ثَـــــوْرَة شَعْبِ المَمْلَكَةْ ..!
ثَوْرَةٌ لِشَعْبِ المَمْلَكَةْ ..! فِيْ ظِلِّ عَدَمِ الاسْتِقْرَارِ فِيْ المَنْطِقَةِ العَرَبيَّة ، وَشُعُوبٌ فَجَّرَتْ بُرْكَانَ صَبْرٍ كَانَتْ تُخَبِّئُهُ ، وَريَاحٌ نَقَلَتْ عَدْوَى الثَّورَاتِ لِمِنَاطِقَ أُخْرَى ، اسْتَيْقَظَت حِينَهَا نُفوسٌ مِنْ مَغَبَّةِ غَفْلَتِهَا ، وَ كَشَّرَتْ سِيَاسَاتٌ أُخْرَى عَنْ مَطَمِعِهَا وَآمَالِهَا وَحِسَاباتٍ قَديمَةٍ لَهَا ، فَكُلُّ يَشُدَّ رِدَاءَ هَذهِـ الثَّوْرَاتِ لِتَخْدُمَ مَصَالِحَهُ .
الشُّعوبُ العَربيَّةُ عَانَتْ سِنينَ طَويلَةً مِنْ سِيَاسَةِ حُكَّامِهَا ، وَ جَعَلِهِمْ أَيَادٍ غَرْبيَّةً بِأَوْجِهٍ وَطَنيَّة ، أَيْ صُورَةً طِبْقَ الأصْلِ لِمَعْنَى الخِيَانةْ .
أَوْشَكَتْ نِيرَانُ هَذهِـ الثَّوْرَاتِ عَلى الخُمْودِ ، حِينمَا فَرَّ أَقْسَى حُكَّامِ الدُّولِ العَربيَّة إِلى مَلاجِئَ يَخْتَبِئُونَ بِهَا ، إِلاَّ أَنَّ المَطَامِعَ لَمْ تَخْمُدْ ، وَلَمْ تَكُنْ الغَايَةَ هِيَ الوُصُولُ إِلى الدُّولِ العَربيَّةْ ، بَلْ مِنْ أَجْلِ أَنْ نَكُونَ الدُّولُ العَربيَّةُ طَريقًا مُمَهَّدَاً لأَرْضِ الجَزيرَةْ .
رُبَّمَا كَانَت الثَّوْرَاتُ العَربيَّةُ إِصْلاحِيَّة سِيَاسيَّةٍ اجْتِمَاعيَّةْ ، لَكِنَّ الدَّاعِمَ وَبَاعِثَ الفِتَنِ فِيْ الدُّولِ الخَليجيَّة – الجَزيرَة العَربيَّة- أَرَادَها طَائِفيَّة انْقِلابيَّةْ ، فَلِمَاذا الذيْ حَرَّكَ نَارَ الثَّوْرَة فِيْ البَحْرينِ لَمْ يَسْتَطِعْ إِشْعَالَهَا بِغَيْرِهَا ، لأَنَّهَا الدَّوْلَةُ الَوْحيدَة التيْ مُنْذُ زَمَنٍ تَشْهَدُ مَدًّا وَجْزرًا مَعَ طَائِفَةً تـَرَى أَنَّهَا الغَالبيَّةُ في البِلادِ ، وَالأقَليَّةُ حَاكِمَةً لَهَا ، إِذْ أَنَّهُم لا يُريدُونَ هَويَّةً سُنيَّةً تَقُومُ عَليهَا الدُّوْلَةْ ، لِتَكُونَ نُقْطَةُ بِدَايَةٍ لِتَصْفياتٍ سِيَاسيَّةٍ حُدوديَّةٍ مَعَ دُولٍ مُجَاوِرَةٍ لَهَا .
