شُعُوبٌ بِلا حُكومَاتْ !!
.
.
شُعُوبٌ بِلا حُكومَاتْ !!
مَنْ يَلْتَفِتُ لِحَالِ الشُّعوبِ لَيَرَى أنَّهَا ضَحيَّةٌ للحُكُومَاتِ التيْ تُسَيْطِرُ عَليْهَا ، وَتَسْتَعْمِرُ عُقولَ شَعبِهَا الذيْ يُقيمُ تَحْتَ وَطْئَتِهَا ، فَتَسيرُ الحُكومَاتُ أحيَانَاً لِتَمْلَئَ بُطونَ شَعبِهَا بِخُمورٍ وَتُغَذِّيَ عُقولُهمْ بِحُرّيِّةِ العُريْ واتِّبَاعِ الشَّهَواتِ ، لِتَجْعَلَ ذَلِكَ يُقَيِّدُهم في فِقْهِ حَالِهمْ الذيْ يُرثَىَ لَه ، إذْ أنَّهُ يُوَرَّى ذَلِكَ لَهُمْ بِأنَّ شَعْبَهُمْ يَعيشُ عَلى أرقَى طَبَقَاتِ الحُرِّيَةِ وَالدِّيمُقرَاطِيَّة ، وَهُمْ أبْعَدُ مَا يَكونُ عَنْ ذَلِكَ ، إذْ أنَّ الشَّعْبَ المِسْكينُ يَعيشُ فيْ أسْفَلِ قَاعٍ للإستِعمَارِ العَقليْ والبَدنيْ والجَسَديْ ، تَأخْذُ مِنْهُم حُكومَاتُهمْ أروَاحُهم بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةْ.
وَتَبْقَى كَثيرَاً مِنْ الحُكومَاتِ تَسْعَى تَحْتَ جَعْلِ شَعْبِهمْ قَطيعٌ يُسَاقُ بِمَادَّةٍ أو شَهْوَة ، بَعيدَاً عنْ اسْتَخدَامِ عُقولِهْم ، إذ أنَّ الحُكومَاتُ تَجْعَلَ عُقولَ شَعْبِهَا غَيرُ صَالِحَةٍ للإسْتِخْدَامِ ، لَيَعيشَ الشَّعبُ تَحْتَ رَحْمَةِ الحُكومَةِ ، ثُمَّ تَسْعَى الحُكومَةُ التيْ يَكونُ أفرَادُهَا غَالِبَاً جُزءَاً مِنْ هَذا الشَّعبُ إلاَّ أنَّهُ جُزءٌ شَاذٌّ في تَصَرُّفِهِ وتَفْكِيرِهِ ، إذْ أنَّهُ يُريدُ أنْ يَعيشَ عَلى حِسَابِ مَسَاكِينَ تَحْتَ يَدِهـِ ، مِنْ هُنَا يَأكُلُ أمْوَالَ الضُّعفَاءِ والمَسَاكِينَ بِغَيرِ حَقٍّ تَحْتَ مُسمَّى الضَّرَائِبُ ، وَمِنْ هُنَاكَ يَأكُلُ مَا يَضَعَهُ لَهُ مَنْصِبُهْ ، وَحِينَمَا تُلاقي الحُكومَةُ مَوْقِفَاً مُحْرِجَاً ، أو تَتَّخِذُ قَرَارَاً خَاطِئَاً يُلاقي مَصيرَ ذَلِكَ الشَّعبُ الأعْزَلُ المُسْكِينْ ، فَيُقَدَّمُ أبنَاءَ الشُّعوبِ إلى المَشْنَقَةِ تَحْتَ تَصْفِيقِ الحُكومَاتِ بِدَعوى الشَّجَاعَةَ أو الانتِصَارْ ، لِيَدْفَعوا ثَمَنَ أخْطَاءَ غَيْرِهمْ ، فَيَكونُ ضَحيَّةُ ذَلِكَ أبريَاءٌ لا ذَنْبَ لَهُمْ ، سِوَى أنَّ فَوْقَهُم حُكومَةٌ تَسُوقُهمْ .
كَمْ مِنْ شَعْبٍ يَعيشُ أهْلُهُ بِرِقَّةِ قَلْبٍ وَ رَحمَةٍ وَرَأفَة يَرْسُموهَا في سَمَائِهِمْ ، لَكِنَّ حُكومَاتُهمْ تَرْسِمُ غَيْرَ ذَلِكَ ، لأنَّ المَصيرَ يَقرَؤهـُ وَيُحَدِّدُهُ مَنْ هُمْ في الحُكومَاتْ ، فَتُنْقَلَ صُورَةَ الشَّعُوبِ غَيرَ الذيْ يَعيشُ فيهَا الشَّعبُ الطَّيبُ الكَريمْ ، بِسَببِ حُكومَةٍ تَسْعَى لِتُعيثَ الفَسَادَ وَتأكُلُ الأخْضَرَ واليَابِسْ .
