بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » اتــق الله يــا بـابـا ..!!.. اتــق الله يــا بـابـا .!!. هكذا رمتها علي ...

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 27-03-2005, 04:53 PM   #1
الوسيــــــم
عـضـو
 
صورة الوسيــــــم الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
البلد: بريدة
المشاركات: 3,316
اتــق الله يــا بـابـا ..!!.. اتــق الله يــا بـابـا .!!. هكذا رمتها علي ...

بسم الله الرحمن الرحيم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..


الإشارة حمراء .. والطريق مليء بالسيارات .. لم يتبق على الموعد سوى بضع دقائق .. تبا ًلهذه الإشارة إنها طويلة .. الثواني تمر بطيئة كأنها دقائق بل ساعات .. انظر إلى الساعة حيناً وإلى الإشارة حيناً آخر ..أضاءت الإشارة خضراء ..ضغطت على منبه السيارة أزعجت الاخرين .. تحركت السيارات .. تجاوزت الأول ..كدت أصطدم بالثاني ..قيادتي للسيارة أفزعت من حولي ..حاولت أن أسرع .. لكني لم أستطع .. مضى الوقت وضاع الموعد .. ولم أجد الأصدقاء .. لقد ذهبوا ..
إلـــى أيــــن أذهـــب ؟؟.. احترت في الإجابة ..أطلقت زفرة من صدري .. ياليتني كنت أعرف مكانهم ..
السيارة تمضي بهدوء .. انطلقت أفكر .. أيقظني منبه سيارة أخرى .. نظرت إلى صاحب السيارة بغضب .. وأشرت إليه بيدي .. تمهل الدنيا لن تطير .. ونسيت حالي قبل دقائق .. قررت أن أقضي السهرة في البيت .. إنها فكرة جيدة ..
فابنتي الوحيدة مريضة .. والأفضل أن أكون قريباً منها .. أوقفت السيارة أمام محل الفيديو .. نزلت إلى المحل .. اخترت عدة أفلام .. وانطلقت إلى المنزل ..
فتحت الباب .. ناديت على زوجتي .. احضري الشاي والمكسرات ..
دخلت إلى الغرفة ..
" يالها من زوجة معقدة "
الآن ستقول لي: " اتـق الله يا أحـمـد " .. لقد تعودت على هذه الكلمات حتى تبلدت أحاسيسي نحوها .. لكنها زوجة مطيعة .. طيبة .. حنونة .. تشقى من أجل سعادتي ..
دخلت ومعها الشاي والمكسرات .. ابتسمت في وجهي .. قالت: لابد أنك سئمت السهر مع أصدقائك وتريدأن تجلس في البيت ..
قلت: نعم .. تعالي واجلسي ..فرحت وهمت أن تجلس .. وقمت أنا إلى جهاز الفيديو والتلفاز .. فانطلقت الموسيقى الصاخبة ..
ارخت المسكينة رأسها وقالت: اتـق الله يا أحـمـد .. وخرجت تجر أذيال الحسرة والهزيمة .. فهي لاتسمع الموسيقى ..ارتفعت الأصوات في الغرفة .. موسيقــى .. صـــراخ .. ضحكـــات .. وانطلقت أشرب الشاي.. وأتناول المكسرات .. وعيناي قد تسمرتا في شاشة التلفاز ..
انتهى الشريط الأول .. والشريط الثاني .. الساعة تشيرإلى الثالثة بعد منتصف الليل ..

فجـأة!! مقبض الباب يتحرك ببطء .. صرخت: ماذا تريدين؟.. لم أسمع جواباً .. انفتح الباب .. دخلت ابنتي المريضة التي لم تتجاوز الثالثة من عمرها ..
فاجأني الموقف .. سكت برهة ولم أتكلم ..
اقتربت مني .. نظرت إلي بهدوووء .. ثم قالت:
اتــق الله يا بابا .. اتــق الله يا بابا ..هكذا لقنتها أمها .. ثم انصرفت وأغلقت الباب .. ناديتها : ســـارة .. ســارة ..
لم تجب .. انطلقت خلفها لا أكاد أصدق .. هل هذه ابنتي ؟..
فتحت باب الغرفة .. وجدتها سبقتني إلى فراشها .. ونامت في حضن أمها .. إنها هي .. عدت إلى غرفة الجلوس .. أغلقت جهاز الفيديو .. صوت ابنتي يملأ الغرفة ..
اتق الله يا بابا .. اتق الله يا بابا ..
قشعريرة سرت في جسدي .. تصبب العرق من رأسي .. لا أدري ماذا أصابني ؟..
ماعدت أسمع إلا صوتها .. ولا أرى إلا صورتها .. كلماتها أخترقت كل الحواجز الجاثمة على صدري منذ زمن بعيـــــد ..