* ثَورَانُ شَعْبِ المَمْلَكَة
هَذهِـ أُمْنيَةُ لَيْسَتْ دَاخِليَّةً اجْتِمَاعيَّةٍ أَكْثَرُ مِنْ كَوْنِهَا فَرْحَةً وَرَقْصَةٌ خَارِجيَّةْ ، لأَنَّ ثَوْرَان شَعْب المَمْلَكَة هُوَ الحَلُّ الوَحيدُ للتَّدخُّلاتِ الخَارِجيَّة مِنْ أَجْلِ تَقْسيِمِهَا بَيْنَ عِدَّةِ دُولٍ وَإسْقَاطٍ هَويَّةٍ لَطَالَمَا كَاَنتْ اللاعِبَ الأَسَاسيُّ بِأَوْرَاقِ الشَّرق الأَوْسَطِ والمُحَرِّكِ لَه ، وَلأنَّهَا دَوْلَة كَبيرَة فِيْ المَسَاحَةَ مُتَعَدِّدَةَ القَبَائلُ والثّقَافَةْ ، مَلِيئَةٌ بِالمَالِ وَالثَّرْوَةْ ، وَ مَرْكَزًا مُهِمّاً للعَالَمِ بِأَسْرِهِـ فَسَتَكُونُ سَهْلَةُ المَنَالِ إِذَا بَثَّتِ الثَّورةُ في دَاخِلِهَا انْقِسَامَاً يَجْعَلُ بَعْضُهَا يَقْبَلُ بِالتَّدخُّلاتِ ، وَبَيْعِ الذِّمَمِ والشَّخْصيَّاتِ ، وَبَيْعِ الأَرْضِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ لِيُقَالَ بَعْدَهَا ، تَقَبَّلَكَ اللهُ في الشُّهَدَاءِ يَا وَطَنْ .
أَمْريكَا وَجَدَتْ نَفْسَهَا مُحرَجَة فِيْ الكَشْفِ عَنْ وَجْهِهَا الحَقيقي تِجَاهَـ ثَورَةِ مصر ، وَهُو مَا جَعَلَ تَصْريحُ مَبْعُوثَيْهَا مُتَنَاقِضَاً فِي اللَّهْجَةِ والمُحْتَوى ، فَهْيَ تَخْشَى مِنْ انتِصَارِ النِّظَامِ آَنَ ذَاَكَ فَتَسْقُطَ مَعَهَا مَوْقِفَهَا " الخَائِنُ " مَعَ الشَّعْب ، وَتَخْشَى أَيْضًا الشَّيْءَ الآخَرَ وَهُوَ الوُقوف مَعَ النِّظَام فَيَنْتَصِرُ الشَّعْبُ فَلا تَجِد قَبُولاً بَعْدَهَا مَعَ مصرَ شُؤونَاً دَاخِليَّةَ أَو خَارِجيَّةْ .
أَمْريكَا وَجَدَتْ المُجْتَمَعَاتْ العَربيَّة بِأسْرهَا للأسَفْ –غَبيَّة –سِوَى مَا عَلْيهَا أَنْ تَرْفَعَ شِعَارَ الدّيمُقرَاطيَّةَ فَتَجَدِهُم يَلْهَثُونَ خَلْفَهَا غَيْرُ آبِهينَ بِمَا تَحْتَ هَذا الشِّعَارْ .
فَاليَوْمَ لَمَّا اَجْتَمَعَتِ الـ 14 دَوْلَة لإِدَانَةِ الدّولَةَ الصُّهيونيَّةَ عَلى اسْتِيطَانِهَا قَامَتْ أَمْريكَا باسْتِخْدَامِ حَقِّهَا الفيتُو للدِّفَاعِ عَنْ ابنِهَا الغَيْرِ شَرعيْ في حَقِّها في الاسْتيطَانْ .
إِيْرَانْ حَيَّت الثّورَة المَصْريَّة ، وَلَمَّا ثَارَ شَعْبُهَا يَومًا مَا قَاَبَلْتُهُ بِالأسْلِحَةَ النَّاريَة والدَّبَاباتْ والقَتْلِ والتَّعذيبِ والتَّنكْيلْ ، فَلِمَاذا مَصر وليْسَ إِيرَانْ .