إنَّ الشُّعوبَ لَتَبْقَى شُعوبَاً مُسَالِمَةً ، مَادَامَ أنّّهَا تَأمَنُ أرَواحُهَا ، وَرِزْقُهَا تَزْرَعُهُ وَتَحْصُدهُ بِيَدِهَا ، لَكِنَّ الحُكومَاتُ جَاءَتْ لِتَجْعَلَ العَالَمَ ضَحيَّةَ مُؤامَرَاتِهَا ، فَتَارَةً تَصْنَعُ المَشَاكِلَ مَعَ جَارَاتِهَا بِسَببِ ألوَانِهمْ أو مَعيشَاتُهمْ أو حَتى أديَانُهم ، غَيرَ أنَّ الطَّمَعُ والحِقْدُ الدَّفينُ الذيْ تُشَكَّلُ فيهِ الحُكومَاتُ يَجْعَلُهَا عَمْيَاءٌ لا تَسيرُ سِوى بِدَرْبٍ تَأكُلُ مِنْهُ بِحِيَاةٍ وَحْشِيَّةٍ فَقيرَةٍ لِقَلْبٍ رَحيِمْ ، وَلو كَانَ ذَلِكَ عَلىِ حِسَابِ شُعوبٍ أُخرى لا حَولَ لَهَا وَلا قُوَّةْ .
مَاذَا لَو كَانتِ الشُّعوبُ بِلا حُكومَاتْ ، لأصْبَحَ النَّاسُ عَلى مِيزَانٍ وَاحِدْ ، وَحَيَاةٌ الأبريَاءِ فيْ أمْنٍ وَأمَانْ ، وَإنْ اخْتَلفْنَا مَعَهُم في مَنْهجِيَّةِ حَيَاتِهْم واعتِقَادَاتِهمْ ، نَدْعوُهم ، نُعَلِّمُهم ، عَلَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ بِهمْ .
قَالَ الشَّيْخُ عَبْد اللهُ بن حميدْ رَحِمَهُ الله للشَّهيدِ بإذْنِ اللهِ الرَّاحِلْ فَيْصَل بن عَبْد العُزيز [ الشُّعوبُ عَلى مَا أَعْتَقِدُ أَنَّ فيهَا خَيْرٌ لَكِنَّ " البَلى " في القَادَةْ ] فَرَدَّ عَليْهِ المَلِكُ رَحِمَهُمَا اللهُ جَميعَاً : [ مُعْظَمُ المَشَاكِلْ تَأتيْ مِنْ القَادَةِ ] ثُمَّ اَكْمَلَ رَحِمَهُ اللهُ قَائِلاً : [ وَرَبَّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْجَدَ التَّشْريعَ هَذا لِمَصْلَحَةِ البَشَرْ ] . أهـ
مَعْ أَنَّ كَلامُهُ رَحِمَهُ رُبَّمَا كَانَ يَعنيْ بِذَلِكَ الشُّعوبَ المُسْلِمَةُ التيْ تَسيرُ على الكِتَاب والسُّنَّةْ ، الشُّعوبُ التيْ قَوَّمَتْهَا الشَّريعَةُ الإسْلاميَّةْ ، ورَسَمَتْ لَهُمْ طَريقَةَ حَيَاتِهْم ، في مُسَالَمتِهمْ لِغَيْرِهمْ مَالمْ يَمَسُّهم أَحَدٌ بِشَرٍّ ، وكَفَلَتْ لَهُمْ حُقوقهم ، رُغمَ أنَّ الشُّعوب العَربية المُسلِمَة بَدأتْ تَسيرُ عَلى مَا يَسرُ غَيْرُهَا .. فَمَاذا عَنْ الشُّعوبِ المِسكينَةِ التيْ أَصْبَحَتْ مَيْدَانٌ لِحُكومَاتِهْم التيْ تَلْعَبُ وَتَرْتَعُ بِهِمْ ؟!!
* لَنْ تَنتَظِمَ دَوْلَةٍ إلا بِقِيَامِ حُكومَةٍ تَحْكُمُ أَطْرَافَهَا ، وَلا يَعْنيِ هَذا المَوْضوعُ أنَّ هُنَاكَ بَلَدٌ سَيَقُومُ بِانتْظَامٍ وَهُوَ يَعيشُ بِلا حُكومَةٍ تُقَيِّدُ العَشْوَائيَّة ، لَكِنَّ العَشْوائيَّةَ قَدْ تَكُونُ يَوْمَاً مَا أَفْضَلُ حَالٍ مِنْ البَطْشِ والتَّنْكيلْ في عُيونِ أرْوَاح بَريئَة وَأجْسَاد ذَابِلَة تَقَرَأُ الألَمَ عَلى مَلامِحِ وَجْهِهَا .
عَسَى اللهُ أَنْ يَحْفَظَ بِلاَدَنَا آمِنَة ، وَأَنْ يُعيدَ لِبُلْدَانِ المُسْلِمينَ اسْتِقْرَارُهَا ، وللأمَّةِ مَجْدُهَا وَوحدَتُهَا
المَوْضوعِ لَمْ يَكُنْ لُغَةً عَربيَّة كَفِكْرَة
أخيرَاً فَمَا كَانَ مِنْ صَوَابٍ فَمِنْ اللهِ وَمَا كَاَنَ مِنْ خَطأ فَمِنْ نَفسيْ والشَّيطَانْ
عُذرَاً.. فَعُذرَاً .. ثُمَّ عُذرَاً عَلى الإطَالَةِ ورَكَاكَةِ الأسلوبِ
دُمتم بِحفْظِ الرَّحمنِ وَرِعَايتِهِ
.
.
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
آخر من قام بالتعديل قاهر الروس; بتاريخ 02-01-2010 الساعة 06:02 AM.
|