ترك صـــــــــلاة .. معـــــــــاصٍ .. دخـــــــــان .. أفـــلام خليعة ..
أيقظتني من الغفلة .. تسارعت نبضات قلبي .. وألقيت بجسدي على الأرض .. حاولت ان أنام .. لكنني لم أستطع .. مضى الوقت سريعاً .. صور من الماضي استعرضتها أمامي .. ومع كل صورة اسمع صوت ابنتي تردد .. اتق الله .. اتق الله .. وهنا .. ارتفع صوت الأذان .. اهتزت جوانحي .. ارتعدت فرائصي .. رعشة سرت في أطرافي .. جعل يردد " الصلاة خير من النوم " قلت : صدقت .. الصلاة خير من النوم .. أووووه .. لقد كنت نائماً كل هذه السنين ..
توضأت وخرجت إلى المسجد .. مشيت في الطريق وكأني لاأعرفه ..
كانت نسائم الفجر تعاتبني أين أنت ؟ .. وطيور السماء تقول : مرحباً بالنائم الذي استيقظ أخيراً .. دخلت المسجد .. صليت ركعتين .. وجلست أقرأ القرآن ..
تلعثمت في القراءة .. منذ زمن لم أقرأ القرآن ..

شعرت أن القرآن يسألني : لم هجرتني منذ سنوات .. ألست كلام ربك ..
أخذت أردد في سورة الزمر ( قل ياعبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) عجباً .. جميعاً .. ماأرحم الله بنا ..
تمنيت أن أستمر في القراءة .. لكن المؤذن أقام الصلاة .. تجمدت في مكاني لحظة ثم تقدمت مع الناس .. وقفت في الصف وكأني غريب .. انتهت الصلاة .. جلست في المسجد حتى اشرقت الشمس .. عدت إلى البيت .. فتحت باب الغرفة .. ألقيت نظرة على زوجتي وسارة .. تركتهما وخرجت إلى العمل ..
ليس من عادتي الذهاب مبكراً إلى العمل .. إندهش الزملاء بوجودي ..
انطلقت عبارات التهنئة ممزوجة بالسخرية ..
لم ابالي بما يقولون .. تسمرت عيناي على الباب .. انتظر قدوم إبراهيم ..
زميلي في المكتب .. والذي طالما نصحني .. إنه شخص طيب الأخلاق .. حسن المعاملة ..حضر إبراهيم .. فقمت من مكاني استقبله .. لم يصدق عينيه .. سألني
:
أنت أحمــد !! ... قلت : نعم .. جذبت يده وقلت : أريد أن أحدثك ..
قــال : لابأس .. نتحدث في المكتب .. قلت : لا نذهب إلى الإستراحة ..
صمت إبراهيم .. وراح يصغي لكلماتي .. حدثته بحديث البارحة .. امتلأت عيناه بالدموع .. وابتسم ابتسامة عريضة .. وقال : ذاك نور أضاء قلبك فلا تطفئه بظلمة المعاصي ..
كان يوماَ حافلاَ بالنشاط والجدية .. رغم أني لم أنم ليلة البارحة .. ابتسامة تعلو وجهي .. تفان في العمل .. المراجعون يتجهون نحوي .. يطلبون مني مساعدتهم .. بعضهم قال لي : ماهذا النشاط ؟!.. اجبته : إنها صلاة الفجر في المسجد ..
مسكين ابراهيم .. كان يتحمل العبء الأكبر من العمل .. أما أنا فقد كنت أنام ..
لم يشتك ولم يتذمر .. ياله من إنسان طيب .. نعم إنه الإيمان عندما تخالط حلاوته القلوب ..
مضى الوقت ولم أشعر بالتعب والإرهاق .. قال لي إبراهيم : أحمــد .. يجب أن تذهب إلى البيت .. فإنك لم تنم ليلة البارحة .. وسأقوم بعملك .. نظرت إلى الساعة .. لم يبق على أذان الظهر سوى دقائق .. قررت البقاء .. أذن المؤذن .. فسارعت إلى المسجد .. جلست في الصف الأول .. شعرت بالندم على الأيام التي كنت أهرب فيها من العمل وقت الصلاة .. بعد الصلاة انطلقت إلى البيت ..


