بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الاختلاط .. مصطلح دخيل على الفقه الإسلامي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 07-02-2010, 01:40 AM   #24
برق1
كاتب مميّز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: السعودية
المشاركات: 1,743
أبا فواز :

وقفة مع كلام من أسميته بالمشاري ودعوت له ولمن نقل عنه !!!

وقلت ( أسميته بالمشاري ) لأن سياق الكلام لا يدل على أنه للمشاري ! وإنما هو كلام رجل آخر ذكر المشاري عرضا في الحديث .
ولا يعنيني قائله , بل الذي يعنيني الكلام الذي أعجبك جدا وأثنيت عليه

والحقيقة أني بدل أن أجد فيه قيمة علمية , وجدت الجهل والتدليس الآثم !

سأتوقف يسيرا - كما ذكرت سابقا – لبعض التعليقات على كلام هذا الرجل واستدلالاته الغريبة التي تضمنت تحريفا وتدليسا ماكرا وأنواعا من البهتان .

إن استدلالاته كلها لا تخرج عن ثلاثة أمور :
1- إما أن تكون مما لا يشير إلى الاختلاط أصلا كحديث سودة بالإذن لأمهات المؤمنين بالخروج لحاجاتهن ! فلا أدري كيف جعل من هذا دليلا على جواز الاختلاط ؟!

2- أو أن تكون أحاديث يعلم هذا الكاتب ( حتما ) أنها نزلت قبل فرض الحجاب !!! يسوقها ليلبس بها وهو يعلم ذلك عنها , كحديث الضيف , وحديث عيادة عائشة لأبيها ولبلال – رضي اله تعالى عنهم .

3- أو أن تكون أحاديث حرفها عن معانيها تحريفا أخرقا تبطله أقل نظرة شرعية ! كحديث وضوء الرجال والنساء جميعا من إناء واحد .


سأضرب الآن بنماذج من كذبه في الاستدلال , لنتبيّن كيف أراد الضحك علينا نحن العامة بكلام مزخرف بلهجة التباكي والغيرة على أحكام الدين التي ( عبث ) بها ( علماؤنا ) وما العبث والتجني إلا منه وامثاله .

النموذج الأول

استدلاله بما جعله اختلاط عائشة بالرجال !

قال :

" وعن عائشة أنها قالت: «لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وُعِـك أبو بكر وبلال رضي الله عنهما، قالت: فدخلت عليهما، فقلت: يا أبت كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ ... )

ومعنى «كيف تجدك» أي كيف تجد نفسك، كما نقول نحن: كيف صحتك؟
.......
قلت: وهذا واضح أيضا في وقوع الاختلاط في عمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعظم الناس تقوى وفهما لأحكام التشريع. "


انتهى كلامه

ورب محمد إنه متعمد التزييف عن قصد وإصرار !

كيف ذلك ؟!

الحديث من الأحاديث التي يشير نصها إلى زمن أحداثها !
ففيه تصريح بأنه كان أيام الهجرة !!!!!
وكتابته تدل على أنه قد فرى الكتب الشرعية و( اللغوية ) ليظفر منها بالأدلة , حتى جاء بما يصعب أن يعثر عليه غيره من كلام اللغويين .

ومع هذا فقد ساقه وهو يعلم أن الاحتجاج به ((( باطل )))

فرغم أنها كانت تعود (((( أبوها )))) وصاحبه , فالحديث منسوخ الحكم , لا يعمل به !!!

نعم ! هذا الكاتب يعلم أنه بنزول آيات الحجاب (( بعد )) هذا الحديث بزمن ( طويل ) , فلا خلاف بين العلماء على أنه لا يجوز لأمهات المؤمنين أن يخالطن الرجال أو حتى يكلمنهم مجرد كلام إلا من وراء حجاب !!!
ولهذا ففي حادث الإفك قد حمل الرجال رحل عائشة يظنونها فيه ! وعندما جاء صفوان رضي الله تعالى عنه , قالت عنه عائشة : " فرأى سواد إنسان نائم فعرفني حين رآني وكان رآني قبل الحجاب " البخاري
لاحظ : قولها ( قبل الحجاب ) فلو لم يكن عرفها قبل فرض الحجاب لما عرفها لأنه بعد الحجاب لا تخرج للرجال إلا لحاجة عند غير الرجال !!!
{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }

علم المفتون هذا كلّه , وهو الذي استقصى كتب الشريعة والللغة حتى حصر منها كل ما يزعمه شاهدا على اختلاط الصحابة ومعهم (((( أمهات المؤمنين ! )))

قلت : ليت فريته كانت على شخص من عامة الصحابة , فهي مع شناعتها أخف عليه من إلصاق الاختلاط ببيت محمد صلى الله عليه وسلم .

