|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
10-06-2010, 06:40 PM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
أكلوني البراغيث
من أشهر أمثلة النحاة التي تتوارد في كتبهم , ويتناقلها الناس بينهم تندراً بالنحاة وتعسفهم ما سمع من بعض العرب قولُهم : أكلوني البراغيث . حيث يضرب النحاة به مثلاً لتكرار الفاعل , وأنه خلاف القياس , وأن القياس يقتضي أن يقولوا : أكلتني البراغيث , وذهبوا لتخريج هذا المثل مذاهب شتى . ولو تأملنا في هذا المثال : أكلوني البراغيث لوجدنا أن العرب الناطقين به كانوا يقصدون أمراً لم يفطن له النحاة , ولن يفطنوا , ذلكم أن ( البراغيث ) جمع ( برغوث ) وهو دويبة صغيرة شديدة العض والإيذاء , ونستطيع أن نشبهها بالبعوض أو نشبه البعوض بها , فهما وجهان من جنس واحد . فهو يتصرف تصرف العقلاء , ويتكاثر تكاثراً عجيباً , فجاء العقل ( بواو الجماعة ) وجاءت الكثرة مرتين : بالواو , وجمع التكسير الدال على منتهى الجمع ( البراغيث ) . وحين تتأمل حركة البعوض الدؤوبة المنتشرة في أحياء بريدة الآن وسط غفلة من الأمانة الموقرة نجد أن لسان حال الناس يقول : أكلوني البراغيث , بالجمع في الفعل والفاعل , وبإسناد الفعل إلى ضمير العاقل ( واو الجماعة ) , والسبب يعود إلى أن البعوض يتصرف مع الناس كما لو كان أكبر العقلاء , فهو يتعمد إيذاءهم بشتى أنواع القرص ومص الدماء , ويتعمد , إزعاجهم في نومهم ويقظتهم على حد سواء , ويتعمد مشاركتهم طعامهم وفُرُشَهُم وأمتعتهم , ويتعمد إيذاء صغارهم قبل كبارهم . هذا من جهة . ومن جهة أخرى فهو يتوالد بكثرة عجيبة لا يعلم إحصاءها إلا خالقها سبحانه , ويخطف العيون والآذان من كثرته ,ولسان حاله يسخر من الأمانة وأربابها البعيدين كل البعد عن مواطن البراغيث والبعوض , وقد سلموا – سلمهم الله – من أن تأكلهم أو تؤذيَهم وأولادَهم , ولكنهم وقفوا صامتين وهم يرونها تأكل الناس جنوب بريدة , ولعلي أحسن الظن بأمانة بريدة ومسؤولي صحة البيئة لأنهم يرون أن أهل الخليج بمستنقعاته وأوبئته كانوا من بقايا قبيلة أزد شنوءة وبلحارث بن كعب , ولذلك فلا غضاضة أن يصرخوا قائلين ليلاً ونهاراً : أكلوني البراغيث والبعوض , ولكن صراخهم يتبدد مع الأجواء , بل إنه يُسمِعُ الأموات حولهم , قبل أن تستمع لهم آذانُ المسؤولين في الأمانة . فأبشر بطول سلامة أيها البعوض والبرغوث .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
الإشارات المرجعية |
|
|