بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » لمن سألني عن الشيخ سعد العجلان

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 01-07-2010, 03:37 PM   #1
باتل
عـضـو
 
صورة باتل الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
البلد: هنا
المشاركات: 31
لمن سألني عن الشيخ سعد العجلان


الشيخ سعد بن محمد بن صالح بن عجلان العجلان
1373هـ --- 1431هـ (58سنة)

نشأة الشيخ:

لم يكمل الشيخ سعد السنة الأولى من عمره حتى توفي والده رحمه الله لينشأ يتيما فلم يقل قط في كلامه أبي بل كان منصرفا بكامل حنانه ووجدانه لوالدته التي أحسنت تربيته
مما جعله بارا بها ولم يكن جبارا شقيا.

كانت لوفاة والده المبكرة أثرا في نشأته الرجولية فقد نشأ معتمدا بعد الله على نفسه في كل أموره ولم يكن كباقي الغلمان الذين يهتمون باللعب واللهو والنوم بل كان يكدح ويشتغل
ويسعى لقوت يومه ومعيشته ومعينا لوالدته على معترك هذه الحياة القاسية.

وبرغم ما كان من قلة ذات اليد والحال إلا أنه كان شغوفا بطلب العلم والتعلم ولم تصرفه شواغل المعيشة عن العلم وقد كانت والدته مشجعة له في ذلك.

ثم تزوج الشيخ مبكرا فيسر الله له زوجة صالحة من بيت علم وتقى وكانت صبورة محتسبة مطيعة تحملت كثيرا من المتاعب والمشاق وكان كثيرا مايتحدث عنها حتى في
أيامه الأخيرة ويثني عليها خيرا نسأل الله أن يمد بعمرها ويربط على قلبها.

وكان من توفيق الله له أن جمعه برفقة صالحة طيبة من طلاب العلم الذين لزموا الشيخ صالح البليهي رحمه الله فكان من تلاميذه المبرزين فقرأ عليه كثيرا من العلوم
وكان يخرج معهم للدعوة وتبصير الناس بأحكام الدين وتعاليمه بسن مبكرة
وكان رحمه الله ممن عمل بالتعليم الغير نظامي في مدرسة (الدينية) وهي مدرسة الشيخ صالح البليهي حاليا فكانوا يعلمون الصغار العلوم الشرعية في العقيدة والفقة وكانت أشبه
بالجامعة من حيث قوة التأصيل والمنهجية حتى يسر الله لهم أن أدرجت ضمن التعليم النظامي وأصبح القائمون عليها معلمون نظاميون
ثم واصل الشيخ رحلة التعليم وانتقل من مدرسة الشيخ صالح البليهي إلى عدة مدارس كان آخرها مدرسة ابن ماجة بالفايزية
وقد حفظ الشيخ القرآن الكريم كاملا وأم الناس به وكانت البداية في أحد مساجد السالمية فجلس إماما فيه لمدة طويلة وحتى بعد ارتحاله من السالمية أصبح يتردد على المسجد
من حي الفايزية في جميع الأوقات ثم عين خطيبا في جامع رواق واقتصر على الخطابة بعد ذلك حتى توفي رحمه الله.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ

مجالس الشيخ:

كانت مجالس الشيخ سعد إيمانية ممزوجة بالدعابة والطرفة فلا يصيبك الملل مهما طال بك المقام , وكان أكثر ما يزعجه من يتكلم في أعراض الناس أو مالا فائدة فيه ولانفع
كالحديث عن أرزاق الناس ومدخراتهم أو التخبط في سوالف السياسة أو ماعليه حال الناس , وأكثر ماكان يتحدث فيه هو التفكر في الله وعظمته وجوده وكرمه , والتأمل في
هذا الكون ودقته وتصريف الله له وأن كل شي بقدر الله وعلمه.

وكان للصلاة أوفر الحظ والنصيب من كلامه ونصحه وتوجيهه فيندر أن يجلس مجلسا ولا يتحدث فيه عن الصلاة وعظمها بل ويتطرق كثيرا لما يعده بعض الناس من المعلومات البديهات
وهي شروط الصلاة وواجباتها وأحكامها وماذاك إلا لعظمها في نفسه.
وكان حديثه سلسا بسيطا غير متكلف يفهمه الصغير قبل الكبير وكان بعيدا عن التقعر في الكلام والتبذل فيه بل كان موجزا لا مقدمات فيه ولا تعقيد

وكان رحمه الله قرآنا يمشي على الأرض من كثرة مايستشهد فيه من الآيات وحتى الأحاديث وكان كثيرا مايقول : ((عليك بحفظ الدليل من كلام الله ورسوله ودع عنك حفظ كلام البشر
فإن أهل الأصول هم أهل الوصول)).