مؤكد أنه لم يفته كون الحديث قبل الحجاب , وكيف يفوته وبيان زمن الحديث جزء من نصّه ؟!: " لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ... "

إنما قد ( تجاهل النسخ ) في تدليس ماكر رغبة في حشد الأدلة ((( للعامة ))) على ((( صفحة جريدة يومية ))) ليوهمهم بقوة حجته هو والمفتونين معه , وببطلان حجة ذوي الفضل مانعي اختلاطه الخبيث , وهم كل علماء الأمة المعتبرين دون خلاف بينهم ماضيا وحاضرا – والكلام في هذا قادم إن شاء الله تعالى وأعان وسدّد .


لئن أحسنّا الظن فقلنا : لعله خفي عليه أن أكثر الأحاديث التي استشهد بها كانت قبل الحجاب , فكيف نحسن الظن به وهو يرى شهادة كون هذا الحديث قبل الحجاب مذكورة في النصذاته ؟!
هذا الرجل يعلم حتما أن الهجرة كانت قبل فرض الحجاب بزمن طويـــــــــــــــــــــــــــل جدا فلا مجال للاشتباه والالتباس !!!

***

النموذج الثاني

استدلاله بقوله :

" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرجت سودة لحاجتها ليلا بعدما ضرب عليهن الحجاب، قالت: وكانت امرأة تفرع النساء، جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها، فناداها: يا سودة إنك والله ما تخفين علينا، إذا خرجت فانظري كيف تخرجين، أو كيف تصنعين؟ فانكفت، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنه ليتعشى، فأخبرته بما قال لها عمر، وإن في يده لعرقا، فأوحى الله إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق لفي يده، فقال: (لقد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن )

قلت: أخرجه البخاري ومسلم، وفيه الإذن لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لحاجتهن وغيرهن في ذلك من باب أولى "
انتهى كلامه

وهل في هذا الحديث دليل على حصول اختلاط ؟!

لا أدري لم أقحم الحديث هنا ؟! إلا لسبب واحد هو أنه جهد واستقصى ليحشد حول رأيه الأدلة حتى ساق ما يرى فيه حتى مجرد تصويت عمر لسودة من بعيد في ( طريق عام ) ؟!

فهل كان يخفاه أن الحديث شهادة على شدة تطبيق عمر لآيات الحجاب !
أو أن الحديث شاهد على أن أمهات المؤمنين – رضي الله عنهن - ممنوعات من الخروج من بيوتهن ومخالطة الرجال ! وأن الإذن جاء لرفع الحرج بأن سمح للواحدة منهن بالخروج لحاجة ليست عند الرجال , فلا يجوز لها مواجهة الرجال أبدا , بل لا بد أن يكون هذا من وراء حجاب

بل لا يخفاه حتى أن علماءنا سلفا وخلفا لا يحرمون على المرأة مخاطبة الرجال ومبايعتهم والتعامل معهم , ولا يعدون هذا من الاختلاط المحرم .

والله لا يخفاه ذلك كله , لكنه تلبيس الخبثاء , وإلا فعلماء المسلمين المعتبرين يفرقون بين هذا وما يريد المشاريون والعلمانيون من اختلاط بذيء .

***

النموذج الثالث

استدلاله بقوله :
" .... وعن الربيع بنت معوذ أنها قالت: ( دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غداة بني علي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، وجويريات يضربن بالدف، يندبن من قتل من آبائهن يوم بدر ... )
قلت: أخرجه البخاري، والجويريات تصغير جارية، وهي الفتية من النساء، والحديث يفيد جواز الاختلاط، وجواز دخول الرجل على المرأة متى كان معها غيرها من النساء، وفيه جواز استماع الرجل لغناء النساء وضربهن بالدف. "


انتهى كلامه

إن هذا المفتون عندما استشهد بهذا الحديث على جواز الاختلاط قد افترى أكثر من بهتان !
لا على أي شخص , بل قد لصقها كلها بكل وقاحة بعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم !

فبكلامه الخبيث واستشهاده بالحديث الشريف أوهم الناس بثلاثة أمور مقيتة ألصقها بنبي الله صلى الله عليه وسلم :

الأول : أنه – صلى الله عليه وسلم – كان يستمع إلى غناء النساء , ليس الإماء , بل الحرائر البالغات ! يغنين عنده ويضربن الدفوف !
الثاني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جلس بجانب الربيع بنت معوذ على ( فراش نومها )
الثالث : أنه - صلى الله عليه وسلم – كان يدخل على النساء غير المحارم ويختلط بهن (( ويجيز )) ذلك لأمته !

أما بهتانه الأول , فلأجل تسويقه على الناس , فقد حرّف معنى ( جويريات ) ليوهمنا أن معناه : النساء االبالغات , بل والشابات خاصة عندما زعم أن كلمة جارية ( بزعمه ) يراد بها : الفتية من النساء !
ولا يخفاه أن الجارية من الحرائر يراد بها ( البنيّة الصغيرة ) التي لم تبلغ الحلم بعد , فالمرأة البالغة الحرة لا تسمى جارية أبدا عند العرب وإنما يصحبها الوصف حتى تبلغ الحلم .
وهو كذلك يعلم أن الربيع بنت معوذ قد بالغت في وصفهن بالصغر بقولها ((( جويريات ))) فاجتمع عاملان يؤكدان صغر البنيّات هما : لفظ ( جارية ) و ( تصغيره ) .
لكن هذا الرجل يأبى إلا أن تكون فتيات بالغات !
تلقف هذا عن عبارتين موهمتين من معاجم اللغة لم يرغب فهمهما على وجههما , ( وعثوره على عبارتين لائذتين من بين مئأت العبارات التي تخالف قصده دليل على استماتته بالبحث عن الأدلة , وأنه لا يخفاه ما طمس من حقائق ) تلقفهما وترك مئات الأوصاف من علماء الحديث واللغة وكلام العرب تجلي معنى الجارية في اللغة وأنه لا يعني البالغة .

وقد بنى على هذا بهتان ما أعظمه , إذ وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يسمع غناء النساء ويجيز ذلك !!!

قبح الله الهوى كيف أودى به ما أودى .

فهل فاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان ليسمح لأحد أن يجلس أمام النساء الأجنبيات الشابات يستمع لغنائهن ؟! فكيف به وقد افترى عليه أنه هو ذاته – صلى الله عليه وسلم – يفعل هذا ؟! - صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أله أجمعين -

ولا أدري هل فات هذا اللص الختول , أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى المرأة حتى من أن تفتح على الإمام بصوتها لو أخطأ بالصلاة بل تصفق فقط .

ولو كان سيسمح للشابات الحرائر بالغناء أمام الرجال – كما زعم هذا الرجل – لكان الأولى أن يسمح لهن بالأذان للصلوات وإمامة المصلين فهن أنعم أصواتا من الرجال مما يجعلهن أكثر إمالة للناس إلى الصلاة !!!!

ولعل في هذا التزييف كفاية لنبذ كل كلامه والتوقف عن الأخذ باستدلالاته
فكيف بها وكلها على هذا النهج أو قريبا منه .

وأما بهتانه الثاني , فكان أولى به أن يتطرق إلى أمور منها :
1- أن يراعي ضعف لغة الناس اليوم وتغيّر معاني الألفاظ لديهم , وأن أول ما يتبادر لهم من قولها : " على فراشي " أنها تريد منامها , بينما هي لا تريد فراش نومها , ولا حتى الفراش الذي هي جالسة عليه , بل تريد فراشا لها فرشته للضيوف وعندما جاء – صلى الله عليه وسلم – جلس عليه .
2- أن جلوس النبي صلى الله عليه وسلم كان بعيدا عنها .
ودليل هذين الأمرين أن قولها " كمجلسك مني " كانت تخاطب به راوي الحديث ( خالد بن ذكوان ) وهو ليس من محارمها مما يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان جالسا بعيدا عنها .