في الطريق إنتابني شعور بالقلق .. ياترى كيف حال سارة ؟.. شعرت بانقباض .. لاأدري لماذا ؟!
أحسست أن الطريق هذه المرة طويل .. ازداد الخوف .. رفعت رأسي إلى السماء ..
دعوت الله أن يعجل بشفاء ابنتي .. وصلت إلى البيت .. فتحت الباب .. ناديت زوجتي .. لم أسمع جواباَ .. دخلت الغرفة مسرعاً .. زوجتي منطوية على نفسها تبكي .. التفتت إليّ .. صرخت وهي تبكي :

لقد ماتت سارة ..
لم اتبين ماتقول .. اندفعت نحو سارة .. ضممتها إلى صدري .. حاولت حملها .. سقطت يدها نحو الأرض .. جسمــها بارد .. كذلك يداهــا .. وقدمــاها .. نبضــها .. أنفاســها .. لم أسمع شيئا .. نظرت إلى وجهها .. نور يتلألأ .. كأنه كوكب دري ..
ايقظتـــها .. حركتـــها .. هززتـــها ..


صرخت أمها : سارة .. سارة .. لقد ماتــت .. ماتــت .. وانخرطت بالبـكــاء ..
لم أصدق ماأرى .. كأنه حلم .. انهمرت الدموع من عيني .. أخذت أشهق .. انظر إلى وجهها الجميل .. وشعرها الناعم ..
أقبل فمها الصغير .. وكأنها تردد الآن : عيب عليك .. عيب عليك .. يا بابا ..

تذكرت أن هذه مصيبة .. أخذت أردد .. لاحول ولاقوة إلا بالله ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
اتصلت بإبراهيم .. قلت له : تعال فوراً .. لقد ماتت ابنتي ..
النساء في الداخل مع زوجتي يغسلن ابنتي ..
انتهين من تغسيلها .. لففن على جسدها خرقة بيضاء .. نادتني زوجتي ..
دخلت كي أودع ســــارة الوداع الأخير .. كدت اسقط على الأرض .. تماسكت .. قبلتها على جبينها ..عاهدتها على الثبات حتى الممات .. نظرت إلى أمها .. فإذا هي زائغة العينين .. شاحبة الوجه .. تنتفض ..
قلت لها : لاتحزني .. فقد ذهبت إلى الجنة .. بإذن الله ..
هناك سنلتقي .. فشمري كي تشفع لنا .. ثم قرأت قوله تعالى ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرىء بما كسب رهين ) ..
بكت الأم .. وبكيت أنا ..


صلينا عليها صلاة الجنازة .. ثم سرنا بها إلى المقبرة .. انظر إلى الجنازة .. وكأنني انظر على النور الذي أضاء لي حياتي ..
وصلنا المقبرة .. المكان موحش .. مخيف .. توجهنا إلى القبر ..
وقفت على شفير القبر .. هــــنا سأضع ابنتـــــي .. امســـك إبراهيم بكتفي وقال : اصبر ياأحمد ..

نزلت إلى القبر .. إنها دارك يا أحمد .. ربما اليوم وربما غداً .. ماذا أعددت لهذه الدار ..
ناداني إبراهيم : أحمد خُذ البنت .. وضعتها على صدري .. وددت لو أدفنها فيه ..
ضممتها .. قبلتها .. ثم وضعتها على شقها الأيمن .. وقلت : بسم الله وعلى ملة رسول الله .. صففت اللبن .. سددت كل المنافذ .. خرجت من القبر .. بدأ الناس يهيلون التراب ..

لم أملك دموعي ..



كلمة أخيرة :

أخي الحبيب ..

تصور إذا مات الإنسان من غير توبة ..
يسحب على وجهه وهو أعمى في نار حرها شديد ..
وقعرها بعيد ..
وطعام أهلها الزقوم وشرابهم فيها الصديد ..

تذكر ـ رحمك الله ـ
( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون )


أعجبتني القصة فنقلتها لكم من كتاب ( في بطن الحوت )
للشيخ محمد العريفي .. كتاب رائع ومؤثر .. أنصح بإقتنائه ..


إلهي ..
يا مَـنْ أمـدّنـا بأصنــاف النعـيم ..
ويـا مَـن واصلنـا بإحسانه القديم ..
ويـا مَـنْ عرفناهُ بإنه الرحمن الرحيم … الحليم العظيم ..
اغفر لنا ما كان ..واغفر لنا ما يكون …إنك على كل شيء قدير ..

اللهم يا عالم السرّ منا لا تكشف السترَ عنا ..
وعافنا واعفُ عنا … وكنْ لنا حيثُ كنا ..

اللهم ..
أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرضُ ، وبكل حقٍ هو لك ..
أن تقبلنا برحمتك ، وتدخلنا في رحمتك ..وأن تجعلنا من أهل جنتك ..
اللهم .. إنــا نسألك رضاك والجنة … ونعوذ بك من سخطك والنار ..


__________________


الوسيــــــم غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:25 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)