بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » تصرُّفات بعض (المطاوعه) لا ينبغي أن تـُحسب على الدين

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 05-11-2010, 05:22 PM   #1
الكامل
عـضـو
 
صورة الكامل الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 319
تصرُّفات بعض (المطاوعه) لا ينبغي أن تـُحسب على الدين


لا زالتْ الأيَّام تكشفُ لنا سوءَ زماننا ، ما يُفجِّع أكثر مما يُمتع ، ويسلب أضعافَ ما وهبَ ، فلا أُبالي إذا وصفتُ لكم بعض حالنا ، وما انطوتْ عليه قلوبنا وعقولنا ، ولا أُبالي بما يُفترى بعده عليَّ ، ويُنسب إليَّ ، ممن عساهُ أن يقولَ: ما لكَ و(المطاوعة)؟!.

أيُّها المنتقدُ هوِّنْ عليكَ ، فما إنْ تسمع بتلك التسمية حتى أجد قشعريرة جسدك تهزُّك ، وشرارة تنفذ من عينك ، واحمراراً في أوداجكَ ، فلمَ كلُّ هذا ولأجل مَن؟! ، فلو علمتَ ماهيَّة قولي ، وأدركتَ صدقهُ برجاحة عقلٍ ، وحسْن ظنٍّ لحملك قبلي عليهِ ، وأسرعت معي إليهِ.
نعم. يجبُ علينا أنْ نثورَ ونغضبَ لكنْ على كل جهلٍ وعمى ، لا على الحقِّ والعلمِ.

فكلُّ ذي لحيةٍ مثلاً أصبح يُمثِّل الدين ، فصار التديُّن ببعضهم يُوحي بالتزمُّتِ ، وقلةِ التمدُّنِ ، والالتصاقِ بالرجعيِّةِ ، والحرصِ على المالِ ، ونحوه من معانٍ منفِّرة , لأنَّ فلان يكرهُ التقنيَّة وينبذها ، وفلان لا يُحب اللهو المباح ، وفلان بخيل! تجمعهم اللحيةُ ، وتُفرِّقهم التَّصرُّفات! وكلُّ هذا يُحسب على الدِّين! ، فما شأننا وشأنهم؟ ، بل وما شأنُ الدِّين وهمْ؟!

إنكم لتعجبونَ إذا قلتُ لكم أنَّ مرجعَ هذا البلاء كلّه أفكار المستغربينَ وأطروحاتهم (أو المتأمركين كما سُمُّوا) ، خُتمتْ قلوبهم وعقولهم بغشاوة قُرَابها الغرب ، فلا يرونَ إلا بهِ ، وما يسمعون بمثلهِ ، فقسَّموا الناسَ إلى متحضِّرين ومتخلفينَ ، والمشايخَ إلى وسطيينَ ومتشددينَ ، كله على حسابِ الدين! ، ثم ترى أُلئك الجهلة لا يستطيل نظرهم بخبرةٍ وتجربةٍ ، ولا ينفذ رأيهم بعلمٍ وبيِّنةٍ ، وإنما آخذونَ بذنبِ ما ينفثهُ المستغربونَ ، كأنما يُساقون إليهِم.

