|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
15-02-2011, 05:17 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2010
البلد: السعودية
المشاركات: 219
|
الفكر والقابليات العشر
الفكر والقابليات العشر
عندما تدخل المعلومة إلى الجهاز العقلي أو تنبت الفكرة فيه ، فإنها تسير في أحد مسارين ؛ فالأول أن تحفظ كما أتت دون تغيير ، والثاني أن تعالج بأي نوع من أنواع المعالجة ، وهذه المعالجة = تسمى فكرًا ، وهذا الفكر هو الذي يمثل الإنسان ، ويتفاوت الناس في فكرهم حسب تفاوتهم في معالجة معلوماتهم وأفكارهم ، وحيث أنّ هذا الفكر بشري المولد والنشأة ؛ فيعتريه من النقص والقصور والعجز ما يعتري المخلوق الإنساني ككل ، وههنا عرض لجملة من القابليات للفكر الإنساني ، وسأجتهد أن تكون هذه القابليات خاصة بالفكر الإنساني فقط ! الأولى : القابلية للتعديل نظرًا لقصر المساحة التي ينظر منها وإليها العقل البشري ، فإنه يعتري نظرته الكثير من القصور والنقص ، وحين يقوم بتدوين هذه النظرة كفكر مكتوب ؛ تبدأ مباشرة عمليات التعديل على هذا الفكر كي يكون أكثر شمولية وإحاطة ، ولن تقف هذه التعديلات مادام العقل في عملية تفكير مستمرة . الثانية : القابلية للرفض عندما تكون النظرة المدونة للفكر البشري مخالفة أو مصادمة لحقيقة الواقع ، أو لطبيعة النفس البشرية ، فسيكون الرفض حليفها ، والرد مصيرها ، وهذه نتيجة طبيعية لكل فكر لا يتفهم ولا يراعي ولا يتماشى مع الطبائع كما هي . الثالثة : القابلية للتحريف الحفظ خاصية امتاز بها النص السماوي دون غيره ، لذا كان وسيكون كل شيء غيره قابلًا للتحريف ، وهذه التحريفات مما يتعذر كشفها لكل أحد ، ويعز ظهورها لكل شخص ، وما أكثر ما تجد تنظيرًا كثيرًا ، ونقاشًا طويلًا : بُني على فكر محرّف ، وتكثر هذه القابلية عندما تقل الديانة وتروج سلعة الخيانة . الرابعة : القابلية للتبديل عندما يتفاعل الفكر مع مرحلة من مراحل التاريخ البشري ؛ ينتج الكثير من الفكر والأفكار المناسبة لهذه المرحلة ، وعندما تموت عوامل نشأة هذا الفكر وتندثر ، فإن هذا النتاج يكون غير قابل للعمل به ؛ مما يضطر أصحاب الفكر والشأن أن يقوموا بتبديله بفكر آخر يناسب ما هم عليه من شأن ، وهذه طبيعة الفكر البشري ، له ميلاد يعقبه قوة يختمها ممات . الخامسة : القابلية للتعقيد عندما يُكثر العقل من الحِجاج ، ويتوالد الفكر عبر اللِجاج = قد تتعقد الأفكار ، وكلما ازداد تعقيد المعقد : استغلقت الفكرة ، فيكون فتحها عسيرًا جدًا على الكثرة الكاثرة من الناس ، وعندما يدمن صاحب الفكر المعقد هذه الطرق ؛ تصبح له عادة وطريقة لا يرى تعقيدها ، ولا يلمس استغلاقها ، فإذا كان الفكر كذلك : يصبح انتشاره مرهونًا بفتح مغاليقه ، وحيث أنّ هذا متعذر على كثيرين ؛ فإن رواد هذا الفكر قلة قليلة ، لا أثر فعلي لهم ، ولا حضور واقعي لفكرهم . السادسة : القابلية للانحطاط عندما يكون الدافع للتفكير : سيئًا ، والمحرك للإنشاء : رديئًا = تزدهر النتائج الدنية ، وتتوالد الأفكار السلبية ، فقد تجد فكرًا يُنظّر له أصحابه ، سيرته ونظرته وغايته ورايته وآلته وعاقبته : منحطة ! السابعة : القابلية للتلفيق عندما يعتري الفكر ضعفًا : تصبح الثغرات ظاهرة ، مما يجعل بعض أصحابه ينتهج منهج التلفيق الفكري ، فيرقع بفكرة من هنا ، وأخرى من هناك ، لينتج ثوبًا فكريًا مرقعًا ، وهذا التلفيق يُضعف النتاج المنتظر من هذا الفكر ، ويُضعف الأساس الذي بني عليه أيضًا ، فيخرج لنا فكرًا مهلهلًا غير متماسك . الثامنة : القابلية للحذف عندما يصدر منتجًا فكريًا بشريًا : يكون مقولبًا حسب منتِجه وبيئة نتاجه ، فإذا أُريد تعميمه أو نقله أو فرضه على الواقع ؛ قد تظهر بعض الأمور غير المناسبة ، فيكون حذف أجزاء منه : خيارًا مهمًا لاستمراره ، وهذا الحذف قد يذهب بلب الفكر وقد لا يذهب ؛ المهم أنه قد تعرض للتشذيب. التاسعة : القابلية للغموض الوضوح من أساسيات التواصل الإنساني ، وعندما يعتري الفكر غموضًا ، ويكتنفه عدم الوضوح : فإنه لن يصل ، أو قد يصل منه ما لم يكن من منظريه على بال ، وهذه ضريبة من ضرائب الغموض ؛ حيث أنها تجعل التفسير حسب المتلقي لا حسب المرسل ، وحين يكون ذلك كذلك ؛ فليس للفكر رسالة يسعى لها ! العاشرة : القابلية للتضخيم عندما يتكئ الفكر على عاطفة ، أو يستند على غاية ناقصة ، وهو ضعيف الحجة ، قصير المحجة : فإنه يلجأ للتضخيم والتهويل ؛ ليسد نقصًا يعتريه ، ويغطي ضعفًا يحتويه ، ومن المفارقات أن هذا التضخيم سبب قبول عند قوم ، وسبب رد عند قوم آخرين . * القابليات كثيرة ، كالتطوير والتصحيح والتهويم والتضليل والتزييف والتهوين والتغيير والعدم والضعف والنقص والحشو وغيرها ، لذا سأتوقف هنا متحاشيًا الإطالة ، وأعرج على نقطة مهمة ، وهي أن هذه القابليات للفكر الإنساني تجعلك تفكر مليًا قبل أن تسند عقلك إلى أحد منها ، بل إن لسان حال هذه القابليات يقول لك بصوت جَهوري : إيّاك والتسليم للفكر الإنساني ، فهو ناقص مهما كثر ، وقصير مهما طال ، وضيق مهما اتسع ، فاجعل قياد عقلك وسياج فكرك للنصوص الشرعية ، منها ينطلق وإليها يعود ، فهذه النصوص منطلقة ممن خلقك وخلق عقلك وكونك وطبيعتك ، جعلك الله ممن يُسلّمون بها تسليمًا ، ولا يجدون في أنفسهم حرجًا منها ، وليس في هذا دعوة لرفض الاستفادة من نتاج الفكر الإنساني ، وإنما هي دعوة لرفض التسليم له ، ووضعه في مكانه الصحيح دون أن يزاحم أو يقارن أو يصادم النصوص . أورنجزيب |
الإشارات المرجعية |
|
|