3- أن الحديث لا يلغي أن وليها موجود معها , فالحديث لا ينفيه , وهم يلقون الحديث مراعين أصل الأحكام ولا يحتاجون ذكر التفاصيل , مثل ذلك مثل حديث خلوته بامرأة سألته , فالروايات الحديث اختصرت حتى يظن المتعجل أنها الخلوة المحرمة , لكن وبعضها فصّلت فذكرت أن معها أبناء لها , وبعضها أفادة أنها ليست الخلوة وإنما المجانبة بين الناس مراعاة لسرّها , مع انتفاء الريبة كون محدثها رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومثل ذلك لو وقف شيخ كبير معروف جانبا بين الناس مع امرأة أوقفته لتحدثه في أمرها . فهذا مما يعلم الجميع أنه ليس الخلوة .


أما بهتانه الثالث على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان يدخل على النساء الأجنبيات و ((( يجيز ))) ذلك لأمته , فقد ساق هذا الكاتب الحديث موهما أن النبي دخل عليها وحده !!!!!!

ولابأس بعد من تنبيهات موجزة حول استشهاده بهذا الحديث :

فاستشهاده به على جواز الاختلاط باطل لوجوه منها :

أن مجرد وجود الرجال والنساء في مكان واحد ليس هو الاختلاط , وإنما الاختلاط تمازج الرجال بالنساء , أي تخلخل النساء بين الرجال .

وحديث الربيع هذا لم يشر إلى وجود الاختلاط , بل فيه تصريح ببعده صلى الله عليه وسلم عن الربيع ( كمجلسك مني ) وقد وضّحت المراد

ومنها : أن تحريف هذا المفتون لمعاني ألفاظ هذا الحديث , صارخ المصادمة لأحاديث أخرى ناهية عن الاختلاط , والتي منها مثلا حديث أبي أسيد الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء : ( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق ..... ) وحديث ( ... وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) و حديث ( ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال ... ) وحديث ( إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ) .

إلى غير هذا من نصوص الشرع جليّة المقصد , صريحة العبارة في النهي عن كل وسائل فتنة الرجال بالنساء ومن هذا الاختلاط .


***

النموذج الرابع

استدلاله بقوله :
" وعن سالم بن سريج أبي النعمان قال: سمعت أم صبية الجهنية تقول: ربما اختلفت يدي بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد.
قلت: أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وإسناده صحيح، وأم صبية الجهنية ليست من محارمه صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز الاختلاط، وجواز وضوء الرجال مع غير محارمهم من النساء، ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة.
ويشهد لذلك ما رواه ابن عمر قال: (كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعا).
قلت: أخرجه البخاري، وفيه جواز الاختلاط عموما، وأنه ليس من خصوصياته عليه السلام.
وفي رواية بلفظ : ( أنه ــ أي ابن عمر ــ أبصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتطهرون والنساء معهم، الرجال والنساء من إناء واحد، كلهم يتطهر منه )
قلت: أخرجها ابن خزيمة، وإسنادها صحيح.
وفي رواية بلفظ: (كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد، ندلي فيه أيدينا )
قلت: أخرجها أبو داود، وإسنادها صحيح، والمعنى في هذه الألفاظ واحد، وكلها تفيد جواز الاختلاط عموما، وقد وجهه البعض بأن القصد هو وضوء الرجل وزوجه فقط، وهو توجيه باطل، يرده منطوق تلك الروايات التي تقطع بجواز الاختلاط عموما. "


انتهى كلامه .

زعم أن هذه الروايات تعني اختلاط الرجال والنساء متماوجين يتزاحمون على إناء واحد يتوضؤون منه في وقت واحد يتزاحمون مع النساء حتى لا تفوت أحدهم شرط الموالاة في غسل أعضائه !

وهذا من أعجب العجب !

وقد تشدّق فردّ تفسير المحققين لهذه الروايات أنها تعني كون الرجال يتوضؤون هم والنساء من إناء واحد لا يجدون حرجا من الوضوء من الماء الذي استعملته النساء أو شاركهم فيه غيرهم , فهذه الروايات أتت – كما يعلم هو – للرد على من ظنوا عدم جواز الوضوء من ماء غمست فيه يد متوضئ , أو استعملته المرأة أو الطفل . وهذا معروف من مسائل الفقه .
ولو ترك الهوى لكان له في قولها : " ندلي فيه أيدينا " دليل على المقصد من كل هذه الأحاديث , وأنه بيان أن أيدي النساء تمس الماء ويتوضأ منه الرجال دون غضاضة أو حرج .
ومن هذه الأحاديث حديث عائشة الذي صرح بذكر السبب وأنه الرد على من زعموا عدم صحة الوضوء مما مسته النساء .
والصحابة الكرام والتابعون بإحسان ليس عندهم متفيقهة وشهوانيو ومتصيدو زماننا ليتكلموا بتقعر واستثناءات واحترازات وما شابه
بل كان كلامهم على السجية لا يرد على خاطر أحدهم أن يفهم كلامه هذا الفهم السقيم الشاذ المخالف للفطرة !