كنتُ يومًا في نقاشٍ مع أحدِ هؤلاء ، وأنا أعرضُ لهُ رأيي ، وأسوقُ لهُ الأدلةَ ، إذْ أجدهُ يقول: أنا وسطي! ، لا إفراط ولا تفريط!.
فلمَّا كشفتُ له معنى الوسطيَّة ، وبصَّرتُه بحقيقتهَا ، ووقفتُه على حدودِها ، كفرَ بي! ، وأنكرَ ما جئتُ به من أدلِّةٍ ، بقولهِ: فلان (المطوع أو المؤذن أو الإمام أو الشيخ) يصنع ذلكَ!.
فسألتُه: هل أقام اللهُ الحجَّةَ في هؤلاءِ أم في أقوالهم إنْ كان ثَمَّ حجَّةٍ؟ ثُمَّ هل كل مؤذنٍ أو إمامٍ يُمثِّل الدِّينَ والشريعةَ كصاحبِ الشريعةِ عليهِ الصلاةُ والسلام؟!
فأخذَ يُطنطن ويتفسلف ليُبدِّل حكمًا شرعياً أجمعَ على تحريمه أهلُ العلمِ ، وعلى نبْذهِ ذوو الحِجا ، لظنِّهِ أنَّ فتاوى كبار العلماء متشددةٌ منحرفةٌ عن التيسير على الناسِ ، وما الانحراف الذي رآهُ إلا لحِوَل عينهِ ، وسوء طبعٍ حملهُ عليهِ ، وإلاَّ فأي رجل قبل أن يكون دين لا يأنف أنْ تستبدَّ به امرأتهُ فتجرّه إلى بلادِ الكفر لتُخالط الكفرَ والرجولة ، والتيسُ المستعارُ يحمي الدار ! .

يذكرُ أحد تلاميذ العلاَّمة ابن باز -رحمه الله- أنه في درس من دروسه قرَّر حُرمة التصوير ، وساقَ الأدلةَ على ذلكَ ، واستفاض في بيانه ، مفنِّدًا كل شبهةٍ تُعارض الأدلة ، فلما انتهى من تقرير ذلك ، قال أحد الطلبة: هذه صورك تخرج في التلفاز والجرائد نراها كل يومٍ!. فردَّ عليه الشيخ: اتبع الأدلة واترك فعل ابن باز! هل أنا معصوم؟ عليك بالأدلة ، خذها واعمل بها ، ولا تنظر إلى أفعالي وأفعال الرجال ، وأنا لستُ راضيًا عنها ، سبحان الله !!. [انظر: الدرر الذهبية من عيون القصص البازية ص 89]

إن كانْ هذا العلاَّمة ابن باز -رحمه الله- على جلالةِ علمهِ ، وعُلوِّ قدرهِ ، ينهى الاحتجاج بفعلهِ ، فما بال مَن دونهُ في العلمِ والصدقِ والخلق؟!.
أم يكْبر على هؤلاءِ أنْ يأتوا الأمرَ من بابهِ ، ويدَعوا (بنات أفكارهم) حتى يكونوا من أربابهِ ، والطَّامة الكبرى أن تراهم يصفونَ لكَ الفوضى وهم أهلها ، والحوار وهم أضلُّ الناسِ عن آدابهِ.

على أنَّكَ لو جادلتَهم لرأيتَهم أجهل الخلقِ بأحكامِ الشَّريعةِ ومعرفةِ قواعدها ، ولو قُدِّر أن يُوجد بينهم عارفٌ بالشريعةِ وأصولها ، لكانَ أشدَّ أعدائهم وأغلظَ خصومهم ، وهذا من تقديرِ اللهِ في حفظِ دينهِ ونُصرةِ أوليائهِ.

ويبقى الحِمْلُ العظيمُ على أهل الدِّين ، أن يُبيِّنوا للناسِ خطر هذه المفاهيم ، فالسُّكوت عنها يدعُ لأُلئك زاوية باردة تُوارى فيها أباطيلهم ومخازيهم -هذا إن عرف الأحمق معنى المخزية- فلهم قدرةٌ طاغيةٌ على الثرثرةِ ، إذا تحقَّقتَ منها لم تجدْها إلا بلاءً للناسِ في دينِهم وأخلاقِهم ، ولم أرَ أكثر الناسِ يُؤتونَ إلا من هذا الباب. (أقصد شيوع المفاهيم الخاطئة)

نسألُ الله العزيز أن يُسلِّم الأمَّةَ منهم ، ومن طِبِّهم وهم آفاتها ، ونصيحتهم وهم عاقُّونَ لها ، اللهم بصِّرنا بأنفسنا ، ولا تجعلنا كعمل أهل النارِ كلَّما دخلتْ أمةٌ لعنتْ أختَها.



الكامل غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:18 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)