وكان من عادته رحمه الله أنه لاينام بعد صلاة الفجر بل كان يعكف على مراجعة القرآن وتلاوته وكان يختمه كل 10 أيام بمقدار 3أجزاء يوميا
ولا تكاد تراه في فسحة من وقته إلا وهو يتلو شيئا من القرآن قائما أو قاعدا أو راكبا وحتى في رحلاته ووقت نزهته رحمه الله فكان القرآن أنيسا له وملازما لسانه الرطب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
من صفات الشيخ:
من أبرز ما يبهرك من صفات الشيخ أنه كان رحيما عطوفا يرق قلبه لكل شيء وخصوصا عندما يبكي عنده طفل أو يراه مريضا فإنه يتأثر تأثرا عجيبا وكثيرا ما تذرف
عينه لذلك .وكان يقضي وقتا ليس بالقصير مع الصغار يمازحهم ويلاعبهم ويحملهم على ظهره وكان لا يرد أي طفل أتاه مهما كانت حالته فمن أعجب ما رأيت منه أنه
عندما يأتي إليه الطفل من أحفاده وقد خرجت ـ أعزكم الله ـ رائحته وخرج منه مايقزز النفس من أنفه فإنه لا يرده بل يحمله ويلاطفه بل ويمسح ما في وجهه
ولو بشماغه.

كان رحمه الله متواضعا يكره التكبر والظهور أو التعالي على الناس بل كان يكسر غرور النفس وجوامحها بأن يقضي حوائجه بنفسه ولا يطلب من أحد أن يعينه أو يخدمه
حتى ولو كان من أولاده بل كان سريع البديهة بحاجة غيره فمن العجيب أنك لاتحمل شيئا إلا وسابقك على حمله بنفس راضية وبلا كلل.

ومن صفاته رحمه الله أنه كان كثير المداراة والمجاملة فلم أعهد منه أنه عاب شيئا قط من طعام أو شراب أو ملبس أو مركب بل ويعظم لك الأمر حتى يدخل السرور على قلبك
وكان لايحب التذمر والتشكي من متاعب الحياة وغصصها رغم مروره بشيء كبيرمنها وكنت أسمع منه كثيرا : ((حنا بنعمة كبيره .. حمد وشكر ... ملوك بهالجزره ))
كان لسانه يلهج بالحمد والشكر لله في كل حال من أحواله.

وكان رحمه كريما سخيا لايرد من سأله حتى الأطفال كان لايردهم بل يعطي بلا منٍ ولا إكراه وكان المال عنده مجرد متاع وكان رحمه الله لايتحدث عن كيفية
جمع المال والمتاجرة وكيفية رفع الأرصده فلم أعهد له حديثا عن هذا لأن الدنيا لم تكن في قلبه ولم تكن أكبر همه.

وبالجملة كان رحمه الله عابر سبيل , فمن يعرف الشيخ عن قرب يدرك أنه كان لايبغي في الدنيا علوا أو طول مقام بل كان كل شيء عنده ( عِبر )
كان لبسه ماوجده أمامه وكان أكله وشرابه ماوضع له بلا انتقاد أو اشتراط .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ والحمى:
كان للشيخ مع الحمى أنات وآهات فكانت تلازمه كل سنة مرة أو مرتين لأكثر من عشرين عاما وكان رحمة صابرا محتسبا لم يغادر بيته لمستشفى أو طبيب
رغم قسوة هذه الحمى وضراوتها عليه فكان جسده ينهك وحرارته ترتفع بشكل مفزع وكانت تخور قواه فلا يستطيع أن يقيم جسمه من شدة الضعف ومع هذا
لم يترك صلاة الجماعة أبدا .
وكان رحمه الله لا يحب أن يفزع أولاده أو من يزوره عند مرضه بل كان يخفي عنهم آلام هذا المرض ومعانته الشديدة معه وكان يبتسم ويحاول أن يجهد نفسه
لكي لا يشعرك بالحزن والضيق
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
يوم الرحيل: الجمعة 21-6-1431هـ

وفي يوم رحيلة كانت هذه الحمى في شدتها عليه وكان من حوله يلحظون عليه تغيرا في تصرفاته فكان خافت الصوت يمسك بركبتيه عند المشي
ولكن لم يتغير في عادته وطريقته مع أبنائه أو حتى في وظيفته
وكان يوم الخميس المشهود وعند اجتماع أولاده وأحفاده عنده خرج بهم كعادته لاحد المتنزهات القريبة وكانت علامات الوداع واضحة عليه بل لقد كان في جلسته
يضع يده على رأسه أحيانا من شدة مايجد فتقول له أحد بناته ( ياوالدي انت تعبان لازم نرجع ) فيقول ( لا لا خلوكم مستانسين الجو زين )
ثم يكمل هذه الرحلة معهم حتى قربت الساعة الثانية عشرة ثم رجع للبيت وكان في طريق رجوعه يلاعب أحد أحفاده ويجلسه بجانبه وينشد له
وعند وصوله البيت ذهب لفراشه وهو مثقل الجسد لاهث اللسان وقد ألجمه العرق ثم يتكأ على فراشه ويتلو شيئا من سورة ( ق)
ثم بدأت علامات الرحيل كان يحس بإغماء شديد وكان نفسه مكتوما ويتحشرج ثم هي لحظات حتى لفظ أنفاسه بمنامه بعد وصوله البيت بوقت وجيز.

