بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » طغيان العاطفة

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 02-08-2004, 06:02 PM   #1
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
طغيان العاطفة

بسم الله الرحمن الرحيم

يقال أن العواطف عواصف، فالعاطفة إذا لم تضبط بزمام الشرع عصفت بصاحبها، وألقته في مواضع الهلاك.
يغلب على المسلم أحياناً عاطفةُ حبِّ التنسك والعبادة فيدفعه ذلك إلى مجاوزة الحدِّ المأمور به، ومن ذلك قصة الرهط الذين جاءوا إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: «وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر» قال أحدهم: «أما أنا فإني أصلي الليل أبدا» وقال آخر: «أنا أصوم الدهر ولا أفطر» وقال آخر: «أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا» فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ). [رواه البخاري].

فعلّمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المنهج الوسط في العبادة، وحذّرهم من الخروج عن سنته الكاملة.
وفي صفوة الآثار للدوسري: أنَّ الله قد جمع لهذه الأمة في دينها بين الحقّين:«حق الجسم وحق الروح».

وقد تدفعُ المسلمَ عاطفةُ الحبِّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فيغلو في ذلك ويخرج عن الوسطية. وقد حذّرنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من ذلك فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا : عبد الله و رسوله). [رواه البخاري].
وقد تدفعُ هذه العاطفة المسلمَ إلى الشرك بالله تعالى كمن نسبوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بعضَ صفات الألوهية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. أو إلى الخروج عن السنة ببدع محدثة كبدعة المولد النبوي .

وقد يندفع المسلمُ بسبب ما يراه من شيوع للمنكرات، وظهور للفساد، وتأخر الأمة إلى تصرفات أو أحكام خارجة عن منهج أهل الحقّ، ومن ذلك «شيوع ظاهرة التكفير والتبديع بلا ضوابط شرعية، ولا فقه، ولا تثبت بما في ذلك الأحكام على الأشخاص والجماعات والهيئات والأنظمة وغيرها والتكفير باللوازم، التسرع في إصدار الأحكام والمواقف بمجرد الشائعات، هيمنة نزعة الخروج على أذهان بعض الناس، وكثرة الثرثرة بها وإطلاق الأحكام فيها، في حين أنهم ليسوا من أهل الحل والعقد، ولا من الراسخين في العلم الذين يعنيهم الأمر شرعاً. سرعة الاستجابة للفتن، والتصرفات الغوغائية، والجمهرة والتداعي عند كل صيحة دون الرجوع لأهل العلم والحلم والفقه والرأي، إلا من يوافق هواهم. استباحة البدع والوسائل المريبة في سبيل تحقيق الهدف. ضيق العطن وقلة الصبر واستعجال النتائج في أمر الدعوة وغيرها، مما يبعث روح اليأس والتشاؤم والتصرفات المشينة. الإخلال بمفهوم الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر وأساليبه، أو سلوك منهج المعتزلة والخـوارج وأهل الأهواء في ذلك» [ بتصرف من كتاب (الخوارج أول الفرق في تاريخ الإسلام) د. ناصر العقل]. سوء الظن بالعلماء واتهامهم بالمداهنة والعمالة للسلاطين.

وطغيان العاطفة سبب الكثير من الانحرافات الفكرية والسلوكية لدى كثير من شباب الإسلام، وهذا ظاهر في الحياة المعاصرة، فنجد الكثيرين من المتحمسين للنصر والتمكين سلكوا طرقاً لا تزيدُ الأمة إلا ذلاًّ وهواناً، وصدق من قال: «من تعجَّل الأمر قبل أوانه عوقب بحرمانه».

والله أعلم. والحمد لله ربّ العالمين.



__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح
ناصرالكاتب غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:14 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)