[| يحيــى فقيـــه |]

غافل : من أنت أيتها المخلوقة الكبيرة في حجمها ؟ ألا ترين أن العقل يقف متفكراً في عظمتك وكبر حجمك ؟
الشمس : كأني بك تتجاهل مكانتي بسؤالك أيها المخلوق الصغير في حجمه !!!
غافل: كيف اتجاهلك وأنت لا تتخفين عن انظار البشر .. كل يوم أراك تلبسين ثيابك المشرقة لتظفي على الأرض بنورك المضي واشعتك الساحرة .
الشمس : أنا الشمس مخلوق عرف قدر خالقه . فهل أنت مثلي ؟
غافل : أأأأ أيه نعم !! نعم !! أعرف خالقي وأقدر قدره .
الشمس : ولكني أراك على صغر حجمك إلا أنك تتكبر على خالقك وتعصيه فخيره إليك نازل وشرك إليه صاعد .. يتحبب إليك بالنعم وتتبغض إليه بالمعاصي .
غافل : اسمعي أيتها الشمس .. أراك قد تماديتي معي في حديثك .. وكأنك معصومة من المعصية . ألست عندما تتخفين في غروبك عن أنظارنا تعصينه ؟
الشمس : هههههه . مسكين أنت أيها الانسان تظن الخلق مثلك . إذا خلو بمحارم الله انتهكوها . أفق من غفوتك . فلو علمت قدر الخالق ما عصيته .
غافل : طيب .. عندي سؤال .. انت عندما تغيبين عن انظارنا أين تذهبين ؟ كم هذا السؤال يحيرني وقد يكون يحير غيري من الناس . فهلا أجبتي دون لف أو دوران كما هي عادتك .
الشمس : بداية أود أن اصحح معلومة أنتم من تدورون حولي ولست أنا . أما سؤالك فسأجيبك .. ولكن قبل أن أجيبك لي سؤال !!
غافل : تفضلي .
الشمس : أنت .. هل تؤدي حق الله عليك كما أمرك .. أم تخالفه ؟
غافل : يعني مو مره .. مقصر .. ولكن ربي غفور رحيم وبيتوب عليه ان شاء الله .
الشمس : لن أعلق على إجابتك فالحيرة تكاد تعصف برأسي.. ولكني سأجيبك على سؤالك .. سأخبرك بما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي ذر قال: كنت مع رسول الله في المسجد حين غربت الشمس فقال: ((يا أبا ذر، أتدري أين تذهب الشمس؟)) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها، فتستأذن في الرجوع فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، يقال لها، ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى: (( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ )).
لقد استجاب الكون كله لله، الأرض والسماء، النجوم والأشجار، الجبال والبحار، الزروع والأنهار، الكل لبّى مطيعًا مذعنًا خاشعًا خائفًا مسبحًا لله . إلا انت !!
(( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ))
(( أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ))
(( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ وكثير حق عليه العذاب )) .
سبحان الله .. كل الكون تُعلن الوحدانية لمن خلقها، وتدين بالطاعة لمن فطرها، فلماذا أنت ترفض الاستجابة ؟! لماذا تتمرد وأنت المخلوق الضعيف، فتعصي العظيم الجليل سبحانه .
غافل : الآن عرفت أين تذهبين .. وماذا تفعلين .. كل يوم وانت تسجدين لرب العالمين .. وسيأتي عليك يوم تُمنعين عن السجود . كم نحن البشر في غفلة !!



الشمس : قارن بين حجمي وحجمك .. فمن أنت حتى تعصيه .. فلو أمرني أن أقترب من أرضكم سنتمتر واحد لهلكتم .. ولو أمرني أن ابتعد سنتمتر واحد لهلكتم .. فهل من معتبر .

غافل : أيتها الشمس الكبيرة في حجمها الطائعة لخالقها أني أعلنها لك من الأن أني تبت إلى الله .. وسأبقى أسجد لله حتى الممات ..
الشمس : أخبر بني جنسك أن الأمر خطير والعاقبة وخيمة لمن عصاه .. وقل لكل متكل على رحمة الله بدون عمل ..
أن الله يقول {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }الزلزلة 7-8
وأن العاقبة الحسنى للمتقين والخسارة الكبرى للمفرطين .
~ ألقاكم في طروحة جديدة ~