بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حرية التعبير والإبداع ... تجاوز «المقدسات» أم كبت «الحريات»

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 23-04-2002, 09:28 PM   #1
azoz
عـضـو
 
صورة azoz الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2002
البلد: عشت حمام
المشاركات: 70
حرية التعبير والإبداع ... تجاوز «المقدسات» أم كبت «الحريات»

حرية التعبير والإبداع ... تجاوز «المقدسات» أم كبت «الحريات»




حرية التعبير .. هذه المفردة بقدر ما هي مقدسة عند البعض، بقدر ما هي مبتذلة على لسان الكثيرين .. الإشكالية أن غالبية التيارات والتوجهات والحركات والأحزاب تدعي حرية التعبير وتنادي بها وتريد إضافتها إلى رصيدها النضالي كمطلب واجب التحقيق.
ولكن ما حدث مؤخرًا في عدة محطات .. مصر، والكويت، لبنان، إيران يعطي دلالة واضحة على أن الإشكالية لا زالت قائمة. وأن هناك مساحة واسعة من الخلاف في فهم دلالات وحدود هذا المصطلح، وأن هناك تجاذبات حادة تتزعمها مدرستان. ليبرالية وإسلامية.
يقول صادق جلال العظم: إن سلمان رشدي صاحب رواية الآيات الشيطانية لم يفهم كما يجب، وأن له الحق في أن يقول رأيه بحرية .. ويقول كاتب إسلامي إنه يجب تصفية كتب التراث مما وجد بها من كلمات وألفاظ مبتذلة وأبيات شعرية غير لائقة. مما يعني أن هذه التصفية ستأتي على غالب كتب الأدب ودواوين الشعر وربما بعض كتب التفسير والفقه أيضًا.
هذه الجدلية تكشف أن هناك تمايزًا ظاهرًا في أطراف كلا الفريقين. كما أن هناك تقاربًا محدودًا بين فئات أخرى منها.
يقول بعضهم .. لم هذا الحد والكبت لحرية الإبداع والتعبير ومحاولة وأد كل المشاريع الأدبية الرائدة؟ الإبداع لا يعيش إلا وهو يتنفس الحرية بمليء رئتيه، ويتضاءل ويخبو في أجواء المصادرة والتضييق والإلغاء لحرية الرأي وحرية الكتابة وحرية المعرفة .. وفي زمن الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة ألم يكن يتاح للأدب والشعر من الكلمات، والأوصاف والتعابير ما لا يتاح لغيره؟ لماذا يزايد الإسلاميون بعضهم البعض على وأد مناخ الحرية وتعقب كل من ذكر كلمة أو جملة أو وصفًا لا يروق لهم، حتى لو كان خطـأ غير مقصود من قائله؟ ثم يفهمون النصوص والمقاطع كما يحلو لهم ويحملونها على أسوء محمل، ويقومون بتهييج الشارع الإسلامي وحشد البسطاء وكأنهم الوكيل المعتمد والوحيد لفهم الشريعة ومقاصدها.
أليس هناك قصور واضح في فهم طبيعة الأدب؟ حيث يحمل كاتب الرواية تبعة كل ما تقوله شخوص الرواية التي هي بطبيعتها متنوعة. فشخوص ماركسية وأخرى ليبرالية وأخرى إسلامية، كلٌ يتحدث في الرواية من منطلقه وقناعته وعقائده. ثم أليست هذه الشخوص المتضادة هي انعكاس حقيقي لواقع كثير من المجتمعات الإسلامية في عقود مضت؟
ألا يمارس كتاب الرواية الإسلاميون نفس اللعبة؟ حيث رواياتهم مليئة بشخوص شيوعية وقومية وليبرالية تتفوه بكلمات تضج بالإلحاد والكفر ورفض الدين؟ أليست المسألة كيلاً بمكيالين؟
ثم لماذا ينادي الإسلاميون بالحرية في كل مرة يمارس التضييق عليهم والحد من حركتهم في حين أنهم ما فتئوا ينادون بكبت حرية التيارات الأخرى والتضييق عليها ورفع دعاوى قضائية على بعض أفرادها مدعين في كل مرة أنهم يخالفون ثوابت الشريعة ومستقرات الدين دون احترام لتعددية القناعات وتنوع الآراء؟ أليست القاعدة الإنسانية تقول «لا حرية لأعداء الحرية»؟
لكن البعض الآخر يقول: في الوقت الذي تمارس فيه عدد من التيارات تقديسًا لمصطلح «الحرية» القابل للفهم بأشكال متعددة ومن زوايا كثيرة، وتنادي بأن «لا حرية لأعداء الحرية» هي تضن على الإسلاميين أن يعاملوا ثوابت شريعتهم الربانية بقدسية واحترام. وأن يرفضوا كل إلغاء أو تعدٍ وتجاوزٍ لها في مجتمعات هي إسلامية بالجملة.
ثم لم هذا التهييج لمشاعر المسلمين وإثارة غضبهم بالكلام على عقائدهم ومقدساتهم؟ وهل انتهت كل مساحات الحرية ولم تبق إلا دائرة المقدسات والثوابت على محدوديتها؟
ولم هذا التضييق الممجوج لمفهوم الإبداع وقصر مناطقه الواسعة ومجالاته اللامتناهية في قمقم محدود ودوائر ضيقة محورها الوحيد الإساءة لدين الأمة وعقيدتها؟ أين الإنسانية المعذبة في كل مكان؟ وأين كرامة المسلمين التي تنتهك ودماؤهم التي تسيل وتشريدهم ومعاناتهم في مناطق واسعة من العالم؟ هل تجد هذه المعاني مساحة في صفحات كتبهم ورواياتهم؟
ألا يمارس هؤلاء كذلك تهييجًا من نوع آخر هو أكثر تأثيرًا وأمعن في التشويه؟ وهو تهييج وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية التي ما تفتأ تتلمس أي خرق لحرية التعبير ـ بمفهومهم ـ يمارسه الإسلاميون، بينما هي مطبقة في الصمت تجاه اختراقات لا تحصى للحرية والكرامة والإنسانية تمارسها بعض السلطات والحكومات؟
لماذا يطالبون بحقهم في فهم الشريعة وهم لا يملكون أبسط آلياتها بينما يضنون على الإسلاميين أن يفهموا الحرية بمنظارهم ووفق رؤيتهم وشريعتهم؟
ثم هل هناك حرية مطلقة للإبداع؟ والغرب نفسه تجاوز هذه النظرية وهو اليوم يعيش نظرية المسؤولية الاجتماعية التي تؤمن بأن لا حرية مطلقة للإنسان. ثم هو نفسه يمارس بين فينة وأخرى قمعًا لحريات بسيطة وشخصية كحرية التعليم مع لبس الحجاب للفتيات، وحرية باحث جاد وشهير كجارودي في أن يدرس حقيقة المحرقة النازية بعلمية وموضوعية، وحرية مناهضة الصهيونية ورفضها؟ أم أننا في عالمنا العربي نستورد فقط نفايا اليمين واليسار وحثالة الشرق والغرب؟



