[الشامخ]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ثم أما بعد :

عندما تنظر وتتفكر في هذا الرجل الذي أمضى وقته نقاشاً وجدالاً وننظر إلى ذاك الذي يكثر الردود والمحاورات وهذا الذي يطرح رأيه ولا ينظر بل ولا يحترم وجهة الطرف الآخر , وهكذا في معمة القبول والرد واحترام الطرف الآخر ووجهة نظر المقابل . وتلك الاعتقادات في النقاش ومع ذلك فأولئك أسرع من البرق اختفاء وانسلالاً عندما تريد مناقشته ومحاورته .

ما حكيته آنفاً مقدمة أحببت البدء بها .. مع أنني على يقين وإيمان أن فئام من المتحاورين والمتناقشين تنقصهم كثير من المصداقية في الطرح وتنقصهم الصراحة المطلوبة والمفترضة في تقديم وجهة النظر , لا يريدون الوصول إلى الحق وإنما يناقشون لذات المناقشة ولإبراز ثقافتهم التي لم تنفعهم فهم كالحمار الذي يحمل أسفارا , وإلا الكثير من الذين يناقشون يعرفون المسائل جيداًَ وكانوا من أشد الناس التزاماً واستقامة ولكن انحنوا جهة اليسار وبدأو يناقشون بأشياء كانوا هم رمزاً بسابقهم والتزامهم وخشيتهم وعبادتهم , ولكن يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك ‍‍‍‍‍‍‍.‍‍

ولو أنهم تفكروا في تلك الأشياء التي تجلب التوفيق والتي تعينهم على الطريق ‍لما انحنوا عن طريق الحق الواضح الذي هو من عند الله, ولكن تخلوا هؤلاء عن أشياء مهمة في الحياة تعتبر كالبلسم للقلوب ولا استجلب شي بالتوفيق بمثل المبالغة في الدعاء والاستكثار من إظهار الافتقار ومسيس الحاجة إلى الله ولافات هذا منهم إلا بإهمال ذلك .

وتلك هي الطريقة والهدي التي سار عليها رسولنا الكريم , فقد كان يستفتح صلاة الليل داعياً ( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , اهدني لم اختلف فيه من الحق بإذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم , وكان يوجه أصحابه بأمي هو وأمي قائلاً ( سلو الله علماً نافعاً وتعوذوا بالله من علم لا ينفع ) . وقد كان هذا ديدناً لصاحبته وللسلف من بعدهم وهدياً لهم ولعل من أجلى صور استعانتهم بالله على التعلم والوصول للحق عبر البحث والمطالعة لا التكبر والعناد , وهذا ما حكاه شيخ الإسلام ابن تيمية عن نفسه فقال : ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير ثم أسأل الله الفهم وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها وأمرِغ وجهي في التراب وأسأل الله تعالى وأقول : يا معلم إبراهيم علمني . وهكذا يتعلمون ليتوصلوا إلى الحق لا ليناقشوا ويخادعوا أنفسهم وهم يعلمون الحقيقة لكن لا يفصحوا عنها إما لكبر وإما لإغواء الناس وتتبع الهوى .. نعوذ بالله من ذلك .

ولعلنا نسير إلى منعطف آخر مهم لنا في حياتنا وفي علاقاتنا ولعلي أبدأه في سؤال :
متى آخر مره تفكرت بمخلوقات الله وعظم الله ؟.
متى آخر مره دمعت عينك من خشية الله ؟.
متى آخر مره دمعت عينك وأنت تقرأ القرآن ؟.

أرجوا أنني لم أصدمكم بسؤالي وتوجيهه إليكم , لأنه باعتقادي أن كثرة النقاشات والخلافات وإتباع الشبه يقسي القلب ويبعده عن الخشية ويجلب له القسوة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عينان لا تمسهما النار عين دمعت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله .

فلماذا أعيننا جفت البكاء من خشية الله ومخافة عقابه وطمعاً في رضاه .
هذا السؤال سنعرفه إذا وضعنا في القبر وحينها لا ينفعنا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , وحينها لن تنفعنا نقاشاتنا وحوراتنا المزرية ولن ينفعنا كلامنا إذا وسدنا في التراب .

فحري بكل عاقل يريد النجاة أن يراجع نفسه ويحاسبها محاسبة صحيحة صادقة . فإننا محاسبون وربي عن كل كلمة قلناها , فلنعدد للسؤال جوابا وللجواب صوابا .

لكم مودتي وامتناني الخاصين لكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ا ل ش ا م خ