إِنَّ شَعْبَ السُّعوديَّةَ سَيَثُورُ يَوْماً مَا – لا سَمَحَ الله – وَلَكِنْ لِيُحَافِظَ عَلى أَرْضِهِ وَقِيَادَتِهِ وَ وحدَتِهِ ، وَإِنْ حَاوَلَ البَعْضُ أَنْ يَدسَّ فِي ْمُجْتَمَعَاتِنَا مَا يَجْعَلُ رَوَابِطَهَا وَقَوَاعِدَها تَتَفَكَّكْ وَلَنْ يَسْتَفِيدَ أَوْ يُحَاوِلَ زَرع بَوَادِرَ الثَّوْرَةِ إِلا ثَلاثَةْ ، ثُلَّةٌ في الشّرقيَّةْ ، وَ أُخْرَى لِيبرَاليَّةٌ عِلْمَانيَّةٌ انْحِلاليَّةٌ تَغْريبَّيةٌ وَثَالِثَةٌ أُنَاسٌ أُسْتِغَلَّ جَهْلُهُم وَيُحَرِّكُ أَدْنى شَيءٍ عَوَاطِفَهُم .
إِنَّ كَلامَنَا هَذا لا يَعْني أَبَدًا أَنَّنَا رَاضِينَ تَمَامَ الرِّضَى عَنْ حَالِنَا ، وَ الكَمَالُ للهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وَلِكنَّنَا عَلى يَقينٍ أَنَّ مَفَاسِدًا سَتَتَرَتَّبُ أَكْثَرُ مِنْ مَصَالِحَها مِمَّا سَيُمَزِّقُ آِخِرَ مَعْقلٍ لِهَذهـِ الأُمَّةِ وَيُشَتِّتَهَا .
إِنِّيْ لأَتَمَنَّى وَاللهِ يَوْمًا لَنَا يَغْتَني فيهِ الفَقِير ، وَيَأمَنُ فِيهِ الخَائِفُ وَالضَّرير ، وَ يَسْعَدُ فِيهِ الصَّغيرُ قَبْلَ الكَبيرْ ، وَ يُطْلَقُ فيهَ الأَسيرُ ، وَشَرْعُ اللهِ فِيْنَا حُكْمًا عَلى كُلِّ شَيءٍ ، وَ لا لأَي دَوْلَةٍ حَقٌّ في الضَّغْطِ عَليْنَا وَالتَّحَكُمِ فِي شُؤونِنَا ، وَلَكنْ كُلُّ هَذا لَنْ تَخْلُقه الثَّوْرَاتْ وَلَنْ تُحَقِّقُهُ ، فَسَتَعُمُّ الفَوضَىْ ، وَ يَتَفَشَّى العِدَاءُ وَ البَلاء ، وَ يَقُودُنَا الضَّريرُ والأَعْمَى ، لَيْسَ غَيَاباً بِأهْلِ الفَضْلِ والخَيْرِ بَلْ لأَنَّهَا سِيَاسَةُ أَمْريكا .
أَمْريكَا تُنَاديْ بِالدِّيمُقراطيَّةْ ، وَلمَّا اَنْتَصَرَتْ وَفَازَتْ حَرَكَةُ حَمَاسٍ الإسْلاميَّةُ بانْتِخَابَاتٍ نَزيهَةٍ شَهِدَهَا العَالَمُ أَجْمَعْ ، دَكَّتْ حُصُونَهَا بِديمُقرَاطيَّتِهَا وَحَاصَرَتْهَا بِاسْمِ إسرَائيلْ ، وَضَرَبَت مَعْقِلَ صَدَّامْ لأَنَّهُ دِكْتَاتوريٌّ وَهِيَ التيْ كتَّفَتْ يَدْيهَا لَمَّا أَظْهَرَ الخَائِنُ عَمِيلهَا في العِرَاقِ دِكْتَاتوريَّتَهُ بِعَدَمِ القَبُولِ بِانْتِخَابَاتٍ لَيْسَتْ بِصَالِحِهِ .