نعم لقد رحل الشيخ سعد وأجاب ربه بميتة هادئة لم يشعر بها من كان على رأسه خفيف البدن نقي العرض تقي الروح
رحل عن هذه الدنيا وقد ودعته آيات القرآن فكانت آخر عهده من هذه الدنيا
رحل الشيخ وكم كان رحيله فاجعة ومصابا جللا لم يصدق به من سمعه
إنا لله وإنا إليه راجعون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ

وبعد رحيل الشيخ أقول :
يامن أحرق نفسه بجمع الدنيا وحطامها , وكدر صفو من حوله بحسرته على خسرانها
وقض مضجعه هم وغم على فقدانها , وقطع أوصال رحمه لكي يصل ديناره بدرهمه
وأنقص آخرته بزيادة دنياه وشهوته , وشمخ بأنفه عن الضعفاء لكي لايتعكر صفوو جشعه وكبره

إليك وإلى أمثالك صورة من حياة الشيخ سعد لكي يطمئن قلبك وتهدأ نفسك ويستقر جنانك وتصفو سريرتك
ويجلو غمك وغيظك وحقدك وحنقك وشهوتك وتصغر في عينك الدنيا فلا تحزن لفقدها ولاتفرح بانفتاحها

لقد كانت صورة بليغة يا شيخ سعد , لأنها كانت نسخة مطابقة ومتأسية برسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه
(( وكانت في حياتك لي عظات ** فأنت اليوم أوعظ منك حيا ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
مبشرات نحتسبها عند الله للشيخ:

*قال صلى الله عليه وسلم : " يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها ". رواه الترمذي

*قال صلى الله عليه وسلم : " مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران " متفق عليه

*قال صلى الله عليه وسلم قال : " يجيء القرآن يوم القيامة فيقول : يا رب حلِّه ، فيلبس تاج الكرامة ثم يقول : يا رب زِدْه ، فيلبس حلة الكرامة ، ثم يقول : يا رب ارض عنه
فيرضى عنه ، فيقال له : اقرأ وارق وتزاد بكل آية حسنة " . رواه الترمذي

*قال صلى الله عليه وسلم (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحسنكم أخلاقاً ).رواه أحمد والترمذي وابن حبان

*قال صلى الله عليه وسلم: ( من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) متفق عليه.

*قال صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه). رواه مسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
اللهم ارحم الشيخ سعد وانزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

اللهم إنا نشهد له ونحن نشهودك يارب فإنه كان رحيما فارحمه كريما فأكرمه ذاكرا لك شاركرا فأوسع مدخله واجعله روضة من رياض الجنة

اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك وأنت أكرم الأكرمين وأجود الأجود فاجعله في نعيم مقيم وسرور وحبور

اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده واجمعنا به مع نبيك محمد صلى الله عليه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ
عذرا ياشيخ فلم يسعفني قلمي ولم تتماسك أحرفي من هول مصابي وعظم فاجعتي فكانت ترجمة سريعة وكانت غيضا من فيض عن حياتك

ولكن كان لزاما علي أن أبوح بما في صدري عنك ياشيخ فكنت لي أخا شفيقا وصديقا وفيا ومربيا فاضلا

أحدث رحيلك عندي فراغا لن يسد وجرحا عميقا لن يندمل ولولا أن الموت وعد صادق وموعد جامع وأن الأول منا يتبع الآخر لوجدنا عليك يا شيخ سعد وجدا شديدا
تدمع العين ولانقول إلا مايرضي الرب وإنا على فراقك يا شيخ لمحزونون.


وإليكم تسجيلا بصوت الشيخ وكان في حديث رمضان لأحد الأعوام السابقة
[MP3="http://file.damasgate.com/view.php?file=98876c9608"]أهوال الحشر[/MP3]
[[MP3="http://file.damasgate.com/view.php?file=98876c9608"]http://file.damasgate.com/extension/mp3.gif[/MP3]

آخر من قام بالتعديل باتل; بتاريخ 01-07-2010 الساعة 04:12 PM.
باتل غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 08:27 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)