ولهذا فعالم راسخ كابن تيمية وهو من يشنع بالاختلاط ويجعله جريمة ودياثة , قد قال معلقا على مسألة وضوء الناس من إناء واحد :

" قد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها : أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه و سلم من إناء واحد يغترفان جميعا
.......
وثبت أيضا في الصحيح : [ أنه كان يغتسل هو وغير عائشة من أمهات المؤمنين من إناء واحد مثل : ميمونة بنت الحارث وأم سلمة ]
......
وثبت في الصحيح عن ابن عمر أنه قال : كان الرجال والنساء على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأون من ماء واحد
وهذه السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه الذين كانوا بمدينته على عهده دلت على أمور :
أحدها : هو اشتراك الرجال والنساء في الاغتسال من إناء واحد وإن كان كل منهما يغتسل بسؤر الآخر وهذا مما اتفق عليه أئمة المسلمين بلا نزاع بينهم : أن الرجل والمرأة أو الرجال والنساء إذا توضأوا واغتسلوا من ماء واحد جاز كما ثبت ذلك بالسنن الصحيحة المستفيضة وإنما تنازغ العلماء فيما إذا انفردت المرأة بالاغتسال أو خلت به هل ينهى الرجل عن التطهر بسؤرها ؟
......
فأما اغتسال الرجال والنساء جميعا من إناء واحد فلم يتنازع العلماء في جوازه وإذا جاز اغتسال الرجال والنساء جميعا فاغتسال الرجال دون النساء جميعا أو النساء دون الرجال جميعا أولى بالجواز وهذا مما لا نزاع فيه فمن كره أن يغتسل معه غيره أو رأى أن طهره لا يتم حتى يغتسل وحده فقد خرج عن إجماع المسلمين وفارق جماعة المؤمنين
يوضح ذلك أن الآنية التي كان النبي صلى الله عليه و سلم وأزواجه والرجال والنساء يغتسلون منها كانت آنية صغيرة ولم يكن لها مادة لا أنبوب ولا غيره ولم يكن يفيض فإذا كان تطهر الرجال والنساء جميعا من تلك الآنية جائزا فكيف بهذه الحياض التي في الحمامات وغير الحمامات التي يكون الحوض أكبر من قلتين "


انتهى كلام ابن تيمية

وما أنصعه , فهو يتحدث كما تحدث سلفه الصالح , يفهم كلامهم على البديهة عن قريب , لا كما يحب أن يفهمه ويتحدث عنه متفيهقوا زماننا أهل الهوى
إن من يقرأ كلام ابن تيمية هذا بعد قراءته هشيم صحفنا الملوث , ولا يعرف كلام ابن تيمية الشديد عن الاختلاط , وأن من يفعله أحط من الحيوان , يظنه يشجع بقوة على الاختلاط حتى عند (((( اغتسال )))) الرجال والنساء ونزعهم ملابسهم !!!


ولبيان انتفاء ما ذهب إليه , يكفي أن أسألك سؤالين مرّرهما على عقلك أولا :

1- ما دام ورد في الحديث لفظ ( الرجال ) و ( النساء ) بصيغة الجمع , فأقل الرجال ( ثلاثة ) وأقل النساء ( ثلاث ) , إذن فالعدد من ( ستة ) فأكثر ! فهل تستطيع المرأة مع هذا الجمع المتزاحم للوضوء من إناء صغير , هل تستطيع أن تستر ذراعيها مثلا عن الرجال الذين يزاحمونها يمينا وشمالا عندما تغسلهما ؟!
وما دام لا يجوز كشف الذراعين للرجال الأجانب ! فهل الصحابة يرتكبون هذا الإثم ؟!

2- هل يمكن أن يزدحم ستة على الأقل على إناء واحد ( للوضوء ) ولا تتلامس أيديهم عند اختلافها على الإناء ؟
وما دام لا يجوز مس شيء من بدن المرأة الأجنبية , فهل يرتكب الصحابة هذا الإثم ؟!

