|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
19-02-2005, 10:25 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2004
البلد: بريدة
المشاركات: 326
|
اغتيال الحريري .. بشاعة الجريمة ...وتداعياتها المخيفة
بعيداً عن اللغة السياسية، وعلى صعيد إنساني بحت، فإنّ من الصعب علينا كتمان حزننا على اغتيال رفيق الحريري، ليس فقط تضامناً مع السنة في لبنان ممن سيشعرون باليُتم إثر غيابه، وهو الذي تحوّل إلى رمز لهم في السياسة اللبنانيّة وتعقيداتها الكثيرة، بل أيضاً لأننا إزاء رجل يستحق الحزن، وهو الذي خرج من دوائر الفقر ليصل أعلى درجات الغنى، من دون أن يُنسيه ذلك من عاشوا تجربته الأولى واكتوَوْا بنارها.
من العبث تجاهل الإنسانيّة والشهامة والكرم في رفيق الحريري، ولو لم يكن كذلك لما نال كل تلك المكانة؛ لأن مصطلح "المال السياسي" الذي ارتبط به ليس ذا قيمة في واقع جماهير الأمة، اللهم إلا في سياق تحصيل مقعد نيابي هامشي بطريقة شراء الأصوات، أما شراء الزعامة السياسيّة الحقيقيّة التي تنطوي على محبة الناس بالمال فذلك ما لا يبدو متاحاً بحال. لقد وجد فيه السنة زعيماً حقيقياً، ومن أجل ذلك وقفوا خلفه. صحيح أن المال كان عدته الأساسية، لكن الكرم هو أحد أهم عناصر الزعامة كما تعرفها العرب، ولو كان مجرد ملياردير عادي من ذلك اللون الذي تعرفه دوائر الاقتصاد لما نال سوى الحسد واللعنة. لقد دخل الحريري دوائر السياسة من باب المال، فيما نعرف أن كثيراً من السياسيين العرب يدخلون السياسة من أجل المال، ومن هنا ينتج الفساد المالي والفساد السياسي وربما الأخلاقي أيضاً. صحيح أن الحريري لم يخسر من دخوله معترك السياسة حيث واصل إنجازاته الاقتصادية، لكنه لم يكن يهدف إلى مراكمة المزيد من الأموال، بقدر ما كان ساعياً إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية ضمن الرؤية التي يؤمن بها. ليس من عادتنا أن نمدح الزعماء الرسميين، لكننا نؤمن أن بوصلة الجماهير الفقيرة لا تخطئ، وحين تبايع رجلاً له مثل تلك المواصفات، فلأنها وجدت فيه ما يقنع، وقد لمس اللبنانيون السُّنة فيه أُبوّة لا يمكن إنكارها، بصرف النظر عن رأينا حيال مواقفه السياسيّة، وبخاصة موقفه من الوجود السوري وتحوّل وسائل إعلامه في الفترة الأخيرة إلى منبر للمعارضة. في قراءة من يقفون خلف الجريمة فإن من الصعب الجزم بأي من الاحتمالات الكثيرة، أما إلقاء التهمة على السوريين كما جرت العادة فهو المسار السهل الذي يتبناه اللبنانيون، لكن التحليل السياسيّ الناضج لا بد أنه سيؤكد أن دمشق هي الأكثر تضرّراً مما جرى، فنحن في زمن يختلف جذرياً عن زمن التصفيات القديمة، بدليل أن اتهام سوريا قد جاء منذ اللحظة الأولى من قبل المعارضة اللبنانية التي استقوت بالخارج. والحال أن الحريري لم يكن محسوماً لصالح معسكر المعارضة في الساحة اللبنانية، وإن بدا كذلك في الفترة الأخيرة، فقد كان ومن ورائه أكثر السنة في منتصف المسافة بين معسكري الموالاة والمعارضة، الأمر الذي يرجح استبعاد التورط السوري، لا سيما وأن الجهات الأمنية السوريّة قد لا تتورط في شأن كهذا من دون قرار سياسي واضح من الجهات العليا، ونتذكر كيف تبدّى الارتباك السوري الرسمي في سياق اغتيال مروان حمادة قبل ثلاثة شهور، وهو الرمز الدرزي الذي لا يمكن مقارنته بالحريري من حيث الوزن والأهمية. من المؤكد أن الإسرائيليين والأمريكان، وربما الفرنسيين سيستفيدون مما جرى؛ إذ ستغدو معركة إخراج السوريين من لبنان وإنهاء ظاهرة حزب الله المقاوم أسهل مما كانت عليه قبل الرابع عشر من شباط، وتلك المسألة الأهم بالنسبة لتل أبيب في هذه المرحلة. تنطبق هذه المعادلة على بعض القوى اللبنانية المعادية للوجود السوري وللعلاقة اللبنانية مع سوريا بشكل عام. ومن هنا فإن تورط جهات أمنية تابعة لتلك القوى لا يمكن استبعاده، غير أن الأهم هو عدم استبعاد التورط الإسرائيلي، ولا ننسى أن سيد تل أبيب اليوم هو شارون الذي قتل عرفات بالسم، وها هو يجني ثمار جريمته في شرم الشيخ حفاوة واستقبالاً!! فلماذا لا يكرّر اللعبة في لبنان للتخلص من هواجس السوريين وصواريخ حزب الله بعيدة المدى التي تقيّد تفكيره في مطاردة سلاح إيران النووي بالقوة العسكرية؟ أما مسألة البيان الذي خرج من تلك المجموعة الإسلامية "النصرة والجهاد في بلاد الشام" فهو لافت للانتباه ولا يمكن تجاهله، لا سيما إذا ثبت أن الرجل الذي ظهر في الشريط كان يقود السيارة التي فجرت موكب الحريري، لكن ثبوت هذا الأمر، لا ينبغي أن يحرف الأنظار عن جهة أخرى يمكن أن تكون قد وقفت خلف العمل، ففي مجموعات ما بات يعرف بـِ"السلفية الجهادية" هذه الأيام رعونة يمكن لأي جهة ذكيّة استغلالها من خلال الاختراق. نقول ذلك لأن تعقيد العملية والإمكانات الهائلة التي تتطلبها تبدو أكبر من قدرة مجموعة ليس لها سجل على هذا الصعيد. أما السبب الذي اغتيل الحريري من أجله بحسب بيان الجماعة المذكورة فيبدو تافهاً إلى حد كبير، لا سيما وأن القتل لم يستهدف الرجل وحده بل طال معه كثيرين آخرين، لكنه قد يكون مقنعاً بالنسبة لشاب متحمس قصير النظر، أو حتى مجموعة من الشباب لا يمكن وصف تفكيرهم إلا بأنه "فجّر ثم فكّر"، فقد كان الحريري بالفعل صديقاً لقيادة المملكة العربية السعودية، بل هو ابنها في واقع الحال، ولعل ذلك هو ما يفسر علاقته المعقولة مع السوريين رغم مراحل التوتّر، فقد كانت في واقع الحال انعكاساً للعلاقة المماثلة بين الرياض ودمشق وربما القاهرة ودمشق أيضاً، والتي كانت جيدة طوال مرحلة ما بعد اتفاق الطائف في العام 1989. بالنسبة لتداعيات اغتيال الحريري فإن بالإمكان القول إنها قد تكون بالغة الخطورة، وقد تصل حدود التدخل الدولي الذي عرفته الساحة اللبنانية في أكثر من مرحلة ( الحرب الأهلية عام 1958 حين تدخل الأمريكان، عام 1978 من خلال القوات الدولية، عام 82 19عبر التدخل الأمريكي الفرنسي). ولا شك أن السوريين سيحتاجون إلى قدر كبير، بل كبير جداً من الحنكة والحكمة والذكاء والتوفيق لكي يتجاوزوا المأزق، فالمعارضة وجدت فيما جرى فرصة للتصعيد وحسم الصراع مع دمشق ومن يوالونها بالضربة القاضية، وبالطبع بدعم كبير من الخارج الذي دخل على الخط فرنسياً وأمريكياً، ولا شك أن انحياز السنة إلى معسكر المعارضة بعد اغتيال زعيمهم سيضيف إليه ثقلاً مهماً. الموالون لدمشق في الساحة اللبنانية سيكونون أيضاً في مأزق، وعلى رأسهم الرئيس لحود والحكومة القائمة، وهؤلاء سيحتاجون أيضاً إلى قدر من الحكمة والذكاء من أجل امتصاص الأزمة، وقد يكون من المناسب إجراء بعض التغييرات من أجل تحقيق هذا الهدف، وفي كل الأحوال فإن من غير مصلحة لبنان العربي أن يخرج السوريون منه بتلك الطريقة المهينة، وهو أمر ينبغي أن يكون واضحاً بالنسبة للسنة حتى لو شعروا بالكثير من المرارة مما جرى. وحده النجاح في العثور على الجهة المنفذة هو ما سيشكل سفينة إنقاذ للسوريين واللبنانيين المتحالفين معهم، لا سيما وأن الفشل لن يحيل الجريمة إلى الخارج الإسرائيلي أو حتى للمعارضة المعادية لسوريا أو الجهات الخارجية المؤيدة لها، بقدر ما سيحيلها إلى السوريين أنفسهم من دون حاجة إلى دليل؛ لأن الاغتيالات المجهولة في لبنان غالباً ما تُحال إلى دمشق، ولن يلتفت القوم إلى التوقيت أو ما تجنيه سوريا مما جرى؛ لأن مجرد التخلّص من خصم سياسيّ قويّ هو إنجاز في عُرف الجهات الأمنيّة التي تتولى هكذا مهمات، لا سيما وأن توفير المبّرر ليس صعباً على مشارف الانتخابات اللبنانية وجدل القانون الانتخابي ومخاوف فوز الحريري والمعارضة، ومن ثم المطالبة نيابياً بإخراج السوريين من لبنان. بصرف النظر عن الجهة المنفّذة فإن ما جرى كان مصيبة بكل المقاييس، فخسارة الحريري هي خسارة كبيرة للبنان وللسنة، لكن التداعيات السيئة ستشكل الخسارة الأخرى الأكثر تأثيراً على لبنان والمحيط العربي، الأمر الذي يدفعنا إلى الابتهال إلى الله أن يمكّن اللبنانيين والسوريين من تجاوز الموقف بأقل قدر من الخسائر، لا سيما وأنها خسائر ما تلبث أن تتحول إلى أرباح في جيب شارون ياسر الزعاترة منقوووول من الاسلام اليوم
__________________
http://members.lycos.co.uk/buraydh2005/up/pic/devilsrejects1.jpg |
الإشارات المرجعية |
|
|