[أبو رُبـــــى]

كنا في كل يوم نتسابق لخدمته .. نريد أن نحظى بشيء من الحسنات قبل فراقه .. كنا نذهب سوياً لصلاة العيد .. وكان أول شخص أعايده .. ولي الفخر .. نذهب إلى البيت ونجلسه على كرسيه الأبيض كي يرى أضحيته وهي تذبح أمامه .. ويأتي من يأتي من الصغار قبل الكبار لمعايدته .. ويعلو محياه ابتسامة كبيرة عريضة لا تكاد تفارق مخيلتي ما بقيت .. تنحر ذبيحته أمامه وهو يردد ( الله يقبل ، الله يقبل ) .. ثم يبدأ بتوجيهنا بطريقة سلخها كونه معلمنا الأول - انتبه يا وليدي لا تقطع إيدك السكين - يا وليدي وراك خربت القميص - ( القميص هو ما يكون تحت الجلد من اللحم الرفيع جداً ) .. ثم بعد أن يفتح بطن الأضحية ما أن ينظر إليها بلهف لتذوق ( الكبدة ) وبعدها يبدأ يقطع منها هو بنفسه ويوزعها على من حوله .. ويبدأ بالصغير قبل الكبير .. ثم يقوم بتوزيع أضحيته كاملة للفقراء قبل الأقارب .. حتى لا يبقى منها شيء ، فالدنيا جعلت في يده لا في قلبه .. ثم يذهب لمعايدة إخوانه وأخواته مع إحدانا ..

والدي .. إن هذا العيد لا طعم له ولا رائحة لأنك غير موجود .. دخلت صباح هذا اليوم إلى غرفتك كي آخذ غرضاً منها ورأيت ملابسك ورأيت أغارضك الشخصية ورأيت ورأيت ... أاااه ما أصعبها من لحظة رجعت بي كثيراً وعادت بي إلى أيامك التي لاتكاد تفارقني .. خرجت مسرعاً كي لا أدع لدموعي فرصة النزول أمام إخواني .. كتمتم عبراتي وبدأت أشغل نفسي في سلخ الذبيحه ..
والدي .. العيد طعمه مر .. ولونه .. أصفر .. فالعيد بدونك لاشيء ..
والدي .. اجتمعنا في هذا اليوم وأكلنا العيد .. ولكن طعمه أمر من الحنظلة .. !! إي والله إنه أمر وأمر ..

والدي أكتب هذه الحروف ودموعي لا تكاد تقف وعبراتي تتسابق شوقاً لك .. عسى الله أن يجمعنا في الفردوس الأعلى ..

والدي ..

الدنيا من دونك لا شيء .


كتبه أبو رُبـــى

يوم الجمعة 10/12/1430هـ