مَنْ قَالَ أَنْ أَمْريكا تُريدُ حُرَّيَةَ الشُّعوبِ بِديمُقرَاطيَّتِهَا فِي حَيَاتِهِمْ وَمَنْهَجِهم وَعَقيدَتِهِمْ ، فَو اللهِ أَنَّهَا كذْبٌ مَحْضٌ وَافْتِرَاءْ ، فَأَمْريكَا سَعَتْ في الأَرْضِ الفَسَادْ وَأَهْلَكتِ الحَرْثُ والنَّسْل ، وبَعْدَ كُلِّ هَذا تُطَالِبُ بِمُحَاكَمِةِ البَشِير بِجَرَائِمَ حَرْبٍ وَمَنْ دَمَّرَ بَلَداً بِأكْمَلِهِ وَشَنَقَ رَئيسِهِ يَحْظَى بِتَكْريمِ لَدَى مُغَادَرَتِهِ قَصْرَ الرِّئَاسَةْ .
مَعْشَرَ حُكَّامَ المُسْلمينْ .. إِنَّ الأَمْنَ والأَمَانَ بِكِتَابِ رَبِّكُمْ ، وَ الحَلَّ بِإِعَادَةِ ثِقَتِكُم بِشُعوبِكُمْ ، والرّأفَةَ بِهِمْ والْتِمَاسِ حَوائِجِهِمْ ، و العَدْلُ بَيْنَهُم وَ مُرَاعَاةِ ضَعْفِهِمْ وَ قَسْوَةَ ظُروفٍ تُحِيطُ بِهِمْ ، فَأعينُوهم وَلا تُعِينُوا عَليْهِمْ ، فَلَنْ يَقِفَ مَعَكُمْ بَعْدَ اللهِ غَيْرَهُم – إِنْ أَعْطيتُموهم حَقَّهُمْ – وَإلا فَإنَّ أَمْريكَا لا يَهُمَّهَا العَظْمَ إِنْ خَلى مِنْ بَقَايا اللَّحْمِ بَلْ يَهُمَّا مَصَالِحَهَا ، وجِيرَانكم خَيْرُ عِبْرةٍ لَكُم .
هَكَذا بَدَتْ المُظَاهَرَاتْ السلميَّةُ المَزْعومَةُ في البَحْريَنْ :
قَالَ إِبرَاهِيمَ السَّكْرَانِ حَفِظَهُ الله :
مَا يَجِبُ أَنْ يَفْهَمَهُ صَانِعُوا القَرَار اليَوْمَ أَنَّ: " الأَمْنَ السِّيَاسِيُّ لأَهْلِ السُّنْةِ مُرْتَبِطٌ بِالأَمْنِ العَقدِيُّ لَهُمْ.. وَأتَمَنّى أَنْ لا يَأْتِيْ اليَومَ الذّيْ نَقُولُ فِيهِ : أُكِلْنَا حِينَ لَمْ نُقدر صَرْخَةَ نِمر النِّمر حَقَّ قَدْرِهَا"
إِنَّ الدَّوْلَةَ التي قَامَتْ عَلى الفِهْمِ الصَّحيح للكِتَابِ والسُّنْة ، لا تُهْدَمْ إِلا بِالجَهْلِ بِهِمَا .
نَسْأل اللهَ العَظيمَ بِمنِّ وَكَرَمِهِ أَنْ يَحفَظَنَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَفِتْنَة ، وَيَحْفَظَ أَمْنَنا واسْتِقْرارَنَا وَيَكْفينَا شَرَّ مَنْ بِهِ شَرٌّ عَلينَا بِديننا وَحيَاتِنَا وَأمْنِنَا وَاعْرَاضَنَا
إِنْ صَوَابًا فَمِن اللهِ وَإِنْ خَطأَ فَمِنْ نَفْسي والشَّيْطَانْ
دُمْتُم بِحِفْظِ الرَّحْمَنِ وَرِعَايتهِ
__________________
إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!
يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
|