|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2010
البلد: السعودية
المشاركات: 219
|
مزالّ القراءة
مزالّ القراءة
عندما تكثر الأفعال : تزداد نسبة الأخطاء ، وهذه قراءة بسيطة لتجربة القراءة ، حاولت أن استشف منها مواقع الزلل ؛ لئلا تكون حجر عثرة في سبل الرقي والتقدم ! المزلة الأولى : وهم المعرفة ! كثير ممن يقرأ كتابًا أو كتابين ؛ يظن أنه قد ملك نصاب المعرفة ، وأنه ربّان سفينة العلم ، والنفس أسيرة –في الغالب- للمعلومة البكر أيًّا كان مصدرها ، وهذا ما يفسر لك التعصب للآراء الأولى ، والتي قلمّا يتخلص منها الإنسان ولو بعد حين ، لذا لا بد من تعدد مصادر المعرفة ، والتحقق منها ، وقد كان مما يتواصى به أهل التجربة : لن تعرف خطأ معلمك حتى تجالس غيره . المزلة الثانية : الانتشاء المعرفي ! سكرة تصيب بعض رواد القراءة ، فتعميهم نشوة المعرفة عن رؤية قصورهم ، وتركز نظرتهم على قصور الآخرين المعرفي ، مما يعظم عندهم الذات : فلا يرون الآخرين إلا عوامًا وجهالًا وعالة وأصحاب علل ! ، وعندما تغفو السكرة وتصحو الفكرة : يدركون أن القصور للجميع شامل ، وأن من عرف شيئًا ؛ فقد غابت عنه أشياء! المزلة الثالثة : الصوابية اللازمة ! يظن كثيرٌ ممن منَّ الله عليهم بسلوك درب القراءة ؛ أنهم لا بد أن يكونوا على صواب دائمًا ، وهذا مما يصح أن يقال عنه : دونه خرط القتاد ، فكل رأي لا يسنده نص = لا يقبل القطع ، وتظل آراء الرجال قابلة للقيل والقال ، ولا يعني هذا ألا تميل إلى رأي دون رأي – فهذا مما تأباه الطبيعة- ، ولكن وطّن نفسك على ألا تشحذ قواطع الرأي ؛ إلا على سنان التمحيص والتدقيق ! المزلة الرابعة : تكلف المخالفة ! يظن بعض القراء ؛ أن من مقومات الاستقلال : مخالفة السائد من الأقوال ، وهذا مبني على افتراض أن المتابعة : مذمومة بإطلاق ! ، فيجنح بوعي – وبدونه في أكثره- إلى : المخالفة لذات المخالفة ، وليس بحثًا عن صواب ، وهذه إشكالية ولدت بعد أن كثر التقليد الأعمى ، ولن يُحلَ الإشكال : بإشكال ، وإنما الحل يكمن في اتباع الحق مع من كان ! المزلة الخامسة : إشكالية التكاثر ! مما يحمد للقارئ : كثرة القراءة ، فسعة اطلاع الأفراد تقاس من خلال وفرة المقروء ، ولكن هذا شيء ؛ وأن يكون هاجس القارئ : تعداد ما قرأه شيء آخر ، فهمّه أنه قرأ كذا وكذا من الكتب ، أو كذا وكذا من الساعات ، فليست العبرة بكثرة الأكل ، وإنما بجودة الهضم ! ، وثمة فرق بين القارئ النهم ، والقارئ الذكي ، وإن كان لابد من اختيار بينهما ؛ فليكن للثاني ! المزلة السادسة : القراءة الخادعة ! بعض الكتب لا تزود القارئ بالقوة العقلية ، ولا تقدم له التغذية الفكرية ، وحين يكون الإنسان حبيس فن ما ؛ فإن أدواته الفكرية ، وقدرات عقله التحليلية : لا يطالها كثير نماء ، لذا يظن بعضهم أنه قد بلغ من الثقافة مبلغًا حين يقرأ كثيرًا في الروايات و القصص والأشعار ، ورغم ما فيها من محاسن ؛ إلا أن الوقوع في أسرها يجعل الإنسان محدودًا مهما توسع فيها ! ، فليلبس الإنسان لكل مرحلة من مراحل المعرفة : لبوسها من نوعية المقروء ! المزلة السابعة : القراءة الضائعة ! بعض القراء تجد كتبه بيضاء ناصعة ؛ كأنها للتو قد جُلبت من المطبعة ، فالقراءة عنده مجردة من تفاعل أي حاسة سوى العين ، وعادات القراءة تختلف باختلاف الأشخاص والأعمار والأحوال ونوعية المقروء ، ولكن تتابع أهل القراءة على التذكير والتأكيد على أهمية الكتابة ، فالكتابة صيد للفوائد المتناثرة على جنبات الكتب ، والاعتماد على الذاكرة في تحصيلها : اعتماد بدون عَمَد ، فالنسيان آفة إذا تكاثر العدد ، فلا بد من التقييد بأي شكل كان . المزلة الثامنة : القراءة الناقصة ! يفتح أحدهم دفة الكتاب ، ويشرع في القراءة وما أن يجتاز شيئًا يسيرًا حتى يمل ويضع الكتاب جانبًا ، ثم يشرع في قراءة كتاب آخر دون عودة للكتاب الأول ، وهذه القراءات المجتزأة : تولد تصورات ناقصة ، توهم صاحبها بأنه قد حصل شيئًا مذكورًا ، فتتولد منها آراء مشوهة ؛ لأن القراءة الناقصة : لن تخرج عقًلا يملك أدواتٍ حرة : تمكنه من محاكمة الأحداث والآراء وفق سنن المنطق والصواب ! المزلة التاسعة : القراءة العشوائية ! حينما يغيب الهدف من القراءة ؛ فإن العقل يمخر عباب الفكر دون وجهة محددة ، وغياب هذه الوجهة : يجعل العقل متقلبًا في رياح الفكر : فأي مهب قد يسوقه ! ، فالقراءة العشوائية : تصف المعلومات دون ترتيب ؛ مما يجعل عملية الإفادة منها ، والبناء عليها : عملية متعسرة ! المزلة العاشرة : تضخم الأنا ! حينما يدخل الإنسان عالم المعرفة من بوابة القراءة ؛ يبهره جمال هذا العالم ، فيداخله الزهو المعرفي ، مما يجعل بعض الداخلين يأنف من التخطئة والتصويب ، ويرفض النقد والتقويم ، وهذه المزلة نتاج مما سبق ، ولذا لا بد لكل قارئ أن يعرف الفرق جيدًا بين عتبة باب القصر وبين عرش الملك ، لئلا يستميت من أجل عتبة ! هذا ما تيسر إيراده والأمر يقبل المزيد ، إذ لا يكفي من قلادته ما أحاط بالعنق ، والله الهادي إلى سواء السبيل . أورنجزيب |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|