بعض دعاة الحرية ينادون صراحة بفوضى « بهيمية»


لقد خلق الله الخلق أحرارًا بمعنى أنهم قادرون مختارون في حدود إمكانياتهم البشرية وقدراتهم الذاتية ومن ذلك حريتهم في التعبير عن أفكارهم وآرائهم وهذه الحرية المعطاة للإنسان في أصل خلقته التي تعني أنه ليس مجبرًا على تصرفاته ولا مكرهًا عليها ولكن هذه الحرية لها من الضوابط وعليها من القيود ما يجعلها منسجمة مع طبيعة الإنسان وفطرته ويدفع عن هذه الحرية ما يحولها إلى فوضى حيوانية بهيمية فهي حرية مسؤولة وجوانب هذه المسؤولية وضوابطها تتلخص في الآتي :
1 ـ الفطرة البشرية السوية التي فطر الله عليها الخلق والتي تحافظ على القيم البشرية المشتركة بين الناس وبها يستقيم أمر الحياة في ضروراتها كحد أدنى لحفظ الوجود البشري المتميز الذي به تعمر الأرض والفطرة البشرية أمر غريزي ضابط للنشاط الإنساني بصورة تلقائية وليس من الحرية المطلوبة دعم الشذوذ النادر على هذه الفطرة الغالبة في حياة الإنسان وإلا لكان مطلب الحرية المزعوم نقيضًا للوجود الإنساني في الحياة فكيف بدعوى الحفاظ على حرية الإنسان نلغي وجود الإنسان بالكلية.
2 ـ القيم الاجتماعية المتعارف عليها في أي مجتمع مما يعطي لكل مجتمع خصوصياته التي يتميز بها والتي تنبثق منها نظمه وقوانينه وأعرافه وسلوكه وأخلاقه والتي تقوم في الأصل على عقائد ذلك المجتمع وفلسفته التصورية لعالم الغيب وعالم الشهادة والعلاقة بين الإنسان والكون والحياة.
وهذا يعني أن أي مجتمع من المجتمعات البشرية له ثوابت وقيم عقائدية وقانونية وسلوكية وأخلاقية تعتبر حدودًا أو قيودًا أو خطوطًا حمراء لأية حرية من الحريات بما في ذلك حرية التعبير وأي ادعاء غير ذلك فإنما هو هراء لا حقيقة له أو هو دعوى إلى الفوضى الاجتماعية التي لا تقوم معها حياة ولا يستقيم معها عيش وإذا لم يسلم بذلك فلا يمكن أن يوجد نظام ولا قانون ولا قيم ولا أخلاق، وبعض دعاة الحرية المطلقة ينادون صراحة بهذه الفوضى الحيوانية البهيمية كما يقول غلاة الحداثة الذين ينادون بالهدم المستمر المتجدد لكل شيء في الحياة بدءًا بالعقائد والتصورات وانتهاء بأساليب التعبير ومرورًا بالنظم والقوانين والأخلاق والسلوك.
وهذا بلا شك مطلب غير ممكن ولا واقعي بالإضافة إلى أنه في الحقيقة مرفوض من جميع شرائح الناس حتى من ينادون به مكايدة أو هلوسة.
3 ـ حقوق الأفراد الآخرين سواءً كانت هذه الحقوق حقوقًا معنوية مادية وما لم نقل بهذا الحد والحق للحرية فإن ذلك يعني احتدام الصراع وذهاب النفوس وإهدار الدماء والأموال وضياع الكرامة والأعراض، ولذلك كان الشعار المعروف «تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين» سواءً كان هذا الآخر مجتمعًا أو فردًا.
وبالتالي فجميع الإبداعات الفكرية من أدب وثقافة لابد أن تلتزم بهذه الحدود والضوابط للحرية بل كل نشاط إنساني وهذا هو الواقع وإن زعم البعض أنهم يخالفون ذلك فليس في الدنيا مجتمع يعطي هذه الحرية المطلقة بل حتى من ينادون بها هم يخالفونها في التعامل مع مخالفيهم فتبقى دعوى الحرية المطلقة دعوى خيالية وهمية لا يقبلها العقل بل يرفضها الواقع.
__________________
[l]قاطع [/l]
: 12 : 12 :S :S : 12 : 12
[gl]عزوز كسر البزبوز يا ويله من العجوز[/gl]
azoz غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)