[سُمية]

مُحتلون بلا عسكر !

من سياسة الحرب القديمة أن تشق الجيوش طريقها لحدود الخريطة وترسم خطتها الهجومية سعياً لتحقيق مطالبها وأهدافها والتربع على كرسي العرش ومن ثم تبدأ منهجية السياسة والدستور المصطنع
والمطالبة بالجمهورية مع الأنظمة الوضعية غير أن المصير سمعاً وطاعة خوفاً من التبديد والتشريد
هي سياسة قديمة ومصيرها أوراق التاريخ القديم
والآن يعود التاريخ بتحديث الماضي غير أن السياسة ذكية والعقول أصبحت صغيرة في ظل التفتح الكبير في إعلامنا الشرقي والغربي غير أن شريعة الغاب هي المتربع على منهج الكثير
حيث أنها لا تنظر إلى قلوب الناس ولا تلتفت إلى حقوقهم .. بل تنظر إلى قوّتهم !, والدول الضعيفة تستحق أن تكون مخزن لتصدير أفكار التغريب بكل أشكاله , واستقبال الصفعات بجميع المقاسات .
فالجماهير بحاجة إلى بث الوعي سيما في القرارات التي تستغل عاطفتهم الدينية واهتماماتهم ببعض الأمور الجزئية والثانوية في سبيل حرمانهم من حقوقهم الأساسية ! .. ولجهلهم بخوافي المقاصد ومآلات الأمُور يُباركون ويستبشرون !
وما علموا أنهم في موعد مع حرب باردة واحتلال فكري يحتاج منّا أن نُبادر ونشرع به دون أن نتلمّس ما قد يُعرقله من بليد الأنظمة وعتيق القوانين , سيما في تلك البيئات ضعيفة التنظيم والتي لا يُذيب جمُودها سوى "المحسوبيات" !
ودخول المتحدثين بصبغة الدين ولسانهم يخالف صبغتهم الظاهرية يُحتّم علينا أنْ نكُون أكثر تيقظاً وحرصاً , ولطفاً فسبر أغوار المتحدثين المجهولين يحتاج منا إلى مزيد من التأنّي والحذر .
وما القول في متحدث ألبس المُباح رداء الحق , وألبس الحق خَلَق العبودية وقد حفظ الإسلام للمرأة حق النفقة وأباحَ لها العمل ,. فيأتي بشريعته ويحرم النفقة ويخرجها للعمل المختلط ؛ وتاتي تلك المسكينة تسلك شريعته وحسباناً منها أنّها انتصرت !
والنتيجة : ضحية احتلال فكري بجيش المتحدثين والوضاعين لتخرجها سافرة على الملأ وتنعت أهل الفكر المتزن الناهل من شريعة الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالتطرف والمتأخرين عن صفوف المتجددين
وما علمت أن مفهوم التطرف في الإسلام وتعاليمه وتشريعاته هو الوسطية بعينها , فالتطرف بالشيء هو الإحاطة بهِ من جميع جوانبه وأطرافه ، وطرف الشيء داخلٌ فيه وليسَ خارجاً ..
والحق مصيره الظهور بالقوة لا بالتحدث بلسان خفي حتى لانكون ضحية شرّ الوضّاعين الذين لا يبتغون من كذبهم إلا تقريب الناس من دينهم ،وليعلموا بقوتنا أنّ دين الله غير قابل للعبث فيه مهما اقتضت " المصلحة " !
ولا ندع لظنّ الجُهال يوما حينما ظنوا بأنّ " الحق " قد أصابهُ الكبر وله ذرية ضعفاء لا يستطيعون الذود عنه أو الدعوة إليه .. وأنّ السجون والمعاقل والأغلال ستحد من انتشاره وتعريف الناس به ..
فتجبروا وعاثوا في الأرض الفساد ؛ وجعلوا أعزة القوم - في سجونهم - أذلة ! وحالوا بين دعاة الحق والباحثين عنه ..
وماعلموا بأنّ الحق لا يؤوده شيء , وأنهُ نافذٌ إلى القلوب النقية الباحثة عنه وإن حاول الظلم - عبثاً - أن يحجبه ؛ كما ينفذ الضوء عبر الزجاج المصقُول إلى الحجرة الظلماء .. وإن أُوصدت الأبواب وغُلِّقَت أقفالها !
فأيها الفكر القوي لاتنخدع بالحرب الباردة ، ولا تيأس حين تخيب الظنون وتتقطّع حبال الآمال والأحلام المعلقة بمن لا تُؤمن عليهم الفتنة ! , وألا تُحكِم عليك " الهزيمة النفسية " قبضتها .. فتقول : هلكَ الناس .. وضاع الحق .. وماتت الهمم ؛ بقلوبنا وإن لم تنطق بها ألسنتنا ونجهر بها ..
فللدين ربٌ يحميه .. غالبٌ على أمره ولو كره المرجفون ..

[ دَمعَةُ سَحَاب ] والغَيثُ دَمعُ الغَمَامْ
الإثنين : 2\12 \ 1431هـ