[أبو ريّـان]

حَدَثَنِي المسكِين بِلسَانِ حَالهِ قَائلاً :

إني أبيت طاوي البطن جائعًا , في زمن شكى فيه الناس تُخمة الأكل , ودفعوا المبالغ الطائلة في سبيل الوجبات الشاميّة والغربيّة
الناس من حولي يلبسون أفخم الملابس, وأنا ألبس أرثّها وأخسّها
قددار عليها الحول , وأبلتها الأيام والشهور ..!
أفرح كثيراً لوطُرقَ باب بيتنا في ساعة متأخرة من الليل, لعل وعسى أن يكون جارنا فلان قد أتى لنا بما تبقى من طعام عشاءه , وأتسأل لما يرمى بقايا الطعام في المزابل ..
ألاتعلمون أنَّ هُناكَ بطُونًا جائعة تَتمناه ..
إني أحمل همًا كبيرا حينما تبدأ الدراسة , لالشيء إلا أنَّ فسحة الأولاد تثقل كاهلي , وأتعاجز عن دفعها , بل إن أبني يحبس نفسه في الفصل ولايخرج مع زملائه في الفسحة حتى لاينكسر خاطره إذا رأئهم يفطرون ويأكلون مايشاؤن .. بل هو يفرح إذا كان معه ريالاً واحد يتباهى به وبمايشتري فيه .. هي الحقيقة ولامُبَالَغة .. !
أما ابنتي فيتقطع قلبي كمداً حينما تطلب مني ملابس جديدة ..تقول إني جميع بنات فصلي يجددون ويلبسون أطقم متنوعة لما لاأكون مثلهم ياأبي ..
وليس لي إلا أن أعدها خيراً .. والله أعلم بحالي
بكاء طفلي الصغير يرن في أذني .. فاتورة الكهرباء شبح يقلقني .. آجار المنزل هم غم لايفارقني ..
إنَّ عزة نفسي , وعفتها منعتني من أن أتكفكف أيدي الناس أعطوني أم لم يعطوني .. لذا فأنا ابتسم وأجامل من حولي ..
وأتذكر قول ربـي عزوجل (لِلْفُقَرَاْءِ الَّذِيْنَ أُحْصِرُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيْعُوْنَ ضَرْباً فِيْ الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاْهِلُ أَغْنِيَاْءَ مِنَ الْتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيْمَاْهُمْ لاَ يَسْأَلُوْنَ النَّاْسَ إِلْحَاْفاً وَمَاْ تُنْفِقُوْا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيْمْ )
إن الفقرَ ليس عيبًا , ورسولنا كان فقيراً .. ولاأحسد ماعند غيري من نعمة.. فذاك فضل الله يؤتيه من يشاء ..!
كما أني لاأعارض ولاأسخط على أمر الله ..وأحمد الله على كل حال ..

لوكان قريبي فلانًا يسأل عني لما أصبحت بماعليه الآن .. ولوكان جاري يتفقد أحوالي لتحسنت أمور حياتي ..

قصصت عليك حالي , وهناك من الفقراء من هو اشد مني .. فتقدوا من حولكم من المحتاجين والفقراء , فلايعرف قدر النعمة إلا من حُرمهَا ..

أرحَموا المسَاكينَ فِي الدنيـَا .. لعلَ اللهَ يَرحمَكم فِي الآخرَة ..

أ.هـ
بلسان حاله