدون تطبيقها على واقع مختلف تماماً إن زمانياً أو مكانياً أو حتى ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وقبل كل ذلك العيش وسط وضع سياسي يؤصل لكيانات قومية تمثل المواطنة فيها علامة.
إن تفكيك البنى التحتية لهذا التيار يتطلب الإبحار في لجج آليات إنتاج معانيه التي تضخ إكسير الحياة في مفاصله ومناطحتها ومماحكتها جدالياً لحلحلتها بعيداً عن مرافئ دفع المعنى نحو تخليقه في رحم العنف ليتأتى مباغتاً وجارفاً يوم حصاده.
إن المواءمة الدوغمائية في الفضاء العام لمصطلحات غائية كبرى من قبيل الولاء للمسلم والبراءة من الكافر مطلقا وجهاد الطلب والنفاق العملي تمييزاً له عن النفاق الاعتقادي وادعاء نسخ الحرية الدينية بآية السيف كما يقولون والتردد بين خيارات ثلاثة آخرها اغتصاب الحياة، تجعل من أدوات تنفيذ العنف المثقلة دائماً برائحة البارود تشعر وكأنها تتكئ على بنيان ثابت الأركان لا تهزه مجرد تراجعات من بعض من كانوا يتمثلون بعض مبادئه فالحق لا يعرف بالرجال!
إن تراجع الخضير والفهد والخالدي قد يقرأ وسط عدم تفكيك البنى الفكرية لما استلهموه سابقاً على أنه بمثابة عدم ثبات على الحق من منطلق أن القابض على هذا الثراث كالقابض على الجمر وهؤلاء المتراجعون قصر بهم زاد الصبر أن يقبضوا على الجمر! هذا يعني تهيؤ الفرصة لزيادة وتيرة العنف وسط استشعار فرادة الأنا التي تتغذى على مبدأ عدم الوحشة من الحق لقلة السالكين وزيادة المتراجعين, وبالتالي وهذا هو المهم فإن تراجع بعض الأفراد حتى ولو كانوا من فئة الرموز لا يعني فيما يعنيه ربما إلا تنميط النظرة الدوغمائية لتلك المصطلحات التي لا يؤثر على قداستها انحراف بعض معتنقيها عن مبادئها طالما لم يستلهموا الحق بصفته وصفاً خطياً مستقيماً لا مجال فيه للانعطافات سواء كانت لليمين أم لليسار.
تأسيساً على ما سبق فيجب على هامش ذاك التراجع وما قد يليه من تراجعات أخرى ألا ينظر إليه نظرة اجتزائية اختزالية بل يجب النظر إليه ضمن السياق العام للفكر التكفيري باعتباره ينطلق من مقدمات راسخة يصل من خلالها إلى نتائج نمطية مقولبة في لا وعي مجترحيه تؤصل لعلاقة مأزومة متبرئة انفصامية مع الدولة والمجتمع باعتبار أن الدائرة الاجتماعية لديهم ذات بعد ثنائي تنطلق من فسطاطين فقط, وحيث لا مجال للتداخل والعلاقة بين الإسلام والكفر في منهجهم فلا مجال لأدبيات هذا التداخل في علاقة الفسطاطين ببعضهما فإما النجاة أو الهلاك.
* كاتب سعودي
ابن عساكر غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)