[الغضنفر]

مساهمة في بنك التلاد

قال المسوري:كنا جلوساً عن شيخنا ابن أبي لقيط -قدس الله سره- فقال أحد الحاضرين:نسألك يا شيخنا عن السهم؟
فقال:أقول مستعيناً بالله/السهم في اللغة هو الحظ والسهمة بالضم:القرابة...إلخ وأخذ يفيض علينا من علمه الوافر-تغمده الله بواسع فضله-.
فلما عدت إلى داري جعلت أراجع ماقال شيخنا حتى أخذني النعاس فأتاني رجل في المنام فقال:يا عبد الله أتريد أن ترى أسهم آخر الزمان؟ فقلت:نعم
فأركبني على فرس أبلق وأخذ يعدو بي حتى وصلنا إلى منطقة يقال(الطرق الأبسط)أو قريبا من ذلك فرأيت من العجائب مالم يتصوره عقل ومن ذلك أني رأيت دوابهم تسقى من بطنها وكذلك رأيت دابة تركب دابة تسير بها...‍‍‍‍
ولكن أعجب العجائب أني بينما كنت أجوب الطرقات إذ رأيت زحاما شديدا وأناسا يتصارعون ليدخلوا غرفا مبنية،وهم يحملون القراطيس في أيديهم...فمر بي رجل فقلت:يابن أخي علام الصراع هناك؟
فقال:يأخذون أسهما في بنك التلاد‍
فقلت ومابنك التلاد؟؟؟‍‍‍فنظر إلي بازدراء وولى وتركني،ثم تذكرت كلام شيخنا في أن السهم هو الحظ،وتذكرت أني رقيق الحال لا أكاد أجد قوت يومي،فدخلت مع هذه الجموع ولكن أدهشني:كيف توزع الحظوظ-الأسهم-بهذه الطريقة؟وأدهشني أيضا أن الناس لا يدعون أدوارهم لافي صلاة ولا في غيرها ووقفت أتأمل هذه الجموع وأراهم وهم يتشاتمون ويتلاعنون بسبب هذه الأدوار...
فقلت في نفسي:ليت هذا المحسن أتم إحسانه بتوسيع الغرفات وإكثار العمال حتى يحل هذه المآزق التي نحن فيها،وبينا أنا في هذه الأفكار،إذ بالأبواب تغلق فضاق خاطري وتمنيت لو أن الطمع مااختطفني وخرطني في سلك من يبغي متاعا زائلا...فخرج إلينا رجل:وقال أيها الناس تعالوا بعد صلاة العصر‍‍‍ فغضب الناس وأخذوا يلعنون هذا الذي يسمونه((البنك))وأنا أتعوذ بالله من شرهم فكيف يسبون إنسانا يتصدق عليهم ويوزع عليهم أسهما؟؟؟عجيب والله
ثم جلست أفكر ما أعمل فما وجدت عملا سوى أن أقيل في ظل الغرفة حتى يحين توزيع الحظوظ فآخذ حصتي وأعود لأهلي...فلما استيقظت وجدت الناس قد تجمعوا حولي ينتظرون فتح الأبواب،فأخذت دوري فإذا بي الأول بينهم ،ففرحت فرحا شديدا ولكن شدني أن كل من هم عند هذه الغرف يحملون أوراقا في أيديهم أما أنا فليس معي من ذلك شيء فقلت في نفسي:لعل من عاداتهم أن يحملوا القراطيس في أيديهم ولكن مالي أراهم يتهامسون وينظرون إلي؟ألأجل أني غريب عن ديارهم؟آه...ليتني لبست جبة غير هذه المرقعة فأبعد عني هذه النظرات المخجلة..ولكني لاأجد غير هذه؟؟‍‍وبينما أنا غارق في التفكير إذ بالباب يفتح فتراكض الناس على الباب فركضت معهم وزاحمت وجاهدت حتى وصلت إلى عامل الحظوظ...
فبادرني بفظاظة قائلاً:"وش تبي؟؟؟"
(وكنت قد فهمت بعض هذا الكلام البربري ممن كانوا واقفين على الباب)ولكن أزعجني سوء أخلاقه فلم المنة على أمثالي من المساكين؟‍‍‍
فقلت:أريد أسهماً
فقال:"كم تبي من سهم؟"
فتعجبت من كرمه مع سوء أخلاقه
فقلت:-وقد أصابني الخجل-ماعلى المحسنين من سبيل ولكني عابر سبيل وأنت جواد كريم..!!
فقال:"اخلص جيب بطاقة الأحوال والاستمارة والفلوس"
فتلعثمت ومادريت ما أصنع فقلت :أي أحوال؟؟وأي استمالة؟؟وأي فلووس؟؟
فلما رآني على هذا الحال ماكهرني ولا نهرني ولكن
بكفه صفعني وبرجله رفسني فاستقبلني رجل أظنه من بني الأصفر يدعى(سكرتي)فجبذني جبذة شديدة وانهال علي باللكمات والصفعات وأنا أصيح:كفاني أسهماً..كفاني أسهماً،ثم أهداني رفسة أوصلتني إلى الخارج متدحرجا فأتبعني بـ(بصطاره)التي استقرت في رقبتي الميمونة وأنا أدعو على هذا المحسن الظالم حتى ردني جدار أيقظني من منامي وأنا أقول:
(آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل...)

أخوكم:الـ غ ض ن ف ـر