[كاره الظلم]

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : (كل نفس ذائقة الموت) صدق الله العظيم .

انتقل إلى رحمة الله تعالى صبيحة أمس الثلاثاء عطايا عوض الطناني (أبو شوقي) والد صاحبي عبدالعزيز ، فلسطيني الجنسية ، دخل بريدة قبل خمسين عاماً تقريباً وعمل بها مزارعاً ، وقبل تسعة أشهر تقريباً أصابه مرض عانى منه كثيراً إلى أن توفاه الله في الرياض عن عمر يناهز التسعة والسبعين عاماً، وسيصلى عليه في جامع الونيان بعد صلاة ظهر هذا اليوم الأربعاء الموافق للثالث من ربيع الأول لعام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون من الهجرة النبوية الشريفة حسب تقويم أم القرى، السابع عشر من شهر شباط (فبراير) من العام ألفين وعشرة للميلاد .

ولا أعرف الكثير عن أسرته التي كونها هنا سوى أنني أعرف أن له عدد من الأبناء والبنات والأحفاد والحفيدات ، أعرف منهم صاحبي عبدالعزيز الطناني الذي تخرج من الكلية التقنية للغذاء والبيئة في السنة الماضية .

وقبل مدة كتب عنه مقال لم ير النور وهو يتحدث بمناسبة مرور ستين سنة على النكبة جاء فيه :
أبو شوقي ذو الثمانية والسبعون عاماً يتحدث عن مأساته التي عاشها خلال الستين عاماً الماضية فهو يتذكر كل ما حدث في تلك السنون العجاف التي لم تولد إلا النكبة التي ظلت راسخة في ذاكرته ..
تحدث إلينا وهو يخرج من صدره تنهيدة عبرت عما يكنه في داخله لأرضه ووطنه الذي رغم طول هذه السنين لم ينسه لحظة واحدة .. عاش هنا وقلبه هناك ، آخر عهده بغزة الجريحة - التي تأن تحت وطأة الحصار - كان منذ ثماني سنوات حين هبت الانتفاضة للدفاع عن المسجد الأقصى فلم يجد بداً من العودة إلى المملكة لأنه لا يحمل هوية فلسطينية وإنما يحمل وثيقة سفر للاجئين الفلسطينيين حيث يمنع من الدخول إلى فلسطين إلا بتصريح من اليهود وكما يقال باللهجة العامية الفلسطينية (الدار دار أبونا والغرب طردونا) .
وبعد هذه السنين إذا سألت أبو شوقي في ذكرى النكبة عنها فماذا عساه أن يرد عليك ؟ إنه يعتصر ألماً لأن النكبة تبعها نكبات ولم يقتصر الأمر على نكبة واحدة وآخر النكبات وأكبر النكبات نكبة التشرذم الذي تعيشه القضية الفلسطينية الآن فمنظمة التحرير فرط عقدها ونجح عدوها في تفريق شملها ، وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد ويذكرنا بالنكبة على أرض الواقع ، والمتأمل قليلاً يجد أن النكبة الآن أقسى وأشد من النكبة قبل ستين عاماً ، ولكن سنن الله في خلقه الذي يتبين من قول الله تعالى في سورة الإسراء : (ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا)، وإخبار الصادق المصدوق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الأحداث : "ستقاتلون اليهود .. " هو ما يبعث الأمل لنا أن الدائرة لا بد أن تدور على اليهود ، ومهما أقيمت من حواجز ومهما اتخذت من قرارات فالعودة حتمية عند أبو شوقي وأمثاله ، ولذا فهو يزرع هذه الحقيقة في أبنائه من بعده فلا تغيب له عن بال .

فلا يسعني إلا أن أقول : أحسن الله عزائنا فيك يا أبا شوقي وجبر مصيبة أهلك وعوضهم خيرا ..
اللهم اغفر له وارحمه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ..
اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً ..
اللهم أبدله داراً خيراً من داره ، وجيراناً خيراً من جيرانه، وأهلاً خيراً من أهله ..
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النيران ..
اللهم آمين ..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
وللعزاء في بيته الكائن بحي الحمر على طريق الحمر ..
وجوال ابنه عبدالعزيز 0566882085