[القيّوط]

للأسف ومن سوء حظ العالم الإسلامي ان تولى - هذا المنصب الخطير - رجال لم يكونوا له أكفاء

ولم يُعدوا له عدة ولم يأخذوا له أهبة ولم يتلقوا تربية دينية وخلقية كما تلقى الأولون وكثيرون

في عصرهم وجيلهم ولم يسيغوا تعاليم الإسلام إساغة تليق بقيادة الأمة الإسلامية

والإضطلاع بزعامتها ولم تنق رؤسهم ولا نفوسهم من بقايا التربية القديمة

ما يجعلهم يضطلعون بأعباء الخلافة او الملوكية الإسلامية .

ظهر من ذلك ثلمات في ردم الإسلام لم تسد إلى الآن ووقعت تحريفات في الحياة الإسلامية وهذا الحكم عام يشمل الخلافة الأموية والعباسية بإستثناء الخليفة الراشد " عمر بن عبدالعزيز "

وقد وقع فصل بين الدين والسياسة عمليا فإن هؤلاء لم يكونوا من العلم والدين بمكان يستغنون به عن غيرهم من العلماء وأهل الدين فاستبدوا بالحكم والسياسة واستعانوا - إذا ارادوا واقتضت المصالح - بالفقهاء ورجال الدين كمستشارين متخصصين واستخدموهم في مصالحهم واستغنوا عنهم إذا شاءوا وعصروهم متى شاءوا , وبهذا تحررت السياسة من رقابة الدين وأصبحت مستبدة كالجمل الهائج حبله على غاربه .

وأصبح رجال الدين والعلم بين معارض للخلافة او الملوكية وخارج عليها , وحائد منعزل اشتغل بخاصة نفسه وأغمض العين عما يقع ويجري حوله يائسا من الإصلاح و منتقد يتلهف ويتنفس الصعداء مما يرى ويسمع ولا يملك من الأمر شيئا وآخر متعاون مع الحكومة لمصلحة دينية او شخصية , ولكل ما نوى .

أصبح الدين مقصوص الجناح ومكتوف الأيدي وأصبحت السياسة مطلقة اليد حرة التصرف نافذة الكلمة صاحبة الأمر والنهي , ومن ثّم أصبح رجال العلم والدين طبقة متميزة ورجال الدنيا طبقة متميزة , والشقة بينها شاسعة , وفي بعض الأحيان بينهما عداء وتنافس