إن شك أحد أن النساء يستطعن تلافي ذلك الإثم مع تزاحم الرجال والنساء على إناء فليجرب ذلك مع امرأة واحدة فقط من محارمه لينظر زيف دعوى إمكانية حصول الوضوء من رجال ونساء كثر دون تلامس الأيدي عرضا , أو رؤية الرجال ما يحرم من أجساد النساء كالذراعين والشعر وغير ذلك ! .


لم يجد ما يرد به هذا الحق الدامغ إلا أن قال وقوله الباطل : " ولا يلزم منه رؤية ما لا يجوز من المرأة "

كيف يصير هذا يا شيخ ؟!

وأما عن قسره معنى الأحاديث وإلزامه أنه لا يدل إلاعلى أن الرجال والنساء غير المحارم يجتمعون للوضوء جميعا على إناء واحد , فترده أحاديث مثل :حديث : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأزواجه يغتسلون من إناء واحد "
فبناء على فهم هذا الرجل للأحاديث السابقة , يلزمه أن يفهم من لفظ هذا الحديث أن زوجات محمد صلى الله عليه وسلم يجتمعن كلهن وهن تسع زوجات على إناء واحد ((( يغتسلن ))) من الجنابة ويرين عورات بعضهن !
أو بلزمه أن يحمل ما ساق من أحاديث على المعنى المراد من هذا الحديث وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل مع الواحدة منهن وحدها في يومها , وهو ما صرحت به أحاديث أخرى .

أما حديث أم صبية ففي إحدى رواياته أنها روت هذا عن ( عائشة ) فإذن الكلام لعائشة , إذن فالتي تختلف يدها عائشة , لا أم صبية .

فإن لم يكن , فلا مشادة بين العلماء بأن هذا يكون قبل الحجاب . ولا إشكال عندهم في هذا , وقد نصّو عليه

اما وقد خالفهم هذا المافتون وادعى أن الحديث دليل على جواز الاختلاط , فعليه وفق المنهج العلمي أن يثبت أولا أن هذا حصل لأم صبية لا عائشة , وأنه بعد الحجاب , ثم بعد هذا له الحق أن يبني عليه حكمه , ولن يستطيع .

فالحق الذي رغب هذا الرجل طمسه ظاهر , يؤيده النقل والعقل , وهو أن الرجل يتوضأ من الإناء الذي تتوضأ منه المرأة لا يراه حراما , والنقل والعقل إنما يعارضا تأويله الماكر الأحمق .

ولو كان يريد الحق لوسعه أن يفهم هذه الأحاديث كما فهمها كل العلماء السابقين , فليس القصد تماوج الرجال والنساء يتزاحمون على إناء واحد تتلامس أجسادهم وأيديهم ويرون من النساء ما لا يجوز لا يستطيعون منعه . أو على الأقل إن كان لا يرضيه إلا ما رأى أن يعد الروايات كانت تصف الناس قبل فرض الحجاب , فهو الطريق العلمي للجمع بين أحكام الحجاب لأمهات المؤمنين وللمؤمنات وبين هذه الأحاديث ؛ لأن هذا الفعل بعد الحجاب مخالفة صريحة لحكم الحجاب !




قد أطلت

فلعل هذه النماذج كافية , لأترك هذا الرجل وخبث مذهبه , وإلا فكل استدلالاته منقوضة واضحة البطلان .

عسى أن يكون التعقيب القادم – إن شاء الله تعالى – بداية لإجابة طلب أبي فواز ببيان حرمة الاختلاط وفق نصوص الشريعة فهـْـماً من كلام علمائنا السابقين واللاحقين .
.
__________________
إذا قرأت توقيعي فقل :
لا إله إلا الله
هي خير ما يقال , وبها تكسب أجرا وتطمئن نفسا

***
في حياتي
سبرت الناس
فلقيت عند قلـّة معنى الوفاء
وقرأت في سلوك الكثيرين تعريف الدهاء
وامرأة وحدها , وحدها فقط , علّمتني معنى الثبات على المبدأ وبذل النفس له

آخر من قام بالتعديل برق1; بتاريخ 07-02-2010 الساعة 01:46 AM.
برق1 غير متصل  
 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:57 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)